رأي ومقالات

ترقية وزير إلى رتبة صحافي

أيهما أعلى رتبة الوزير أم الصحافي؟
هذا الجدل خاضه صحافيون كبار من الرعيل الأول.. وان كان اولئك الصحافيون قد شغلوا مناصب سابقة بدرجة وزير، إلا انهم انحازوا لقبيلتهم الأصلية قبيلة الصحافيين حينما عادوا إليها. فماذا وجدوا يا ترى في وظيفة «صحافي»؟ ذلك ما نجده ضمنياً في السجال الطريف الذي دار بعد انتخابات نقابة الصحافيين المصرية «1977م» التي انتهت بفوز يوسف السباعي نقيباً للصحافيين الذي سبق له من قبل ان تقلد منصب «وزير»، فألقى بعد إعلان نتيجة فوزه الكاسح كلمة ساخرة قال فيها بعد أن شكر الصحافيين على ثقتهم وإنه ملتزم بكل كلمة قالها في المعركة الانتخابية، قال:
ــ أنا كنت وزيراً حصلت لي ترقية فاصبحت صحافياً.. ثم ترقيت مرة أخرى فأصبحت نقيباً للصحافيين..
فصفق له جميع الحضور تصفيقاً حاراً.
ولكن «طرف السوط» لمس شخصية أخرى صحفية كانت ضمن الحضور لكنها شغلت العكس، فقد كان صحافياً بل ونقيباً للصحافيين، وبعدها شغل منصب وزير للإعلام، ومن طرائف الصدف أنه كان حاضراً انتخابات الصحافيين ذلك اليوم وإعلان النتيجة بفوز يوسف السباعي.. ذلكم هو عبد المنعم الصاوي وزير الإعلام في تلك الفترة، لذلك نهض والقى كلمة طريفة رداً على يوسف السباعي قال فيها:
ــ يعني أنا اللي إتنزلت مرتين بقى؟
وضجت القاعة بالضحك.
قال يوسف السباعي: المهم.. انا لما كنت وزير ثقافة واعلام كنت باتشتم كل يوم.. دلوقتي انا صحافي بقى.. اشتم على كيفي.
وضحكت القاعة مرة أخرى.
وبالرغم من ذلك فإن البون شاسع بين مرتب الوزير ومرتب الصحافي، ومخصصات وامتيازات وبدلات ونثريات وعربات الوزير ومثل ذلك في ما يلي الصحفي.
أما الاختلاف الكبير جداً والبون الشاسع فهو في الأقلام. فقلم الصحافي ليس كقلم الوزير.
اكيد فإن قلم الوزير له فاعلية مباشرة وعطاء إيجابي في «التصديقات» «المالية» أو «المادية» أو «الوظيفة». وايضاً في المعاهدات والتسويات..الخ.. إذن فقلم الوزير له شأن كبير في مصالح الناس.. ولعل ذلك هو الذي يعرضه لقلم الصحافي كقلم رقيب اذا ما تبين للصحفي ان قلم الوزير قد تجاوز حدوده او تلوث بفساد.
والقلم الذي يراقب وينبه وينتقد ويرشد ويحاسب ويحلل وينير الطريق مهمته صعبة وخطيرة، وقد يجد العنت في مهنة تسمى «مهنة النكد».
إن أهم ما خرج به ذلك الاجتماع الصاخب لانتخابات الصحافيين المصرية «1977م» وفوز يوسف السباعي برتبة نقيب، هو أن ساد الصحافيين جو من التفاؤل بأن ما سيقدمه يوسف السباعي كنقيب للصحفيين اولاً «المعاشات»، وهذا ما كان قد خاض به السباعي الانتخابات.. فهل يا ترى وجد الصحافيون ما وعدهم به نقيبهم حقاً؟
ومازالت قضية «المعاشات» تشغل بال الصحافيين في كل مكان بارجاء العالم، وتشغل بشكل اكبر نقاباتهم، بالرغم من انهم حملة قلم. لكن لا ينطبق عليهم المثل الذي يقول: «الفي ايدو القلم ما بكتب رقبتو شقي» فهل يا ترى ينطبق هذاالمثل على الوزير؟!

محمد علي التوم من الله
الانتباهة