رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: انفجر ضاحكا من ثورتي وقال (خلاص يا زولة خليك مع شايك )

احب شرب الشاي بكل انواعه . …ويعتبر الشاي احد الاساسيات التي أبدأ بها يومى وينتهي ..فانا أشربه في اوقات متكررة ليلا او نهارا… وقد اتى على حين من الدهر ..لم اكن اعتقد ان هناك من لا يشرب الشاي ..دعك من الا يطيقه..وكنت انظر الى من يرفض دعوة لشرب كوب شاي ..كمن به مس من الجنون.. او انهم جزء من كائنات فضائية تعيش في كوكب اخر … وظللت على هذه الحالة حتى تعرفت بالرجل الذي أصبح زوجي ووالد اطفالي ..فاذا به لا يشرب الشاي ولا يتعاطى اي نوع من المنبهات..واعتقد ان تلك الطرفة المتعلقة بذلك الشخص الذي لا يتناول المنبهات فقال له احدهم ساخرا بأن رأسه قد صنع لربط (العمة) اعتقد ان تلك الطرفة قد صممت لزوجي الغالي . حرص زوجي منذ بداية زواجنا على (الزن) على أذني بخطر المكيفات وان الانسان يصير عبدا لتلك المواد ..وظل يضرب مثلا بتلك الحالة التي تعتريني عندما اكون بعيدة عن بيتي ولا اتمكن من شرب كوب من الشاي في موعده المعتاد ..وظللت (كاتمة في قلبي وساكتة) ..فمقصده اكيد خير.. ولكن حدث موقف جعله يستسلم وينفض يده من محاولة ارجاعي عن شرب الشاي ..ذلك اننا كنا نستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم ..وعادة اقوم بمحاولة تدريب نفسي على تغيير موعد كوكب الشاي الصباحي قبل صلاة الفجر حتى يتزامن مع وقت السحور ..قبل يوم من رمضان وكان هو عائدا من صلاة الفجر ..وجدني جالسة وبجانبي كوب الشاي الذي شربته قبل الصلاة ..فقال لي (ياخي انا عندي ليك فكرة ..انت ما تنتهزي فرصة رمضان دا وتحاولي تخلي الشاي دا نهائي )…لم أشعر بنفسي الا وانا أقول بحدة (يا خي انا بتعاطى مخدرات!!! ..شنو هو أصلو ..كيف يعني أخلي الشاي …ووووو) لا أذكر بقية الحديث ولكني أذكر انه انفجر ضاحكا من ثورتي وقال (خلاص يا زولة خليك مع شايك ) ..ولم يعاود الكرة مرة اخرى . انا بدوري لم احاول ابدا ان اتنازل عن الشاي وبدلا عن ذلك اتخذ عدة احتياطات عند خروجي من منزلي مساء ..ان كنت ذاهبة لاناس بيني وبينهم ميثاق ( معرفة وثيقة) فانني اذهب وفي بطني (بطيخة صيفي) فمعنى ذلك انهم يعرفون حبي للشاي باللبن (صاموطي)..وان كانوا اناس من المؤلفة قلوبهم ..أي حديثي معرفة باسرتي ..أشرب (شايي) من بيتي ثم اتحرك وانا اردد قول أبي رحمه الله (تطلع من بيتك حزين ..تلقى الفرح وين)..ربما لهذا السبب احمل تقديرا خاصا لبائعات الشاي اللاتي قمن بتوفير هذه الخدمة الضرورية في كل منحنى ومرتفع ومنعطف وشارع ..ربما لهذا السبب اتالم لكل كشة او تغول من السلطات على أؤلئك المكافحات الصابرات في صمت وهن يحاولن ايجاد لقمة عيش بشرف في ظل هذه الظروف الصعبة ورغم ذلك تطاردهن اللعنات وسوء الظن . اليوم ارفع القبعة تحية لهن …ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر…فقد وصلت الى مكتبي الذي يتواجد بالطابق الثالث بالمعمل و(لا يوجد مصعد) فاصبحت معلقة بين السماء والارض …واكتشفت ان مؤونتي من الشاي قد نفدت …أسقط في يدي ..و(اغمن عليا) …ووجدتني اردد بلا وعي تلك الاغنية التراثية (يا يمة سيبيني ..الجراري راجيني .. …براد ما بكفيني ..القريافو راميني )..وووصباحكم خير

د. ناهد قرناص