رأي ومقالات

مزمل ابو القاسم : الرئيس في الشمالية

* انتهت حرب الجنوب التي اشتعلت في بواكير العام 1955، وحصلت على لقب (أطول حرب في القارة الأفريقية) قبل أن تضع أوزارها باتفاق نيفاشا الشهير، وينتقل منها اللقب القبيح إلى الحرب المجنونة التي تدور بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا.
* اندلعت تلك الحرب قبل قرابة نصف قرن من الزمان، وأفنت الآلاف من أبناء القبيلتين، وجرحت أضعافهم، وشردت عشرات الآلاف، وأحالت حياتهم إلى جحيم لا يطاق.
* عشرات المعارك الطاحنة، دار رحاها في أبو كارنكا والتيت والقرضاية والمجيلد وأبو جعاب والصحب ودار السلام والمعقرات وبخيت وأم راكوبة، ولم تجد من يداويها، ليبسط السلام بين الإخوة المتحاربين على ملكية أرضٍ بمقدورها أن تسعهم جميعاً بلا نزاع.
* بسبب الحرب المذكورة تهتك النسيج الاجتماعي، وتلاشت هيبة السلطة في ولاية شرق دارفور، وتوزعت الهيمنة على المحليات بين أبناء القبيلتين المدججين بالأسلحة، الخفيف منها والثقيل.
* شهدت المعارك الأخيرة استخداماً مفرطاً لأسلحة ثقيلة، أثار دخولها على خط النزاع الأرعن العديد من علامات الاستفهام، لأن الواقع يشير إلى أن مثل تلك الأسلحة يجب ألا تقع في أيدي المدنيين، وأن ملكيتها ينبغي أن تظل حكراً على القوات النظامية دون غيرها.
* أي حديث عن بسط هيبة الدولة وإعادة الاستقرار وتنمية مناطق ولاية شرق دارفور من دون إقرار صلحٍ كاملٍ وشامل بين الرزيقات والمعاليا يصبح تحصيل حاصل.
* لذلك نناشد السيد الرئيس أن يرعى مؤتمر الصلح الذي ستستضيفه حكومة الولاية الشمالية في مدينة مروي يوم غدٍ الأحد، بمبادرة كريمة من والي ولاية النيل والنخيل، والتي أثبت قوميتها وريادتها، ورسخت المعاني الجميلة التي ذكرها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في حديثه الشريف (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى).
* سيجتمع قادة القبيلتين بجوار سد مروي، ونرجو منهم أن يتفرسوا معالم الإنجاز الكبير، ليدركوا أهمية الاستقرار، ويدركوا أن التنمية قرينة السلام، وأن بناء الأوطان لا يتم إلا بتقييم وتفخيم حياة الإنسان.
* المبادرة (القومية) الرائعة التي قادها الأخ الأستاذ إبراهيم الخضر والي الولاية الشمالية ينبغي أن تجد كل الدعم والمؤازرة من مؤسسة الرئاسة، التي حاولت من قبل أن ترسي دعائم السلام بين القبيلتين برعاية كريمة من الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس، ولم يبلغ المسعى تمامه في مدينة الفولة، حين تدخل شيطان التفاصيل بين المتصارعين، وأدى إلى إحجامهم عن دخول القاعة المخصصة لاستضافة مؤتمر الصلح.
* الرئيس البشير أدرى الناس بخلفيات وتفاصيل تلك الحرب المجنونة.
* عندما اندلع الصراع العنيف بين القبيلتين في العام 1966 كان الملازم عمر أحمد البشير بقيادة الحامية الصغيرة الموجودة في منطقة أبوكارنكا، وقد أتاح له وجوده في تلك المناطق التعرف على أعيان وقيادات القبيلتين عن كثب، وبناء علاقة وطيدة معهم.
* تلك المعطيات تجعلنا أشد إصراراً على مناشدة السيد الرئيس رعاية مؤتمر الصلح وحضوره لضمان إنجاحه، ولكي لا يتكرر في مروي ما حدث في الفولة والفاشر.
* لا ندري شيئاً عن برنامج الرئيس في الأيام المقبلة، لكننا نجزم بلا أدنى تردد أن جوده بمروي في غاية الأهمية، وأن حضوره للمؤتمر يشكل الضمان الأول والأوفر لنجاح مبادرة أبناء الولاية الشمالية، التي اجتهدت لترسيخ معاني الوحدة والتراحم والتواد بين أبناء الوطن الواحد.

اليوم التالي

تعليق واحد