مصطفى الآغا

شكرا للكويت


أكتب هذه المقالة وأنا في مطار الكويت مُغادرا هذا البلد القريب من قلوب العرب، كل العرب..

فلم أسمع يوما أن عربيا لا يُحب الكويت، ولم أسمع يوما أن هذه الدولة قد ساهمت بأي شكل من الأشكال في أمور سلبية عربية، بل هي دائما وأبدا داعمة للتضامن العربي.. وحاضنة لخلافاتهم وجسر بين المختلفين.

خلال أربعة أيام من الجمعة حتى الإثنين اجتمع في الكويت نخبة كبيرة من السياسيين والمثقفين والفنانين والإعلاميين (وبعض الحويصة والفضوليين من عشاق السيلفي وسناب شات)، اجتمعنا للسنة الثانية عشرة على التوالي في الملتقى الإعلامي العربي، الذي أسسه واهتم به كواحد من أبنائه صديقي وزميلي ماضي الخميس، ودعمته حكومة الكويت بدءا بسمو الأمير، مرورا برئيس الوزراء ووزير الإعلام، الذي أعتبره أحد الإسهامات الكبيرة للإعلام الكويتي والعربي بتواضعه وأخلاقه العالية، والأهم بإدراكه الكبير ليس لأهمية الإعلام بل للتطورات التي تطرأ عليه بعد ثورة الإنترنت. وكم أتمنى أن يواكب التلفزيون الحكومي هذه التطورات شكلا ومضمونا، مع يقيني التام أن تلفزيونات الحكومات دائما محكومة بجملة أمور، ولكن البعض في المنطقة استطاع تجاوزها وإبراز إعلام جاذب وليس طاردا للمشاهد، الذي لم يعد مجبورا على متابعة محطة أو وسيلة إعلامية لا ترضي ذائقته.

ولأن الإعلام يتطور، لهذا تم التركيز في هذه الدورة على الإعلام الجديد، أو وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تنافس وتزاحم الإعلام التقليدي، لا بل أزاحت بعضه، وأستغرب من الذين استغربوا التركيز على “السوشيال ميديا”، وهم طوال النهار لا هم لهم سوى إنستغرام وسناب شات وتويتر وفيسبوك، و”طقطقوا” صورا مع كل الحاضرين، ثم يقولون لك لماذا تركزون على الإعلام الجديد؟

إذا كان رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية يعلنون بعض القرارات الهامة على تويتر أو فيسبوك، وإذا كانت الأخبار تصلنا أولا فأولا عبر هذه الوسائل، التي باتت هي نفسها مصدر الخبر وليست ناقلة له، وشاهدنا كيف حاولت داعش أن تركز على تويتر، وكيف أن العالم كل العالم كان يستقي مصادره وأخباره وفيديوهاته من خلال هذه الوسيلة، التي لم يقتنع بعض الساسة العرب التقليديين بفكرهم، أنها باتت المصدر الأول لأخباره، وليست نشرات أخبار محطاتهم الحكومية.

حتى الإعلام الورقي يصارع للبقاء، فيما أعلن البعض وفاته الورقية، لهذا يجب أن نواكب العصر لا بل نسبقه، ويجب أن نكون فاعلين مع ما يحدث وليس فقط منفعلين، ويجب أن نعي أن أجيالنا الجديدة من الشباب لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد بمن هم فوق الخمسين منا أو حتى الأربعين.

وللأمانة فقد قضيت شخصيا أياما جميلة وإن كانت مرهقة، وتعرفت والتقيت بأصدقاء باعدت بيننا الأيام والمشاغل، واستمعت لمحاضرات ونقاشات غنية، و”اتصورت سيلفي ليوم السيلفي”، رغم كرهي لها، وكانت قمة سعادتي يوم تم تكريم عميد المعلقين العرب الأستاذ والأخ والصديق خالد الحربان، ولعل منبع سعادتي أنه هو شخصيا كان في غاية السعادة من هذه الخطوة التي فكر بها وخطط لها ونفذها عراب الملتقى ماضي الخميس.

كلمتي الأخيرة:

شكرا للكويت ولماضي.. ونتطلع قدما لمستقبلٍ أفضل.