مصطفى الآغا

“وطني” بين معترضتين !


[JUSTIFY]
“وطني” بين معترضتين !

يوم الثلاثاء 31 /12 / 2013 كان يوما غريبا وعادياً هنا في (دبي)..

غريباً لأنه منذ الظهيرة والشوارع مُختنقة بالسيارات، ليس وقت خروج الموظفين أو ساعة الغداء أو قبل سهرة رأس السنة فقط، بل في كل الأوقات التي باتت في هذه المدينة التي لا تنام.. ساعات ذروة.

أما المحال والمولات والمجمعات التجارية فبدت لي وكأنها تشهد غزوا بشريا على كل محتوياتها مهما كانت هذه المحتويات..

وبما أن الطقس كان جميلا لهذا شهدت الشوارع أيضا حركة «مشي» غير اعتيادية، لأننا في هذا الجزء من العالم نمشي ضمن الأماكن المغلقة ولا نمشي في الهواء الطلق إلا في أشهر نوفمبر وديسمبر ويناير وربما فبراير..

ورغم غرابته كان المشهد «عادياً»، لأنني أسكن في مدينة يعيش فيها حسب علمي، وقد يكون علمي خاطئاً، أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، ويزورها أكثر من عشرة ملايين، وفي الأعياد والمناسبات يمكن أن يصل سكانها إلى خمسة ملايين وربما ستة، وتحوي 209 جنسيات، ومن حق الجميع أن يقرروا بأي طريقة وأي مكان سيودّعون فيها عاما من حياتهم..

وما بين الغريب والعادي كنت أشعر أنني خارج المكان وخارج الزمان، ليس لأنني أنتمي للفضاء الخارجي، أو جئت لهذه الدنيا من كوكب زحل أو المريخ، بل لأن الضحكة «الحقيقية» تاهت عن شفاهنا في 2013 وما قبله، ولأن البوصلة كلها ضاعت وهي تبحث عن وطن يئن تحت وطأة الدم والنزوح واللجوء، ضمن ما كنا نعرفه يوما «وطن جميع أبنائه»..

ومع كل مشهد نراه وتجربة نمر بها وألم يزورنا.. صار من الصعب أن نفرح، وصار من المستحيل أن نُعايد شخصا لم يخسر روحا أو بيتا أو أرضا، لهذا كانت الوجوه متجهمة ما بين مغادرة 2013 ووصول 2014 رغم أنها ساعة رمزية لا أكثر، إلا أنها تفصل بين زمنين؛ زمن نريد أن ننساه، وزمن نريده أن ينسانا..

والمضحك المبكي في آن واحد أنني وبعدما كتبت هذه المقالة التي أتعبتني جدا، ليس لأنني عاجز عن انتقاء كلماتي، بل لأنني عاجز عن وصف مشاعري وتقدير حالة لست وحدي من يُشارك فيها ويصنع أحداثها، وإن كنت حتما أحد ضحاياها.. بعد أن كتبتها انقطعت الكهرباء بسبب عطل منزلي، ففي دبي لا نعرف ماذا يعني أن تنقطع الماء أو الكهرباء، أو يفتقد رغيف الخبز أو الأمن والأمان.. فهنا سخروا من المستحيل وجعلوه مجرد كلمة يفكر فيها العاجز عن صياغة التاريخ، بينما نحن جعلنا دماءنا.. حبر تاريخنا ومحتواه وحكايته في وطن تاه «بين مُعترضتين».

كل عام وأنتم تتابعون الأخبار ولستم محتواها..
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]