بلدية أمدرمان: بين نخلة عبود والساعة الماسورة 1-2
بعد أن تاهت المعلومات
نسبة لقِدم مبناها، فقد طالته اليد بالترميم والتغيير في بعض المكاتب خاصة الجزء الجنوبي منها، ونقلت المكتبة على إثرها إلى خارج المبنى العتيق، وأنشأ مركز الإعلام محل الظبطية (سابقاً)، التي تجاور المشتل الذي تحول هو الآخر لباحة بها مقاعد متناثرة كمحطات الانتظار تماماً، تاهت بعض المعلومات التوثيقية والإرشيفية للبلدية وغاب عن مكتبها الإعلامي المعلومات التي تخص البلدية، ولم أجد أمامي سوى مؤرشف البلدية الشفهي جبريل أحمد النور الذي شارك في وضع حجر أساس محلية أمدرمان (البلدية) سابقاً ليروي لنا تفاصيل إنشاء المحلية والتطورات التي طرأت عليها والمعتمدين الذين اعتلوا كرسيها.
طوب مخلوط بالجير
أشار جبريل إلى أن محلية أمدرمان لم تكن موجودة في هذا المكان، بل كانت في مبنى الأراضي الحالي، وكانت مساحتها عبارة عن بيداء تحتوي على شجر (لالوب وجميز)، حول فيما بعد لمشتل المحلية ثم شيدت عليه مبانٍ فيما بعد.
وفي العام (1952)م أنشئت المحلية، على يد الإنجليز بالطوب الذي المخلوط بالجير. وقال جبريل إن هذا النوع من الطوب يتحمل الكسر والتشكيل، وتم تصميمها بشكل أفقي، يعلو بعدد من الطوابق عبارة عن ممرات طويلة تمتد بطول المبنى. وتابع: لم تقسم المحلية إلى مكاتب إلا في فترة المحافظ عبد القادر محمد زين، الذي فصلها بالخشب وسقفها بالسقف المستعار.
تعديلات وتبديلات
ذكر جبريل أن عبدالقادر اختار قاعة الاجتماعات مكتباً له، إلا أن الفاتح عز الدين عندما عين محافظاً للبلدية أعاد الوضع إلى حالته الأولى وجعل قاعة الاجتماعات مكتباً للمعتمد بعد أن أجريت عليها عمليات الصيانة.
وتابع قائلاً بعد أن شيدت البلدية طلب الفريق عبود من الشؤون الهندسية التابعة لها سفلتة شارع الأربعين، وشارع الثورة بالنص (شارع لومبا) سابقاً نسبة للزعيم الأفريقي الراحل لومبا، بالإضافة إلى شارع الموردة حتى بوابة عبد القيوم، وأمر بحفر المجاري التي تتوسط الثورة وتمتد من زقلونا إلى مصبها بالنيل، مشيراً إلى خلو مدينة أم درمان من المباني إلا من بعض المباني الكبيرة.
معتمدون وإنجازات
تغير المظهر الخارجي للبلدية بعد إجراء عمليات الصيانة. وأكد جبريل ما حدث من تغيرات في مظهر البلدية الخارجي، بالإضافة إلى تحديث الأثاثات والأبواب التي صنعت من الأخشاب الثقيلة، التي صنعت في عهد الإنجليز بأخرى من الحديد، بعد المظاهرات التي قام بها الطلاب، فضلاً عن إضافة مساحة أخرى زادت من مساحتها، وقال حتى الاسم لم ينج من التغيير والتحديث الذي شمل البلدية، فقد تغير الاسم في بادئ الأمر من بلدية أم درمان إلى مجلس المنطقة الغربية أم درمان، ثم إلى مجلس البلدية ومحافظة أم درمان بعد أن كانت الخرطوم هي المحافظة الوحيدة في ذلك الوقت. وأضاف: وبتغير اسمها تغير شاغلو منصب المحافظ، فكان أحمد إبراهيم علقم أول محافظ لبلدية أمدرمان، في الفترة من (1991 1993)م، ونال لقب (شيخ العرب) لتواضعه ومعاملته الحسنة مع الموظف والعامل على حد سواء، شغل المنصب بعده محمد فضل واستمر فيه حتى عام (1995)م، ثم العميد ركن الصادق محمد سالم من أبناء بت المال الذي تولى المنصب إلى العام (1997)م، وكان مسؤولاً عن التجميل بالمحلية وقتها، خلفه محمد الجميعابي حتى عام (2000)م، ومن أبرز إنجازاته منظمة (أنا السودان) التي كانت تقدم المساعدات داخل الأحياء، وبعده تولى عبدالملك البرير أمر المحافظة، فكان أصعب المحافظين الذين تعاقبوا على المحلية نسبة لتعامله الرسمي أثناء العمل، وكان متسلطاً شديد الحرص على الحضور والاجتماعات معاً، فوضع كاميرات مراقبة للشارع ولقاعة الاجتماعات، فجعله ذلك أميز المحافظين الذين تعاقبوا على المحافظة قبل تصعيده للمجلس التشريعي. وتابع جبريل حديثه وقال: بالرغم من ذلك فإن عبدالملك كان متفانياً في عمله، فقد كان يقضي معظم يومه في المحلية، وفي بعض الأحيان يقضي فيها ليالي، فاشتهر بعشقه للقهوة وإجادة الطبخ.
وفي العام (2003)م تغير المنصب من محافظ إلى معتمد وعين عبدالقادر محمد زين أول معتمد لمحلية أم درمان حتى العام (2005)م، لكن دوام الحال من المحال، فقد تغيرت الصفة مرة أخرى إلى مشرف إداري في أثناء فترة الفاتح عز الدين لعام واحد فقط، لترجع إلى معتمدية مرة أخرى واستمر فيها حتى عام (2009)م، أنشأ في تلك الفترة المركز الإعلامي وعدد من المشاريع منها حفر خور أبوعنجة وتطوير السوق الشعبي، ثم تولى المنصب بعده الشيخ بشير أبوكساوي حتى (2011)م، ومن ثم الفريق شرطة أحمد التهامي حتى ديسمبر (2013)م، وأخيراً معتمد أم درمان اليسع صديق التاج.
نخلة وساعة ماسورة
وبما أن محلية أمدرمان أحد رموز العاصمة الوطنية، هناك معالم خالدة لازالت موجودة بمحلية أم درمان، وقال جبريل إن (نخلة عبود) التي شتلت في عام (1959)م إحداها، عندما جاء الرئيس الحبشي هيلاسلاسي في زيارة إلى السودان، وعندما علم الفريق عبود بالزيارة أهدى المحلية نخلة، شتلت في الناحية الشرقية منها، ظلت شامخة حتى الآن، وبالتحديق عالياً اتجاه الغرب تلمح عقارب ساعة المحلية التي نصبت في العام (1954)م التي كانت ترن مع ساعة الإذاعة في آن واحد.
نواصل غداً بقية قصة الساعة الماسورة
أمدرمان: درية منير
اليوم التالي
خ.ي