الفاتح عز الدين: الحرية في السودان لا يوجد لها مثيل
أثار البرلمان السوداني جدلا كثيفا بصياغته تعديلات دستورية مطلع العام الجاري، في خطوة خلفت تجاذبات سياسية واسعة، استنادا لمبدأ الحوار الوطني بين الفرقاء داخل وخارج السودان، كونها منحت رئيس البلاد صك تعيين الولاة وشاغلي المناصب القضائية والقانونية وقيادات القوات العسكرية، إضافة إلى توسيع صلاحيات جهاز الأمن والمخابرا، وغيرها من التعديلات. “القدس العربي” التقت رئيس البرلمان السوداني الدكتور الفاتح عز الدين المنصور في لندن وسألته عن جملة من قضايا الراهن السوداني وعلى رأسها التعديلات الدستورية. وتوقع رئيس البرلمان خلال الحوار الفوز لحزب المؤتمر الوطني في الانتخابات المقبلة كونه الحزب المؤهل لينال رئاسة الجمهورية بأغلبية مريحة، ولكنه توقع دخول أحزاب كبيرة أيضاً للبرلمان وبمقاعد كثيرة، قد تمثل ثلث البرلمان هذه المرة من القوى السياسية الأخرى. إلى تفاصيل المقابلة.
* فلتكن البداية بالبرلمان والتشريع، هناك مؤاخذة في أذهان الكثيرين داخل وخارج السودان بأن البرلمان السوداني يخدم مصالح حزب المؤتمر الوطني الحاكم أكثر من غيره وليس استناداً على الفكرة العامة للعمل البرلماني المتعارف عليه ما هو رأيكم؟
– طبعاً، من ناحية بديهية فإن التمثيل للبرلمان هو امتداد للمؤسسات الحزبية، الكل يأتي إلى البرلمان ممثلاً لتيار سياسي أو فكرة سياسية أو توجه سياسي. وبالضرورة لا ينفصل هذا المعنى عن أصله وعن منبع فكرته وتوجهه بصورة عامة، وإن كان من المفترض أن يكون هنالك توازن لكي يتصدى الإنسان للمسؤولية العامة التي يشرّع فيها وأن يرعى المصلحة القومية وأن تكون حاضرة التوجهات العامة وضرورة الإستجابة لها، طالما أنه مثلما تفضلت أنه من يسن القوانين ويقر التشريعات ويمضي على المعاهدات التي هي في الغالب ذات صلة بمصلحة المواطن بصورة عامة. فالأمران حاضران، أن تلبي توجهك بصورة عامة وأن تستجيب للتوجه العام وهذا ما جرى عليه العمل في البرلمان السوداني.
* كنتم قد اتخذتم مؤخراً مجموعة من القرارات من بينها قانون جديد ضمن المادة 158 يمنح الرئيس البشير صلاحيات تعيين الولاة وعزلهم بدلاً عن انتخابهم، وكذلك الحال مع شاغلي المناصب القضائية والقانونية، وهذا يخالف المهام البرلمانية المتعارف عليها عالمياً والتي تندرج في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمام الحكومة أيضاً، علماً أن هذه القرارات أثارت عاصفة من الامتعاض. ما هو تفسيركم، وما الذي دفع البرلمان لكي يتخذ هكذا قرارات تقدح في فكرة عمله والتشريع بدواعي المصلحة البرلمانية والعمل الديمقراطي؟
– الإجابة عن هذا السؤال، لابد أن تعيدنا إلى دستور عام 2005، ومعروف أنه سن في ظل ظروف استثنائية تتعلق بنتائج الحوار الذي جرى في نيفاشا بين الفرقاء، والذي كان طاغياً عليه يومئذ سن هذا الدستور والتعارض الواسع والخلاف الكبير وانعدام الطمأنينة الذي كان سائدا بين الأطراف ولذلك جاءت فيه الكثير من العيوب الناشئة عن تلك الظروف الاستثنائية، وبالتالي كان بالضرورة وفي نهاية انفصال دولة جنوب السودان عن الدولة الأم أن يحدث تعديل للدستور، لأنه حكم مرحلة معينة وظروفا معينة وكان ينبغي أن ينتهي بنهاية تلك الظروف، حيث كنا