معايير دولية: مهرجان المسرح المعاصر.. خطوة لإحداث نقلة نوعية
هل تتخيل أن يدخل الجمهور السوداني المسرح القومي بالسودان لمشاهدة مسرحية هاملت لشكسبير أو أي مسرحيات عالمية، أو أن تعود حالة انتعاش المسارح مرة أخرى بعد أن هجرها الكثيرون زمنا طويلاً؟
واللافت أن البعض اختزل المسرح في الكوميديا فقط الأمر الذي دفع كلية الدراما والموسيقى بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا أن تتبنى فعالية لإحداث تصحيح مفهوم المسرح بالسودان، تحت مسمى مهرجان المسرح المعاصر الذي سيقوم بالمشاركة فيه كل من لهم علاقة بالمسرح.
تنمية المجتمع
وفي السياق يرى الدكتور فضل الله أحمد عبد الله عميد كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا أن المسرح السوداني يمر بفترة عصيبة تحتاج لتصحيح المسار ويواصل قائلا “الجامعة لها توجه وهو أن دورها لا يقتصر على تدريس الطلاب فقط أو القيام بالبحث العلمي، بل إن هناك ضلعا ثالثا وأساسيا لإكمال العملية التعليمية ألا وهو الخدمة المجتمعية؛ بمعنى أن الجامعة بما لديها من قدرات علمية في تخصصات متعددة في كل كلية أو معهد، تعمل في تنمية المجتمع من خلال تخصصها بوضع برامج ومشروعات تنموية تعمل على قيادة وتنمية قدرات المجتمع”.
مجهودات فردية وجماعية
وأردف: “من هذا المنطلق وضعنا في كلية الموسيقى والدراما مشروعات مجتمعية من خلال الفنون المسرحية والموسيقية، فلدينا مسؤوليات مجتمعية وأخلاقية تجاه المجتمع وتجاه الفنون نفسها في ممارستها وترشيدها خاصة في المسرح”، وواصل “ينبغي على الدولة وفق إستراتيجيتها أن تستوعب المسرح معها في تنمية المجتمع، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي والدولة (رفعت يدها) عن أمر المسرح، وما هو موجود الآن من حراك مسرحي يعود لمجهودات فردية أو جماعية وفقا للقدرات المتاحة لها، فالموجود في الساحة ليس تخطيط دولة”.
الحركة المسرحية
وأضاف دكتور فضل الله قائلا: “ما أحدث فراغا تسبب في ظهور حركة مسرحية غير راشدة وبالتالي أفرزت مظاهر بديلة، على سبيل المثال فرق النكات؛ فالجمهور الآن يظن أن هذه الفرق هي المسرح، وذلك لأن فكرة المسرح الأصيل غائبة لديهم وهذه الفرق تقدمت باعتبار أنها مجموعات تقدم أعمالا كوميدية؛ لكن شروط المسرح لا تنطبق على هذه الفرق، ما أحدث خللا مفاهيميا لدى الكثيرين، وهنا يجب أن يظهر دور المؤسسة الأكاديمية في تصحيح الأخطاء الراسخة في أذهان الناس بعرض مسرح محترف، وجاءت فكرة القيام بمهرجان مسرحي محترف كخطوة أولى في مشوار تصحيح مفهوم المسرح لدى الجماهير، سنقدم فيه (10) عروض مسرحية من أصل كل العروض المقدمة، بعد قبولها سيتم تبنيها بشكل كامل من حيث الإنتاج والشرط الأساسي للدخول في هذا المهرجان هو أن يكون المقدم خريجا أكاديميا في مجال المسرح من أي كلية سودانية، وذلك لتحقيق وجود مسرح حقيقي”.
مهرجان بمعايير دولية
من جانبه قال الدكتور سيد أحمد مدير مهرجان المسرح المعاصر ورئيس قسم الدراما إن مهرجان المسرح المعاصر بكل اتجاهاته وأشكاله يتسم بتقديم عروض مسرحية تسمح للمتفرج بالتعرف على الاتجاهات المعاصرة وغير المألوفة عن المسرح، كما أنه سيتيح للأكاديميين والمهتمين بفنون العرض المسرحي التجريبي لإبراز أفكارهم التجريبية وفقا لما هو معمول به في المهرجانات الدولية المعروفة، أي أنه من الممكن أن يتقدم كل الشباب المهتمين بشأن المسرح بتقديم أعمالهم الخاصة للجهة المعنية بأمر اختيار الأعمال المشاركة، التي ستُخضعها بدورها إلى لجنة التحكيم التي ستفاضل بين الأعمال المقدمة لتختار الأفضل من بينها”.
شكل مختلف
ستُقدم الأعمال في أسطوانات ولا يزيد زمن العرض عن 60 دقيقة ولا يقل عن 40 دقيقة، وسيكون المهرجان في 20 إلى 26 نوفمبر من هذا العام، ويضيف د.عادل: “الهدف منه هو إيجاد شكل مختلف عن المهرجانات المألوفة وذلك عبر العروض المسرحية ذات الاتجاه التجريبي المعاصر، وإتاحة الفرصة لخريجي الكلية لتجريب أدواتهم ومقدراتهم الفنية ومحاولة خلق فضاءات جديدة للعرض المسرحي، وهذا ما قد يساعدنا في التواصل مع القضايا الاجتماعية بأسلوب أكثر حداثة، من خلال قوالب فنية معاصرة يتفاعل معها المتفرج، إلى جانب دراسة اتجاهات المتفرجين من خلال استجابتهم مع عروض المهرجان، ويستفاد منها بشكل بحوث ودراسات علمية يرجع إليها الدارسون والمهتمون بالدراسات الدرامية
اليوم التالي