مصطفى الآغا

العرب والإعلام والتعصب


أعترف أن محاربة التعصب مثل محاربة الأمية والتدخين ومكافحة المخدرات أمر صعب، ولكنه ليس بالمستحيل.. وذكرت الأمثلة الثلاثة على رغم الاختلافات الكبيرة بينها، فالأمية ليست بالضرورة لمن لا يقرأ ولا يكتب، بل هناك متعلمون ويحملون شهادات عليا، ولكنهم متعصبون لا يتقبلون الرأي الآخر، ولا حتى مجرد الاختلاف، لهذا فهناك أميّة في فهم أخطار التعصب، وهذه تجب محاربتها مثل محاربة التدخين، الذي يعرف الجميع أضراره ولكنهم يواصلون استنشاقه وتدمير صحتهم، أما مكافحة المخدرات فجئت بها كمثل، لأنها تخضع للقانون «وليس مثل التدخين والأمية»، ومثيرو التعصب أيضاً يجب أن يخضعوا للمساءلات القانونية عندما يكون هناك قتلى وضحايا وتدمير ممتلكات عامة وخاصة، ولا يمكن بأية حال من الأحوال وضعها في خانة «فشة الخلق الرياضية»، بل يجب أن يتم تجريمها، وبالتالي تكون ملاعبنا وصالاتنا ومرافقنا الرياضية خالية من التعصب إن كان باللين أو حتى بالقوة.

وكي أكون أميناً مع نفسي فعلى رغم أنني أنتمي لمهنة الإعلام، إلا أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً، لا بل وأساسياً في إذكاء نار التعصب وتفشّيها، خصوصاً بين فئة الشبان والمراهقين الذين يشكلون وقود التعصب ونيرانه، ولهذا بدأت الكثير من الحكومات والجهات الحكومية وحتى الخاصة في فهم وتحسس مدى خطورة التعصب على المجتمع ككل، وبدأنا نرى مبادرات وندوات ضمن الملتقيات والمنتديات العربية، مثل ملتقى الإعلام العربي الذي يختتم اليوم في الكويت برعاية رئيس مجلس الوزراء، وبمبادرة من أخي وصديقي ماضي الخميس المؤسس والأمين العام للملتقى، الذي أدرك باكراً خطورة التعصب، فبدأنا بالتحذير منه منذ العام 2010 بعد مأساة مباراة أم درمان الشهيرة بين مصر والجزائر، ثم جاء الدور على منتدى الإعلام العربي الـ14 وبمبادرة من مديرة المكتب الإعلامي لحكومة دبي الزميلة منى المري، ومديرة نادي دبي للصحافة الزميلة منى أبوسمرة، وهي رياضية عاشقة للنصر ولكن غير متعصبة، بأن تكون هناك جلسة مهمة ضمن فعاليات المنتدى للرياضة وضد التعصب، وهي مبادرة نشكرهم عليها، وأعتقد أن الجلسة ستكون خطوة على طريق الألف ميل نحو التخفيف من غلواء التعصب، ولا أقول إنهاؤه أو إلغاؤه، لأن ذلك برأيي من تاسع المستحيلات إن لم يكن عاشرها.