احمد منصور: مجتمعات الجواسيس ؟ !!
فقد صنعت معظم الأنظمة الأستبدادية مجتمعات للجواسيس والخوف كل الناس فيها تتجسس علي بعضها البعض وعشرات الأجهزة الأمنية كل منها يتجسس علي الآخر ، وأذكر حينما سقطت العاصمة بغداد وهجم الناس علي المراكز الأمنية فوجدوا التقارير التي كان يكتبها الجواسيس عنهم فاكتشفوا الأهوال وكانت الأزمات الكبري التى أدت إلي حالات انتقام كبيرة هي أن يجد الرجل ابنه أو زوجته أو ابن عمه أو جاره يتجسس عليه
ولازلت أذكر أحد شيوخ العائلات في سامراء فى العراق وقد أخبرني أنه حبس ابنه عدة أيام فى إحدي غرف البيت حتى يمنعه من قتل جاره بعدما اكتشف أن جاره هو الذي كان يكتب فيه التقارير التى أدت إلي سجنه عدة سنوات فى سجون صدام حسين ، أما أحد وجهاء بعقوبة فقد أخبرني أنه حينما سقطت العاصمة بغداد واقتحم الناس مقار الأجهزة الأمنية طلب من أحد أقاربه من بغداد ألا ينام حتى يأتيه بالملف الأمني الخاص به ،
وبالفعل جاءه به عند الساعة الواحدة ليلا فقال لي : لم أنم حتى اطلعت علي كل ما فيه وليتني لم أطلع عليه ، فقد اكتشفت أن أقرب الناس لي وهو الطبيب الذي كان يعالجني وكنت أذهب له بانتظام كل أسبوع هو الذي كان يكتب معظم التقارير ضدي علاوة علي بعض الجيران والأقارب ، لقد صدمت بتلك التقارير المكذوبة التى جعلتني أقضي أجمل سنوات عمري فى سجون النظام .
الأمر نفسه كان فى سورية فقد كنت أخضع لرقابة شديدة من نظام بشار الأسد حينما كنت أذهب للقيام بعملي وكنت أعلم ببعض من يرصدون حركاتي ، لكن المشكلة كانت فى أن بعض الشخصيات المحترمة التى كنت أعرفها كانت تعاني من هواجس ومخاوف من يرقبون حركاتهم وسكناتهم بالليل والنهار ممن يعملون معهم أو حتى من أصدقائهم ومعارفهم ،
وأذكر أنه بعد سقوط طرابلس ذهبت من القاهرة فى طائرة تابعة للأمم المتحدة حيث كان الطيران المدني لا يسمح له بالذهاب ، حتى أني دخلت وخرجت من مطار طرابلس دون أختام علي جواز سفري حيث كان هناك شيء من الفوضي فى البلاد ، وزرت أماكن كثيرة كان من بينها المقار الأساسية للأجهزة الأمنية
وأذكر أن أحد الأصدقاء الليبيين الذين قضوا سنوات فى سجون القذافي كان يرافقني حيث كانت الزنازين في كل مكان وفي كل الأجهزة الأمنية وبينما كنا فى مقر المخابرات الذي كان يديره عبد الله السنوسي والذي كان قد قصف من طائرات التحالف كانت الأوراق والملفات متناثرة فى كل مكان ،
وحينما ابتعدت عنه لتصوير بعض الزنازين عدت فوجدته يمسك بيده كتابا وترتسم علي وجهه بعض علامات الأسي والألم ، قلت له : ما هذا ؟ فدفعه لي دون أن يتكلم فنظرت فيه فوجدته يضم حوالي ألفا من أسماء المخبرين عملاء الأستخبارات فى كل أنحاء ليبيا ، ممن يتجسسون علي الناس وينقلون أخبارهم كل شخص باسمه ورقم هويته ومدينته أو قريته ،
فقلت له : هذا كنز عظيم ، فقال : ليتني ما وجدته ، قلت له لماذا ؟ قال : لقد اطلعت بشكل سريع علي المخبرين فى الحي الذي أعيش فيه ، فاكتشفت أن بعضهم من أقاربي ومعارفي وبينهم ابن عم لي كنت أعطف عليه وأساعده لكني اكتشفت الآن أنه هو الذي تسبب فى وجودي فى السجن أكثر من عشر سنوات ..
أحمد منصور
كداااااااب