مصطفى الآغا

أغرب مليون دولار بالعالم!!


أستطيع الادعاء أن الأحلام من اختصاصي، فأنا أقوم بالترويج لها منذ تسع سنوات، والجائزة أكثر من مليون دولار، ورغم تفاوت أعمار ومهن وخلفيات الفائزين فإنهم جميعا يسعون لشراء منزل أو تأمين الأولاد، أو البدء بمشروع صغير يدر دخلا شهريا، يستطيع صاحبه أن يؤمن مستقبله ومستقبل من يُعيلهم أو يعتمدون عليه، وسبق أن فاز معي مسنون وشيّاب ولكن هدفهم الأول كان مساعدة أبنائهم وليس التمتع بالفلوس، لأنهم حسب قولهم “ما ضل بالعمر أكثر مما مضى، وياالله حسن الختام”..

لهذا استغربت أن يتم تخصيص جائزة قدرها مليون دولار لمن يبلغ سن الـ123.. نعم من يتمكن من الوصول لهذا العمر (من دون تزوير) سيفوز بمليون دولار، أما ماذا سيفعل أو ستفعل الفائز أو الفائزة بالمليون، فهذا هو سؤال المليون دولار!!

الجائزة غريبة، وخاصة أن صاحبها لن يُجيب عن أي سؤال، ولن يشترك في مسابقة الحلم أو من سيربح المليون، بل كل ما عليه أن يحافظ على صحته حتى يصل قريب القرن والنصف، أما سبب هذه الجائزة فهو الملياردير المولدوفي ديميتري كامنسكي، الذي أراد أن تساعد جائزته في زيادة الاهتمام بأبحاث الخلايا الجذعية وتجدد الأنسجة، التي يمكن أن تساعد الإنسان مستقبلا في تخطي حاجز الـ 120 عاما، وفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

شخصيا أحتاج إلى 71 سنة حتى أكون مرشحا للجائزة، علماً بأنها فقط لأول شخص في العالم يبلغ الـ123، وبالتالي لو بلغها شخص آخر بعد أسبوع فلن يقبض ولا هللة.

المرشحون الأكثر حظوة لأغرب مليون هما الأميركيتان غيرلين تالي، وسوزان جونز (115 عاما)، وتحديدا تالي الأكبر بـ 44 يوما، علما بأن جين كالمينت التي توفيت عام 1997 كانت أطول البشر عمرا، حيث عاشت حتى بلغ عمرها 122 عاما و6 شهور يعني حتى المتوفاة لم تكن مؤهلة للجائزة.

وأعتقد أن صاحب المليون يسعى بشكل أو بآخر لتحفيز الأطباء والعلماء على إيجاد صيغة لإطالة عمر الإنسان (الذي هو محكوم بقضاء الله وقدره بكل الأحوال)، ربما حتى يتمكن هو شخصيا من إطالة عمره الذي سينتهي مهما طال، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير الذي يفكر بهذه الطريقة، إذ سبقه أثرياء عدة مثل لاري إليسون (المدير التنفيذي لشركة أوراكل)، وسيرغي برين (مؤسس غوغل).

بالطبع السعادة ليست في طول العمر فقط بل في نوعية هذا العمر، فكم من شيوخ مسنين كانوا متعبين في حياتهم (وهرموا) من القهر والتشرد والجوع والفقر والألم وفقدان الأحبة، وكم من شخص مات صغيرا ولكن أيامه السعيدة كانت كثيرة، وبقيت في ذاكرة من عاشوا بعده.

وكلما قرأت مثل هذه الأخبار أتذكر قول زهير بن أبي سلمى:

سئمت تكاليف الحيـاة ومن يعش ثمانين حولا لا أبـا لك يسأم

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم

ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضله على قومه يستغن عنه ويذمم

ومن يغترب يحسب عدوا صديقه ومن لا يكرّم نفسه لا يكرّم