نتحدث عن دستور حاكم لدولة واحدة بشقيها وشطريها، والآن نتحدث عن دولتين بالضرورة أن تؤسس كل منهما لدستور يستجيب لواقعها. واقع دولة الشمال ومكوناتها الأساسية وتوجهاتها المختلفة تماماً عن الظروف الماضية، وهذا لم يقع ولكنه وقع مؤخراً في تعديلات نسبية نحن قدرنا أنها أيضاً إفرازات لتلك الظروف الاستثنائية التي انطوت على وضع الدستور، وأيضاً إفرازات لواقع الممارسة على الأرض. ودائما القانون طالما أنه ابتداع من البشر وقصورهم وعدم إحاطتهم بالمستقبل بصورة جيدة يصاحب سنه شيء من القصور البشري والضعف في استشراف المستقبل ولذلك تنهض الحاجة الملحة لتعديل القوانين، ابتداء من الدستور والقوانين الأدنى لتستجيب إلى ذلك الواقع. واقع الممارسة الآن أشار إلى أن انتخاب الولاة من الولايات أفرز توجهات قبلية وإثنية بشكل حاد كادت تؤثر في النسيج والبناء الاجتماعي في هذه الولايات، ولذلك عدلنا القانون، ليكون تعيين الولاة من رئاسة الجمهورية، والتي ستنظر بدورها في عواقب الأمور، وتجعل من التعيين آلية لتوحيد الأمة وليس تجزئتها.
بالضرورة أن يكون الوالي من دارفور مثلاً من الشمال أو الشرق أو أي ولاية من الولايات الأخرى حتى يساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي، ومعالجة الظواهر السالبة التي نشأت أثناء الممارسة. وهذا التعديل ليس بالضرورة أبداً أن يعني تقليص سلطات الولاة حيث لا يزال الحكم، وهو اتحادي في مستوى تشريعي وتنفيذي على المستوى الاتحادي ومستوى ولائي أيضاً فيه سلطات تشريعية وتنفيذية، ومستوى محلي فيه سلطات تشريعية وتنفيذية. لم ينحز مطلقاً التوجه إلى رئاسة الجمهورية لكي نجعل من رئاسة الجمهورية مهيمنة وسلطة قابضة على الأشياء كسلطة مطلقة إطلاقاً. صحيح، أننا أجرينا تعديلات في ما يتعلق بالتعيين ولكننا لم نجر تعديلا على الاختصاصات المتعلقة بالولايات، فهي لا تزال كاملة ومشبعة للسلطة على مستواها الولائي.
* أنت سميته تعديل دستور وقوانين، بينما تسميه المعارضة انتكاسة تشريع لأنه لا يخدم أهم أجندات الحوار الوطني، لا سيما وأن هناك من ينادي بتفكيك قوات الدعم السريع مثلاً ودمجها في القوات النظامية، وهناك أيضا من يشترط الدخول في حوار وطني وفق عملية تناقش الدستور في الأساس قبل أن تتم الانتخابات. أنتم ضربتم بكل هذه الملاحظات عرض الحائط بإجازة المادة 151 والخاصة بقانون الأمن الوطني؟
– التعديل الذي حدث للمؤسسات النظامية بصورة عامة، هو أيضاً ليس ببعيد عن سياسة الحكم الاتحادي التي كادت تفتت السودان بصورة عامة ولذلك حرصنا على قومية المؤسسات العسكرية (القوات المسلحة، قوات الشرطة، قوات الأمن الوطني وقوات الدفاع الشعبي وغيرها) لأنها جميعاً من ممسكات الوحدة الوطنية. التعديل عزز هذا التوجه ولم يأت بجديد، ودستور عام 1998 نص على أن قوات الأمن الوطني هي قوات نظامية، وبذلك فإن كل الذي قلناه هو أننا رجعنا إلى دستور1998، الذي كان محل حوار ومشاركة من تيار واسع وغالب من سواد أهل السودان الذين سنوا الدستور، وبذلك نحن لم نأت بجديد في هذا التعديل، وإنما جعلنا فقط من هذه القوة قوة نظامية، والحماية بالدستور هي المطلوبة حتى تكون الأعمال التي تقوم بها هذه المؤسسات محمية بالدستور وليس بالتدابير الانتقالية.
