مصطفى الآغا

تشن زيان زين


كثيرة هي الأمثلة على بر الوالدين إن كانت عربية أو إسلامية أو حتى غير إسلامية، وكثيرة هي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحضنا وتحثنا على بر الوالدين، وللأسف نجد من لا يتبع العقل والمنطق، ولا يرد جميل من رباه وتحمله وتحمل بلاويه حتى يكبر ويصبح رجلا، وقلت رجلا ولم أقل امرأة، لأنني سبق وغردت على حسابي بتويتر حول قاض للأحوال المدنية في واحدة من المدن العربية قال بالحرف “حتى الآن لم تصلني قضية لفتاةٍ تعقُّ والديها، بل كلهم لأبناء ذكور، ومع هذا يوجد إلى الآن من يحزن.. إذا رزق بفتاة”.

ولكن الصيني تشن زيان زين البالغ من العمر 48 عاما أذهلني الحقيقة ببر والديه، والخبر قرأته وتابعت عدة صور له في “الكويتية”، وأكبرت في الرجل ليس رعايته لوالدته الكبيرة والمريضة، بل في كيفية هذه الرعاية وكل هذا الحب والرجل من دون يدين.. نعم إنه مبتور الذراعين من الكتف، والقصة الكاملة تقول إن ابن مدينة تشونغ تشينغ بجنوب غرب الصين، خسر ذراعيه بسبب صعقة كهربائية قوية حين كان في السابعة من عمره، وفق ما نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية نقلا عن صحيفة الشعب الصينية.

تصوروا منذ السابعة وهو من دون يدين، ولكن إرادته كانت إرادة رجل بالغ، بدأ بتعلم طبخ الطعام وحصد ما تثمر مزرعة والدته طريحة الفراش، التي يقوم على خدمتها بنفسه بعد وفاة والده، وعدم وجود أي أقرباء أو إخوة له لأنهم في الصين أساسا يمنعون إنجاب أكثر من طفل واحد في العائلة.

تشن قال إنه في أول مرة يستخدم فيها الساطور كانت بواسطة قدمه، وتمكن من رفعه قليلا عندما استخدم أصابع قدمه اليمنى، لكن الساطور سقط على قدمه اليسرى تاركا ندبة لاتزال آثارها باقية إلى اليوم، ولكن الفتى كان قوي الإرادة، ورفض الخوف أو عدم تكرار المحاولة، بل جرب مرة وأخرى حتى بات محترفا في استخدام الساطور بأصابع قدمه، وهو ما غير حياته، فبات يحصد الثمار في المزرعة الصغيرة، ويقطف الذرة ويقشرها ويشعل النار ثم يقطع الخضار ويطبخ، ويصب الطعام في الآنية ويطعم والدته بالملعقة التي يحملها بفمه، لا بل يساعد أمه في التحرك والتنقل.

قصة مذهلة تستحق أن تُروى للعالم، وتستحق أن نشاهدها في فيلم تلفزيوني يكون عبرة وعظة ودرسا لكل المتكاسلين، حتى في مجرد اتصال هاتف للوالدة ولا نقول زيارة أسبوعية أو يومية.

تحية لتشن ولكل من هم على شاكلة تشن.