حمل الناعي من جوبا ان (ساكي) اردي بزخة رصاص في شوارع المدينة
اسمه في اوراق الحكومات (تشارلز) ؛ قد يكون مجتزأ من رواية الملك (لير) او ربما لمفهوم كنسي ؛ نشأ واسرته بيننا في حي شعبي مغبر الطرقات حيث تتراص صفوف اشجار النيم ؛ من اسرة من اهلنا (الزاندي) قوم فضلاء عليهم سمت لون خلاسي واجساد مكتنزة في العادة ؛
كان تشارلز شقيق لاخوته (جمعه) الذي كان مديد القامة بشكل لم يعتده اهل حينا وكذلك كان هناك (ساكي) وقد حرت في منبع هذا الاسم الطلياني ! قلت لنفسي لابد ان اباهم كان رجلا مثقفا ؛ تشارلز لسبب ما كان نسميه (نيكولا) مع لقب اخر طش في قعر ذاكرتي كلما احاول رفعه يسقط ؛ كان اصغرهم وقريبا منا في العمر ومشاغبات الصبا ؛ لعب معنا الدافوري ؛ تشاجرنا كحلفاء ومرات كخصوم ؛
غشي معنا ساحات العيد ومرات المساجد ؛ واحتفلنا معه بعيد الميلاد والكريسماس ورقصنا نرخي مؤخراتنا علي انغام (الجالوة) ؛ دخل معنا المدارس وشاركنا اتراح الازمنة وافراح المسافات ؛ لم يتأخر عن منشط وكان سباقا في المكره ؛ كان مثلنا وكنا مثله سودانيون اقحاح ؛ ناكل العصيدة والقراصة وفول دكان (صديق) بعرجته الشهيرة وتقاطيع وجهه الجادة ؛ شجع تشارلز وساكي وجمعه فريق (الشعلة) فهو فريق الشارع والمربع والخيانة غير مرجوة منهم في هكذا خيار ؛ مضت الايام وتقادمت التواريخ ؛ تزوجت اخواته فكنا اهل الجرتق والمناسبة وشجارات تلك اللحظات في ذاك العهد حينما تتطاير الكراسي وتنثر قبضات الايادي (البونية) ؛
مضت الايام واكتشفنا ذات نهار ينايري ان ابناء العم (رمضان) اجانب ! تطور لم يأبه احد بالطبع ؛ انتقلت الاسرة لسبب ما بتصاريف الزمان الي مايو جنوب الحزام ؛ يربطهم بالحي القديم ود واصرة دم لا تقاس بجينات وحمض نووي لكنها تجري في اوردة التواصل ؛ ان مات شخص حضروا وان غاب عزيز كانوا في صفوف النائحين ؛ ان عاد الغائب بمهجر حضروا كانهم يستقبلون ابنا لهم ؛ كان منزلهم يقع مباشرة قبالة مقابر الحي ؛ وكحالي حين امضي هناك ابتدر طوافي بفرد اجنحة دعائي علي الراقدين هناك اخ واخت وسلك من الرفاق والاحبة ؛ قبالة منزلهم يقع قبر (اندريا) ابنهم وابن اختهم ؛
والذي حين مات ظننت ان معز الحلفاوي سيلحق به ؛ لهذا كانت هذه الاسرة مسمرة بتراب هذا الحي العتيق لم تنقطع عنه حتي بعد ان ذهب (ساكي) و(جمعه) الي جوبا يطلبان حق حضانة الوطن الجديد كنت اثق انهما سيظلا مربوطين هنا ؛ سمتا ومزاجا وسحنة ؛
ولان الله كتب في الازل مصابهما فقط حمل الناعي اليوم من جوبا ان (ساكي) اردي بزخة رصاص في شوارع المدينة هناك وان جمعه مثل اي سوداني بالفطرة فزع نحوه فاصيب ليحال للمستشفي ؛ خبر تناقله رفاق ازمنة الطيبة هنا ؛ ترحموا وبكوا وهبوا كلهم جميعا لمايو حيث منزل صغير يشاطرون اسرة وفت احزانها
ويحك يا (نيكولا) اين انت ، قلت لك عد ..وقم فخلف كل (ساكي) ساكي يقوم فلا تدع مدامعنا سدي ..وذكريات اتقوت بها واتقوي
الخرطوم: محمد حامد جمعة
يا اخي بكيتنا عديل كده والله….البركه فيكم
انت تحكي قصة متكررة الشعب السوداني لم يرفض أي شخص من أي جنسية ناهيك عن الجنوبيين الذين كانوا مواطنين لهم حقوق و عليهم وجبات ،،، و لكن اذا سألت أي سوداني يؤكد لك انهم دوما كانوا يعتبرون انفسهم مواطنين من الدرجة الثانية و هذا الاحساس لم يفارق الجاهل و المتعلم منهم ،،،، لعدم اندماجهم في المجتمع و شعورهم بالدونية حمدنا الله على ذهابهم ،،، و اذا كنت تحكي عن حلاة اسرة فردية تربى اطفالها معك دون ان يدركوا معنى الدونية فنحن قد درسنا معهم في الثانوي في الداخليات فكانوا يرفضون ان يسكنوا معنا في العنابر و يفضلوا ان يكونوا في الصالات ،،،، و الله انا طرت فرحا عندما انفصل الجنوب و اسأل الله ان لا يعودوا يوما ما ،،،،،فلا داعي لصياغة اخبار عاطفية لا تخدم القارئ بشي ،،،،،،
يا حبيب الجنوبيين ديل كان المفروض ينفصلوا من زماااااااان وانت عارف السبب شنو .