* هذا يقود للسؤال وأنتم مقبلون على انتخابات، هناك من يتحدث الآن داخل النظام بأنه استحقاق دستوري بينما المعارضة ترى فيها تمثيلية كبيرة تخدم فقط أجندات الحزب الحاكم.. ما قولكم؟
– الدستور نص على إجراء الانتخابات كل خمسة أعوام، والإعلان عن الانتخابات لعام 2015 تم يوم عقد البرلمان عام 2010 ويعرف القاصي والداني وكل المهتمين بالشأن السياسي أن هناك انتخابات ستقع في العام 2015 والسودان ليس بدعاً في هذا الموضوع، كل الأنظمة في الدنيا تشهد مواقيت محددة تجري فيها الانتخابات، وقد جاء الأجل الذي ينبغي أن تقع فيه الانتخابات ووقعت بتدابير وإجراءات قانونية تحت ضوء الشمس وتحت رقابة دولية جاءت من كل أطراف الأرض لتشارك بداية من الاتحاد الأفريقي والبرلمان الأفريقي والعربي والدولي وكل المنظمات المعنية على المستوى الدولي بالعمل الرقابي للانتخابات والأمور الآن تجري بشكل جيد، وما يقال وما يثار من غبار ليس موضوعياً وليس له سند قانوني.
* قلت ليس بدعاً ولكن هناك من يتحدث عن أن الذي يجري من انسحابات في دوائر بعينها لمصلحة أحزاب صغيرة تعرف سودانيا بـ(أحزاب الفكة) لكونها ليست لديها قواعد جماهيرية، هو أيضاً بدعة انتخابية (سودانية) لها علاقة بالدستور والبرلمان والتشريع؟
– طبعاً الممارسة السياسية تشهد تفاهمات بين القوى السياسية يمكن أن تكون بعد أو قبل الانتخابات، في بلاد مثل دول العالم الثالث التي تعد الديمقراطيات فيها ناشئة والممارسات فيها لا تزال غضة تحتاج إلى مثل هذه الرؤى والابتداع من أساليب المشاركة وتوسيع القاعدة بصورة عامة لتستوعب واقع السودان المتحرك وتشرك السواد الأعظم من القوى السياسية والتوجهات المختلفة وهذا اقتضاه واقع الحياة السودانية كممارسة ستحقق تراضيا وطنيا كبيرا بين القوى السياسية وينجز إن شاء الله هدفا سياسيا كبيرا ظل مسيطرا على الساحة السياسية والحوار الوطني والوئام الوطني وتقريب وجهات النظر ما بين الفرقاء، ونعتقد أن التدافع السلمي الذي يقع داخل البرلمان أفضل من أشكال التدافع الأخرى الضارة بالاستقرار السياسي في البلاد وأمنها العام.
