سياسية

البحث عن أطباء: حوادث وطوارئ “الحكومية”.. معاناة وإهمال

[JUSTIFY]أُصيب بضيقٍ مُفاجئ في التنفس، نقله أبناؤه إلى الحوادث على عجلٍ لإسعافه، وعلى بوابة المستشفى فقد الوعي، تكالب الكل عليه، كانت أسرَّة العنبر كلها مشغولة، فاضطر لقضاء ما يقارب الساعة دون أن يمر عليه أحد، تضجر أهله وافتعلوا المشاكل وبعد نقاش دامٍ وملاسنات جاءت إحداهن تمشي متبخترة تتمهل وتتمايل ذات اليمين وذات اليسار، إلى أن وصلت إليه وجدت روحه فاضت لبارئها لترمي عليهم بجملة واحدة لا تزيد (الزول ده مات البركة فيكم)، فجأة صرخ أهله وبدأ العويل لينتهي بمشاجرة ما بين الإهمال وانتهاء اليوم.

جل المستشفيات باتت تعاني وربما تفتقر لطاقم طبي كفؤ خصوصا في دوام المساء، اتهامات تطال كل من يعمل في المساء، ابتداءً من الحرس مرورا بالأطباء والمعمل الذي يصبح محط شك الكثيرين من المرضى الذين يفضلون الفحص الخارجي للتأكد من صحة النتيجة تحسبا من اختلاط الفحوصات التى يبني عليها الطبيب تشخيصة وصرف الدواء، ربما تعاني الحوادث من اكتظاظ المرضى، وهذا لا يدل على أن عدد الأطباء لا يوازي عدد المرضى، بل هناك نوع من التجاوزات التي تحدث داخل بعض منها خصوصا في الليل بعد أن تخلو المستشفيات من الاختصاصيين والإداريين والمديرين الطبيين، وتصبح مجرد (شختك بختك)، وقتها يسيطر أطباء الامتياز على الوضع ويهملون المرضى، يتعاملون معهم باستخفاف حتى ولو كانت الحالة مستعجلة، لذلك يهجر كثيرون العلاج في المستشفيات الحكومية للحفاظ على سلامة أنفسهم وأموالهم.

استخفاف ممرضين

يحكى أنه كان يعاني من كسر في الساق إثر حادث مرور قدر له ليلاً ليحمله القدر وأصدقاؤه إلى حوادث أمدرمان تسطح نحو الساعة على نقالة لا تصلح لنقل أسطوانات الأوكسجين، تصدر صجيجاً يعم الصالة، بعد أن شارف على فقد الوعي من فرط الألم أتت نحوه إحدى ملائكة الرحمة لتبدأ بالكشف عليه وما يطلب منه من فحوصات وكشوفات للتأكد من سلامته. يقول سامي أبوبكر إن أسوأ مدة مرض مرت عليه هي التي قضاها في تلك الحوادث والتي عانى فيها كثيرا، مضيفاً: كنت أعاني من كسر في ساقي، فما علاقة فحص الدم والبول بالكسور، فهي لم تطلب صورة أشعة لكسر، مبررة بعبارة “أي ده كسر بنجبصو بس اعملوا لي الفحوصات دي أول”، وكأنما هي بصيرة وليست طبيبة، وقتها تخدر جسمي من تفكيرها وليس من الألم الذي ينخر في جسمي. وأورد سامي بعد أن شارف الصبح على البزوغ، وبعد حقني بمسكنات لم تخطرني ملكة الرحمة أن دوامها قد انتهى، وأن هناك من يناوب بدلا عنها ليرفض الطبيب الآخر استلام النتائج والفحوصات ليقرر ماذا سيفعل بي، ويكتفى (البيشن المتابعهم معينين مافي زمن اجزوا برا) لنحاول رحلة البحث عن مشفى آخر وتكاليف أخرى وفحوصات شاملة، ويرد سامي بسخرية من أراد أن يؤتم أطفاله ويرمل زوجته، فليبحث عن علاج في حوادث المستشفيات ليلا.

في الحالتين الوضع واحد

من ناحية أخرى، تقول دعاء كمال دكتور بالسلاح الطبي إن أكثر ما تعاني منه المستشفيات والحوادث ليلاً في الممرضين، فالتمريض في الكثير من المستشفيات سيئ للغاية، كثير منهم لا يهتم بالمرضى ليضطر الممارض أن يبحث عنه في الإستراحات، فأصبحت الحوادث في وردية الليل مصدر ضجر وقلق للمرضى. وأضافت من الضروري أن يكون هناك ممرضان وطبيبان عموميان على الأقل في الحوادث يتناوبون في ما بينهم لضمان سلامة المرضى بدلاً عن (الجهجهة) التي تعتريهم ليلاً، مشيرة حتى في حالة تسليم الوردية للطبيب أو الممرض المناوب يجب أن يخطر المرضى لمعرفة حقوقهم. وكشفت دعاء عن أن هناك حالات تنتظر الطبيب حتى الصباح مثل الباطنية، فمعظم الحوادث لا يتوفر فيها غير الجراحين أو نواب الاختصاصيين لدرء الحالات المستعجلة كالعمليات والحالات الخطيره. وأوردت دعاء أنها قضت مدة عمل متباينة ما بين العاصمة والولايات وقارنت الأوضاع ما بينهم، فالمستشفيات في العاصمة يتوفر فيها معظم متطلبات السلامة والإسعافات وتنتقص للطاقم الطبي.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]