علي محمود حسنين..دستور الحزب الاتحادي الذي قدم لمسجل الأحزاب (مزور)..الحزب أخذته قيادته إلى الهاوية وأصبح يصالح الأنظمة الشمولية
يمر الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بمتغيرات جوهرية ربما تؤثر بشدة على مستقبل كثير من قادته الذين يعتقد انهم الآن يعيشون في مرحلة مفصلية، مرحلة ربما تكتب تاريخاً جديداً في حزب الحركة الاتحادية، ففي وقت يعتبر فيه مراقبون أن المؤتمر الذي عقدته قيادات اتحادية في ضاحية أم دوم بشرق النيل، قد يكون سبباً في أحداث تغييرات جوهرية في قيادات الحزب، يرى آخرون أن الثقل الجماهيري الذي يمثله مولانا محمد عثمان الميرغني يمكن ان يحسم الآمر لصالحه ورغم ذلك تظل قيادات مؤثرة في الحركة الاتحادية لها اسمها ووزنها مثل الشيخ أبو سبيب وعلي محمود حسنين من القادرين على أحداث حراك قوي في اتجاه ما اصطلح على تسميته بالانقلاب ضد قيادة الحزب التاريخية.
بداية نود أن تطلعنا على الأسباب التي جعلتكم تقيمون مؤتمر أم دوم في الخامس من ديسمبر وتكونون هيئة قيادية موازية للقائمة في الحزب الاتحادي الأصل؟
كان وسيظل الحزب الاتحادي هو حزب الحركة الوطنية ويلتزم بالخط الجماهيري والنضالي، وكانت هذه سمة الحزب الأساسية منذ تكوينه في عام 1942م وظل هذا الخط يميزه في كل تخلقاته ولكن لعل الجميع لاحظ في الآونة الأخيرة خروجاً على المبدأ الأصولي الثابت فالحزب أخذته قيادته الى الهاوية وأصبح يصالح الانظمة الشمولية ويؤيدها بل يشارك فيها ويتحمل معها أخطاءها وهو أمر مرفوض لكل قواعد وجماهير الحزب.
متى برأيك بدأ ما أسميته بالانهيار داخل الحزب؟
بدأ هذا الانهيار التام بعد انتخابات عام 2010م حيث شارك فيها بمخالفة واضحة لإرادة جماهير الحزب وبعد نتيجة الانتخابات التي اجمع الجميع على أنها كانت مزورة، أعلن رئيس الحزب نفسه انه لن يعترف بها ولا بنتائجها، ولكن سرعان ما عاد واعترف بها بنتائجها بدليل أنه شارك في السلطة بوزراء يمثلونه وظل هذا السقوط يتوالى حتى اليوم بمشاركة ثانية، أفضت الى تأييد مطلق وغير متحفظ على نظام الحكم القائم ببرامجه ورموزه وهذا الأمر لا يخالف طبيعة الحزب بل يتعارض تماماً مع دستوره.
هل هذا هو السبب الوحيد الذي جعلكم تعقدون مؤتمر ام دوم وتثورون على الميرغني؟
هذا وغيره من الاسباب جعلت جماهير الحزب الاتحادي تنتفض في قواعدها وتعمل على تصحيح المسار داخل الحزب، والميرغني ظل غائباً عن الساحة ثلاث سنوات ونحن نقدر ظروفه التي لا دخل لأحد فيها ولكن سياسة الحزب لابد ان تسير وتنطلق ولا تتوقف لظروف طارئة أو دائمة تصيب أياً من قياداته، ولكل هذه الاسباب ظلت جماهير الحزب الاتحادي وعلى رأسهم الشباب في كل الولايات وكل قطاعات الحزب المهنية والطلابية، تلتقي وتجتمع وتخطط لكيفية انقاذ الحزب من هذا الدمار الذي ينحدر اليه، وعقدت مؤتمرات في ولايات السودان المختلفة ولقاءات متعددة تمخض الأمر اخيراً عن خطوة تاريخية باجتماع عقد في ام دوم في الخامس من ديسمبر الحالي وكون مكتب سياسي انتقالي مؤقت من (269) عضواً اختارتهم الولايات والقطاعات المختلفة، وتم اختيار مكتب لرئاسة الحزب من أربعة أشخاص ومكتب تنفيذي من (35) عضواً يضم الكيانات المختلفة.