* تفضلت بذكر البرلمانات في دول العالم المتقدمة أو الأولى، ونعلم أن هذه البرلمانات لها تأثير على الخريطة السياسية في أي دولة كانت، هل لنا أن نتوقع، أو قل هل حدث أن استطاع البرلمان السوداني أن يغير من مجريات أحداث سياسية وذلك بإثناء القيادة السودانية من اتخاذ قرارات بعينها؟
– طبعاً، كثيراً ما يقع التعارض والخلاف حول قضايا جوهرية ولكن الغلبة في الأخير للبرلمان، وهذا حدث في قضايا كثيرة، في العمل التنفيذي والقضايا السياسية وموضوع التشريعات، ليس كل ما يأتي من الجهاز التنفيذي يمرر هكذا عفو الخاطر في البرلمان، البرلمان السوداني أحال قضايا كثيرة للقضاء تتعلق بعدد من الوزراء ومثل هؤلاء الوزراء أمام القضاء والجهات العدلية وأخذوا دورة في التقاضي ومنهم من تمت براءته ومنهم من تمت إدانته. البرلمان حقيقة باسط سلطاته على الدولة بالعمل الرقابي. الآن نحن نقوم بمراجعة الأداء المالي عن طريق المراجع القومي الذي سننّا له قانونا أخيراً أعطاه ولاية كاملة على رقابة المال العام في كل المستويات بما في ذلك الأجهزة الأمنية (القوات المسلحة والشرطة والأمن الوطني) ورئاسة الجمهورية، الكل يخضع للرقابة والمراجعة وفي حال وجود أي تجاوزات في الجانب الإداري أو الجنائي تأخذ طريقها مباشرة للمحاكم. البرلمان الآن مسيطر تماماً وسلطته نافذة في إطار مسؤوليته الرقابية والتشريعية وهذه الإرادة متنامية ومتصاعدة وقوية ومؤثرة في مسار النشاط اليومي للدولة والحمد لله.
* تقول إن البرلمان يسيطر سيطرة تامة، وقد ذكرت تحديدا قضايا الفساد، ولكن نعلم أن هناك منظمات أو جهات رقابية دولية تعنى بقضايا المال تضع السودان في مقدمة
قائمة الدول التي تشهد فساداً فما هو قولكم؟
– موضوع (منظمة الشفافية العالمية) السودان لم يكن عضواً في اتفاقية محاكمة الفساد، وعدم انضمام السودان للاتفاقية جعله متأخراً في تقييمها، لأنه لا يدلي بتقريره في الاجتماعات.
الحمد لله، ومنذ نهايات العام الماضي أجزنا اتفاقية مكافحة الفساد، والسودان أصبح الآن عضوا راتبا وسوف يقدم تقريره في شهر نوفمبر هذا العام، وسيدلي أيضا بتقرير الأداء الذي سيكون مشرفاً وغير مسبوق لا على المستوى الأفريقي ولا العربي وسننافس به على المستوى الدولي في الشفافية بصورة عامة. السودان اليوم أصبح عضواً ملتزماً في منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وسيعلو المنصة ويدفع بتقاريره وستعتمد المنصة تقرير السودان مثلما تعتمد تقارير الدول كلها من المعنيين الذين يمكن أن يدافعوا عن هذا التقرير ليوضحوا إذا كان هنالك أي شيء من الغموض للجهات المعنية وأتوقع أن يتقدم السودان. لأنه في الماضي كانت المنظمة تعتمد تقارير الصحافة والمعارضة وتقارير سماعية غير موضوعية ولكننا الآن يمكن أن نقدم تقارير من المراجع العام المحايد الذي سيقدم تقاريره مباشرة للبرلمان وليس لجهة أخرى، وهذا أيضاً عمل غير مسبوق سندلي به إن شاء الله في اجتماع المنظمة نهاية العام. التقارير السابقة لم تبن على معلومات حقيقية وثيقة الصلة بواقع الممارسة بالنسبة لأداء الدولة بصورة عامة.
* إذن أنت تبرئ منظمة الشفافية، وتقول إن هذه التقارير الدولية لم تصدر بأجندات سياسية؟
– أعتقد أن هذه المنظمات فيها خبراء ومهتمون وتخضع لرقابة داخلية حتى لا يطعن في تقاريرها بصورة عامة، ولكن الإشكال الوحيد الذي كان يقع هو أن السودان لم يكن يقدم تقاريره لأنه ليس عضواً وهذا أصبح شيئاً من الماضي.
