مصطفى الآغا

سانكيو

رغم أنني من المذيعين الذين يستخدمون “اللغة الثالثة” أي المزيج ما بين الفصحى والعامية، ولكني في كتاباتي وحتى في عملي التلفزيوني أحرص جدا على أن تبقى العربية هي المسيطرة على أدائي..

ومن يتعمق جيدا بما يقرأ ويسمع ويُشاهد سيرى أن هذه اللغة العظيمة (لغة القرآن الكريم) تتعرض للاغتيال على يد الكثيرين، ليس فقط من المشتغلين في وسائل الإعلام المختلفة بل من قبل كل من يستخدم هذه اللغة.

وبما أن ثقافة المواطن العربي- في معظمها- تأتي من الجرائد والشاشات، لهذا فمن الخطورة أن نسلم المايك أو القلم لمن يعتقد أن “جرير” هو صوت الماء، وأن “الفرزدق” يقرب “الفستق الحلبي”، وأن “الجلمود” الذي تحدثت عنه الخنساء هو “جيلي بس تركناه طويلا في الفريزر”.

سبب الكلام أن أحد الصحفيين أجرى معي حوارا “الله يجعله حوار”، وأرسله لي على الإيميل كي أقرأه قبل نشره.. وللأمانة فقد تعبت كثيرا حتى عرفت ماذا يقصد الأخ من بعض العبارات.. فمثلا كتب أن زوجتي “فئل خير عليّ”.. وصدقوني احترت كثيرا قبل أن أعرف أن قصده هو “فأل” خير، وكتب أيضا أنني أحرزت “أربعة جوائز”، هذه السنة، علما أن تأنيث الأرقام وتذكيرها بات من “المنقرضات”.. وكتب جملة عني في مقدمة لقائه أستعيرها منه:

“يحل اليوم ضيفٌ على مطبوعتنا مزيع مميزا ذو ثقافة عالية، نلمسها من خلال برنامجه اليومي على الشاشة، الذي يدعوها الأحلى والأكمل والأجمل.. إنه مصطفى الآغا، ومعه قضينا دقائق وسواني لطيفة، عرفنا في نهايتها أن شخصيته على الشاشة هي زاتها خارجها”..

وحرصا على قلوب المخضرمين من أساتذة اللغة العربية أتوقف عن تكملة المقدمة حتى لا أتهم بالقتل غير العمد.

للأسف كلّ يكتب على ليلاه، وأنصاف وأرباع المثقفين باتوا يحتلون مراكز قيادية، وكل من هبّ ودبّ بات يُساهم بقصد أو من دون قصد في اغتيال لغتنا- التي كانت جميلة- قبل أن يتم تشويهها.

لقد بات جرّ الفاعل ونصب المضاف إليه وذبح التمييز بالضمة عمليات روتينية.

وأنا أتهم نفسي وأحاكمها وأحكم عليها بالإدانة قبل أن أتهم غيري، وأعترف أن مجامع اللغة العربية لم تستطع أن تُقنع المواطن العادي بصوابية خياراتها، أو لنقل بجاذبية تعريباتها، ونعترف أن سوية مُعلم اللغة العربية في بعض المدارس قد لا تصل لسوية معلم الشاورما في أي سوق شعبي، ولنعترف أن بونجور ومرسي وسانكيو أحلى من صباح الخير وشكرا لدى البعض، وأن عبارات مثل “مَسّج لي، ومس كول مي، وغوغلني وسي يو..” باتت زادا يوميا لنا.. وأعترف أن عبارة “ابعتلي ماسيج”، قد تبدو ألطف من “أرسل لي رسالة نصية”، ولكن هذا لا يعني أن نخلط شعبان برمضان، فيكون الناتج لغة هجينة لا أصل لها ولا جذور ولا ملامح ولا قواعد ولا مستقبل.. باختصار لغة “كل مين إيدو.. إلو”.

يجب أن نتساعد جميعا لنصرة اللغة العربية، ومن لا يتفق معي بالرأي وأنا واثق أنهم كثر فليرموا مقالتي “هزه” في أقرب “ربش بن” ويعتبروها “نيفر إنكتبت”.