مصطفى الآغا

كلنا … رح نفهّي


هناك كلمة باللهجة البحرينية أعجبتني لفرادتها وهي “مْفَهّي”، وبالشامي يقولون “ضاربة فيوزاته”، أي أن صاحبها “مش مركز أبدا”، وسبب اختياري لهذه الكلمة كعنوان لمقالتي هو النتيجة الحتمية التي قد نصل إليها إن عاجلا أم آجلا، وهذا يشملنا جميعا، كبيرا وصغيرا ومثقفا وجاهلا، وابن عيلة وابن شارع، وكل من يستخدم وسائل التواصل الإلكتروني والهاتفي، ولا أعتقد أنه يوجد اليوم شخص في العالم كله لا يتعامل مع الجوال أو الموبايل أو الآي باد أو الإنترنت، فقبل المرحبا بات الناس يسألون ما هو إيميلك وسنابك وإنستغرامك وتويترك وفيسبوكك؟ وحتى والدتي التي تبلغ من العمر 74 عاما لديها فيسبوك وتتعاطى الإنستغرام في بعض الأوقات، والسبب أنها تلاحق أولادها الذين تشردوا في بقاع الله الواسعة، والتي تضيق كثيرا على من هم في محنة، وعلى من يدفعون حياتهم ثمنا للأمان أو بحثا عنه.

ومنذ اختراع الجوال بداية تسعينيات القرن الماضي وهم يقولون إنه قد يتسبب بالسرطان، لهذا اخترعوا السماعات ومنها سماعات البلوتوث التي راجت فترة طويلة ثم اختفت مثل القضية الفلسطينية في عقول الكثير من العرب، وبعد اعتماد كل شيء في حياتنا على الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر ظهرت دراسات جديدة واحدة منها في مجلة Computers In Human Behaviour

ونشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، تحذر من الأضرار الصحية الناجمة عن الإفراط في استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة، والدراسة التي أشرف عليها باحثون من جامعة ليستر البريطانية، وشملت 210 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، أكدت أن استخدام الإنترنت والهواتف المحمولة والوسائل التكنولوجية الحديثة لفترات طويلة يساهم في إضعاف وظائف الإدراك، ويتسبب في إضعاف الذاكرة وتدهور التركيز وسوء مهارات التفكير، إضافة إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء والإصابة بالنسيان وضعف الإدراك بالواقع.

كلام كبير جدا في زمن أطفالنا يجلسون بالساعات على الآيباد والوي والإكس بوكس، ونجلس نحن ساعات أطول على الواتس آب والإنستا وسناب شات وفيسبوك، ونجلس ساعات عملنا نحدق في شاشات الكومبيوتر التي باتت أساس أي عمل مكتبي أو طبي أو هندسي أو حتى أمني، وأنا شخصيا أكتب هذه المقالة حاليا على جهاز كومبيوتر وأرسلها بالإيميل، وقرأت الخبر على الإنترنت وسأنشر المقالة على حسابي في تويتر وإنستغرام، يعني الله يستر مع نهاية المقالة أنسى ماذا كنت أكتب أو لمن أكتب.. “الكويتية صحيح؟”.

أعرف أن بعضكم سيقرأ المقالة ويقول “خرابيط”، وللأمانة حتى أنا نفسي قلت ذلك، والدليل أنني كتبتها ثم عدت لتويتر وإنستغرام والإنترنت لأنني ببساطة لا يمكنني أن أعيش أو أعمل أو أعرف ما الذي يحدث في الدنيا من دونهم.