* ونحن نتحدث عن الفساد والشفافية في السودان، هناك من يصف الوضع الاقتصادي بأنه منهار فما هو قولكم؟
– الاقتصاد الوطني حقيقة بدأ في التعافي، وميزانية عام 2015 ازدادت بنسبة 33% حتى أن الخبراء على المستوى الداخلي والخارجي قالوا إن هذا الرقم يحتاج إلى تفسير، لأن معدلات الزيادة دائماً تتراوح ما بين 5% أو 6% ولكن أن تبلغ هذا الرقم تحتاج إلى تفسير. والتفسير عندنا أننا كنا مُمولين من بعض الأصدقاء في الخارج، مثلا خطوط أنابيت البترول كانت ممولة، واليوم دفعنا الأموال كاملة واسترددنا أصل المال والأرباح للشركات فأصبحت هذه المؤسسات تابعة للسودان مئة في المئة، لذلك زاد الإيراد وعليه نحن الآن لا ندفع وزدنا إيراداً إضافيا. وهكذا بالنسبة لمصفى النفط، والزيادة في المتوالية العددية بالنسبة للذهب من 57 طنا إلى 75 طنا وهذه الزيادات والحركة التي بدأت في تعافي الاقتصاد الوطني تؤكد أن الاقتصاد يسير بخطوات مضطردة وسيفاجئ الناس في السنين المقبلة لأنه مؤسس على علمية وإرادة نافذة وإمكانات وموارد حقيقية متصاعدة وزائدة بمتوالية عددية.
* نعلم أنك التقيت رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني هنا في زيارتك الحالية لبريطانيا، فما هو قولك في ما يلي قضية الحوار الوطني والوفاق السياسي وتعلم أن أحزابا كبيرة لم تشارك في هذه الانتخابات، فهل لديكم تنبؤات وتوقعات بأن الحوار الوطني سيؤتي أكله في النهاية؟
– الحزب الكبير الذي لم يشارك هو الأمة القومي ولكن الحزب الكبير الذي شارك هو الاتحادي الديمقراطي وفي كل الدوائر تقريباً والمستويات المختلفة بإستثناء رئاسة الجمهورية. وشارك بإرادة قوية ونافذة ونعتقد أنه سيحقق نجاحات كبيرة في الانتخابات المقبلة. وأيضاً هناك أكثر من 29 حزباً أخرى مشاركة في العملية الانتخابية وهذه المشاركة أوسع بكثير من ما كان عليه الواقع في العام 2010. الظروف الأمنية الآن في السودان أفضل من انتخابات عام 2010. لدينا اليوم دائرتان فقط من الدوائر التي لم تجر فيها انتخابات، وهما جبل مرة في شمال دارفور وذلك لأسباب أمنية ودائرة أخرى لأسباب أمنية أيضاً في جنوب دارفور، وهذا لم يقع في الماضي من حيث مشاركة القوى السياسية ومن حيث أن العملية السياسية الانتخابية اليوم تجري في كل أطراف السودان باستثناء هذه الدوائر التي ذكرتها. الحوار الوطني واحد من الأجندات المهمة بالنسبة لنا على المستوى الوطني وسيظل قبل وأثناء وبعد الانتخابات، بهدف المزيد من لم الشمل وتوسيع دائرة الحوار مع القوى السياسية الداخلية ومع حاملي السلاح وكل الأطراف، لأن الظروف التي ستتهيأ عبر الحوار الوطني ستحقق الانطلاقة التي نرجوها للاقتصاد الوطني بصورة عامة ولاستدامة السلام في السودان بصفة خاصة ولذلك فهو بند حاضر في إرادة رئاسة الجمهورية ولدى القيادة السياسية والمؤسسات التشريعية وسنعمل في الفترة المقبلة على سن دستور جديد وسيكون البرلمان أحد الآليات الهامة التي عبرها يمكن أن نوحد إرادة الأمة ونجمع مزيداً من التيار الوطني حول القضايا والمسلمات العامة لسن هذا الدستور. في تقديري أيضاً أن الواقع السياسي يسير بخطوات جيدة نحو التعافي الكامل للسودان من التجاذبات والخلافات والتعارض الذي أضاع الكثير إلى رحاب دستور كامل وحاكم تشارك فيه كل القوى السياسية.
