طب وصحة

إهمال الضغط.. ما هي نتيجته؟

سيدة عمرها 40 سنه ووزنها 110 كيلوجرامات وتعاني من ارتفاع الضغط الشرياني منذ ان كان عمرها 20 سنة ولكنها خلال السنوات الماضية لم تلق للضغط بالا وآثرت ان تحارب ضغطها بالإهمال تارة وبالإنكار تارة أخرى… فمرة تقول ما عندي ضغط وهذا فقط ضغط نفسي يروح ويجي وفي أحيان أخرى تأخذ الدواء حتى يستقر الضغط ثم توقفه وتارة تسمع من مجالسها النسائية الخاصة نصيحة من الجالسات اللاتي يتحدثن حديث مجالس بتجربة الثوم والليمون لمدة شهر ومرات أخرى بالاستمرار على شاي الكركديه الغجر وتارة أخرى بخلطات من العسل وحبة البركة وكلما ارسل لها دكتورها الخاص الدكتور واتس اب رسالهة اخذتها بشغف وطبقتها فورا.. اضف الى ذلك انها خلال الحمل والفطام ديدنها ان تأخذ العلاج حتى ينتظم الضغط ثم توقف العلاج حتى يرتفع مرة أخرى وفكرتها الخاطئة التي تدافع عنها باستماتة انها هي ابخص بعمرها وهي تعرف تماما متى يرتفع الضغط وليس هناك داع لأخذ الدواء مادام انه ليس هناك اعراض تشتكي منها!! وعلى الرغم من ان زوجها أمّي لا يقرأ ولا يكتب ولكنه يظل ينصحها ليلا ونهارا وسرا وجهارا بالانتظام على ادويتها وهي (المتعلمة) لا حياة لمن تنادي!! حتى وقع ما لم يكن في الحسبان!! وهو انها أصبحت تشتكي من ضيق التنفس وخصوصا عند المشي وأحيانا اثناء النوم في الليل فيقطع عليها نومها بالإضافة الى تورم قدميها وآلام في المفاصل وعند زيارة طبيب القلب وجد الطبيب انها تعاني ضعفا في عضلة القلب حيث لا يتعدى قوة انقباضه 30% وكذلك قصورا في الكلى حيث كان مستوى الكرياتينين 240 مليمول في اللتر مع وجود زلال في البول(+++) !! وحيث ان هذه هي النتيجة المتوقعة لإهمال الضغط لكنها أصبحت حقيقة مرة تعاني منها سيدة في منتصف عمرها (المتوقع) وأصبحت بدلا من معالجة مرض واحد وهو الضغط فقط… أصبحت تعالج ثلاثة امراض مزمنة الا وهي ارتفاع الضغط وضعف القلب وقصور الكلى!!

وحيث ان هذ معاناة حقيقة واقعية فلا بد من ان نتوقف عندها لأخذ العظة والعبرة فيما يستنبط من ذلك من عبر ودروس.

أولا: الحكمة الطبية الدارجة عند جميع الأطباء في العالم وبكل لسان ولغة هي ان الوقاية من المرض اسهل بكثير من معالجته ومعالجة المرض نفسه اسهل بكثير من معالجة مضاعفاته… فلو ان تلك السيدة أعلاه راقبت ضغطها وحافظت على وزنها وابتعدت عن الملح واكثرت من الخضراوات والفواكه والرياضة اليومية لاستطاعت تفادي مرض الضغط او على الأقل تأخير ظهوره لما بعد الستين لا ان يحدث في اول شبابها ولو انها انتظمت على علاج واحد للضغط ومراجعة الطبيب بانتظام لاستطاعت تفادي مضاعفات المرض من قصور الكلى وضعف القلب ولذلك للوقاية من مرض الضغط مستقبلا ننصح بما يلي:

الحمية وهي بتقليل كمية الملح اليومي الى اقل من 2 جم يوميا وكذلك الدهون والنشويات وزيادة استهلاك البوتاسيوم (في من ليس لديهم قصور كلوي) وتخفيض الوزن الى الوزن المناسب لطول الشخص وايقاف التدخين نهائيا وعدم شرب الكحول والانتظام على التمارين اليومية بواقع ثلاثين دقيقة يوميا خمسة ايام في الأسبوع لما مجموعة 150 دقيقة أسبوعيا.

ثانيا: لا تخدع نفسك!!

بعض المرضى يقع بين خيارين احلاهما مر… فهو لا يريد الاستمرار على دواء الضغط والانضباط عليه باقي عمره وفي نفس الوقت لا يريد اهمال الضغط ومعاناة عواقبه الوخيمة!!.. فيقرر حلا وسطا وهو ان يأخذ حبوب الضغط عند ارتفاعه فقط ويتركها عند رجوعه الى مستواه الطبيعي… والحقيقة التي لا يريد ان يعرفها المريض انه بهذا الاسلوب يخادع نفسه لأن الضغط بطبيعته متذبذب فقياس المريض للضغط في تلك اللحظة لا يعني انه سيظل باقي اليوم او باقي الشهر او السنة كذلك ولا بد من بقاء الدواء في الدم فوق تركيز معين دوما ليتم الاستفادة منه في التحكم الدائم بالضغط …… واتباع الاسلوب المتقطع في اخذ الدواء يضر المريض حتى وان كان حذرا في مراقبة الضغط فقديما قالت العرب (من مأمنه يؤتى الحذر).

ثالثا: لا تعتمد على شعورك!!

الإحساس بأعراض الضغط غير دقيق ولا يرتبط ارتباطا وثيقا بدرجة ارتفاع الضغط بمعنى من الممكن ان تجد شخصا يعاني من صداع شديد وضغطه 160 على 95 وتجد شخصا اخر لا يشعر بشيء نهائيا وضغطه 170 على 98 ولذلك سمي بالقاتل الصامت وذلك لأنه ليس له أعراض واضحة تحدث عند جميع البشر بنفس الدرجة ويمكن الاعتماد عليها في تشخيص المرض ومتابعته أي بمعنى أن الأعراض غالبا لا تأتي إلا بمضاعفات متأخرة على الدماغ والكلى والقلب فتظهر على السطح شكوى المريض من كثرة الصداع والخفقان وضيق التنفس عند بذل أي مجهود مثل المريضة أعلاه!! وكذلك آلام الرقبة والجلطات القلبية والدماغية سواء العابرة أو المستقرة وأخيرًا فشل القلب وقصور الكلى، ولو كان ارتفاع الضغط يصيب المريض بجلطة قلبية مباشرة لما تردد أي مريض في أخذ الدواء من أول وهلة!!

وزبدة الكلام ان العاقل من اتعظ بغيره وعمل لتفادي وقوع الضغط ابتداء كوقاية ثم إذا حصل المرض بادره بالعلاج والانتظام على المتابعة مع الطبيب قبل ان يسوقه المرض رغما عنه الى الطبيب لمعالجة المضاعفات التي حصلت بما قدمت يداه.

أسبغ الله عليكم لباس الصحة.

جريدة الرياض