قلت أن تزويراً حدث في الدستور المقدم لمسجل الاحزاب ما هي البنود التي حدث فيها تزوير؟
أولا البند رقم واحد القاضي بانشاء ما يسمى بالهيئة القيادية وهو غير موجود في دستور (2004) ثانياً أعطيت سلطات مطلقة لرئيس الحزب وتم إلغاء منصب الامين العام للحزب ولم يكن ذلك موجوداً في الدستور الأصلي، وتم حصر كل الأمور لصالح رئيس الحزب وهو أمر أيضاً غير موجود، ونص الدستور المعدل الذي قدم لمسجل الاحزب، على ان يعقد المؤتمر كل خمس سنوات في حين أن الدستور الذي أجيز في المؤتمر قال أن المؤتمر العام يعقد كل سنتين، والآن حتى دستور الحزب المعدل ينص على أن رئيس الحزب تنتهي ولايته عند انقضاء مدة المؤتمر العام، وقد انقضت الآن تلك السنوات سواء كان الدستور معدلاً أو حقيقياً، وكل هذا جعل لزاماً على جماهير الحزب وقواعده وشبابه، ان يلجأوا لتصحيح المسار، ونحن في هذا المسار لم نستهدف شخصاً بعينه ولسنا ضد أشخاص ولكن نهدف لمصلحة الحزب وتقويم مساره، ونحن لم نعزل زيداً أو عبيداً ولكن الساحة الاتحادية رأت قيام قيادة مؤقتة تقود الحزب نحو المؤتمر العام ، وهي في هذه الاثناء تعمل على وحدة الحركة الاتحادية.
كثيرون وصفوا ما حدث بانه انقلاب؟
ليس انقلاباً ولكن هناك فراغ وبعض الأشخاص يعبثون بالحزب وبإرثه النضالي لا يمكن للاتحاديين أن يرضوا بذلك، واذا ضعف الاتحادي وبنيته ضعف السودان، فهو المعبر عن انتماءاته وقبائله ولسنا حزب طبقة معينة أو مجموعة، ولكننا حزب قومي قاتل ضد كل الأنظمة الديكتاتورية منذ عبود، ونميري والانقاذ، ولا نملك انا او غيري أن نحيد عن المبادئ التي إرسالها هذا الحزب.
ولكنكم لا تحظون بسند جماهيري؟
أولاً نحن نستمد شرعيتنا من دستور الحزب الذي يرفض النظام الشمولي والذي يقول ان المؤسسات الحالية تثمل شرعيات غير موجودة في الحزب وما تم في أم دوم ممثل من جميع ولايات السودان ولم نختر شخصاً وانما جاء هؤلاء بتفويض من ولاياتهم وجاءوا يمثلون جماهير الحزب الاتحادي من كل ولايات السودان، ولو سألتني عن الذين جاءوا فلن اعرف أسماءهم فهم أتوا من كردفان والشمالية ودارفور وكل انحاء البلاد، وأرسلوا مناديبهم من القطاعات المختلفة.
ولكن بالمقابل هناك قيادات مؤثرة ولديها ثقل جماهيري موجهة تشارك الحكومة الآن ولديها القدرة على الحشد أيضاً؟
الموجودون في القصر الآن ضد تاريخ الحزب وضد الرغبة الوطنية واذا كانت للإنقاذ شرعية فان منسوبينا الموجودين معها الآن لديهم ذات الشرعية المشاركون في السلطة ينتحلون اسم الاتحادي الديمقراطي وأقول بملء فمي ان الحزب الاتحادي الديمقراطي لم يشارك في الحكومة حتى الآن.. ومن شارك فقد خرج من الحزب، لأن الاتحادي كان وسيظل محتفظاً بخطه النضالي بوجوده في صفوف المعارضة السودانية.
هل نتوقع انشقاقاً داخل الحزب؟
لا يحدث انشقاق مطلقاً في الفكر والموقف الوطني لن يؤمنون بالديمقراطية وعدم التحاور مع النظام. لكن من يؤيدون هذا النظام اذا انشقوا نعتبرهم خارجين، ولكن لن يحدث انشقاق.
ولكن رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني رفض قرارات مؤتمر أم دوم بحسب قيادات اتحادية نقلت عنه؟
هذا رجل كبير في السن وينبغي أن نحترم صمته.. لا أن ننتحل اسمه ونتاجر به .. هؤلاء الناس عديمو الأخلاق السيد محمد عثمان الميرغني لم ينطق بكلمة واحدة منذ ثلاث سنوات ولكنه يستغلون صمته، لماذا لا يتصل الميرغني بالشعب السوداني ويتحدث له بصوته الجهوري، لماذا لا يتحدث للشعب؟ لماذا يتحدث لهؤلاء الذين يساندون الشمولية دفاعاً عن أنفسهم وليس عن الميرغني، أقول لهم احترموا صمت الرجل.
ولماذا برأيك هو صامت طوال هذه الفترة؟
نظراً لظروفه الصحية والمرض لا يعيب انساناً وعلى هؤلاء أن لا يستغلوا صمته ليكتبوا ما يشاءون.
ولكن في حال لم يكن الميرغني في الحزب فانه سيفقد سنده الجماهيري؟
الحزب الاتحادي ليس ملكاً لشخص.. هذا الحزب موجود منذ (1956) وخاض عدداً من الانتخابات عبر التاريخ ولم يعتمد فيها على شخص أو طائفة، وهذا الحزب لكل الشعب السوداني ولكل الطرق الصوفية، لا يتجزأ منها احد، وكلها جزء من الحركة الاتحادية.
صحيفة المجهر السياسي