* ثمة تقارير تشير إلى أن ثلث السودانيين الآن في الخارج، ويقال أيضا إن العدد قد بلغ 9 ملايين نسمة، ألا ترى في ذلك شيئا من الإحباط بالنسبة لهؤلاء، وماذا فعل برلمانكم ليقلل من حدة تأثيرات الهجرة على تطور السودان؟
– الهجرة بصورة عامة لم تستثن قطرا من الأقطار ولا دولة من الدول، وأنت في بريطانيا الآن ترى في الشارع العام كل الجنسيات موجودة، والهجرة لها أسباب مختلفة منها تحسين الدخل ولأجل العلم والمعرفة وهناك أسباب أخرى منها طلب العمالة السودانية التي تفوقت على غيرها. وقد هاجر ثلاثة آلاف أستاذ جامعي إلى المملكة العربية السعودية وحدها ولم يرجع ولا شخص واحد لأسباب مهنية وهؤلاء هم أبناء ثورة التعليم العالي وليس غيرهم، وأغلبهم هاجر بصفة رسمية. الهجرة الآن منظمة ومرضي عنها لأنها مفيدة بالنسبة للأشخاص وبالنسبة للاقتصاد كذلك وليس صحيحا أن هناك فراغاً بسبب الهجرة. والسودانيون حيثما خرجوا شرفوا وكانوا إضافة لا عبئا.
* علاقاتكم الدولية الشعبية والبرلمانية، ألا ترى أنها الأنجح في تغيير صورة السودان وما هو دور البرلمان في ذلك؟
– الدبلوماسية البرلمانية والشعبية في السودان أصبحت متقدمة لأن الرسمية تحكمها أعراف ومصالح ولذلك فهي محدودة الفضاءات. وفي هذا الجانب استطعنا أن نحيط بهذا الجانب عبر آليات مختلفة ونجحنا في ذلك وقلبنا الكثير من المواقف وتقدمنا من موقع المدافع إلى موقع المهاجم.
* ما رأيكم في البرلمان في قضية كبت الحريات للأحزاب المشاركة وغير المشاركة في الانتخابات ونعلم أن هناك عددا كبيرا من الندوات تم فضها بينما الحالة الانتخابية تستدعي أن يكون المناخ الديمقراطي متاحا لكل المتنافسين؟
– الحرية في السودان لا يوجد لها مثيل، نحن مثلنا ومثل سائر الدول في العالم نطالب بتنظيم الفضاء المتاح للحريات والحل يكمن في الحوار الوطني لنقيس ما هو مطلوب بمرجعيات على المستوى الدولي. في جنيف مثلا يحددون لكل من يريد أن يعبر عن رأيه مساحات (بالبوصة) لماذا لم يعترض الناس على ذلك؟ بينما يطالبوننا في السودان أن نترك الأمور هكذا عفو الخاطر بدون إنضباط، في الحرية لابد أن نحتكم للضوابط القانونية والحوار الوطني هو المكان المناسب لوضع أسس متفق عليها من الجميع.
* سؤال أخير، ما هي توقعاتك لنتيجة الانتخابات المزمع إجراؤها في أبريل المقبل، وهناك 29 حزبا متنافسة وعدد من المرشحين الرئاسيين، لمن تتوقع أن تكون الغلبة في البرلمان، ومن هو الرئيس المقبل للسودان؟
– أتوقع الفوز لحزب المؤتمر الوطني لأنه حزب كبير، وقد بلغت عضويته حوالي 10 ملايين مواطن وهي عضوية مرتبة ومنظمة ولها القدرة على الإدارة والتنظيم ولذلك هو الحزب المؤهل لينال رئاسة الجمهورية بأغلبية مريحة، لأن الرئيس عمر البشير مرشح من حزب كبير وغالب التيار الوطني مع ترشيحه. وقد عبروا عن ذلك في مواقف كثيرة، ولكن أتوقع دخول أحزاب كبيرة أيضاً للبرلمان وبمقاعد كثيرة، وأتوقع أن يكون ثلث البرلمان هذه المرة من القوى السياسية الأخرى.
* ينشر بالتزامن مع صحيفة “القدس العربي”
اليوم التالي
نظرة حقد وإستعلاء وتكبر وغطرسة لا مثيل لها .. لماذا؟ وأنت تمثل قمة الهرم “من الإسلاميين” … أين الإبتسامة ؟ هل هذه تعاليم ديننا الحنيف ؟