منوعات

كيف تحصل على الراتب الذي تستحقه؟

ظل سام بارنز يعمل مستشارًا بوكالة للتسويق الرقمي لسنتين قبل أن ينتابه شعور بأنه لا يجني ما يكفي من المال.

قال سام بارنز البالغ من العمر 26 سنة، ويعيش في مدينة نيوكاسل أبون تاين بالمملكة المتحدة: “لم أكن أتقاضى راتبًا مُجحفًا، ولكنني شعرت أنني لا أتلقى الراتب الذي أستحقه”.

شعر بارنز بأنه يحتاج إلى راتب أعلى يتناسب مع مهاراته وخبراته والمرحلة الجديدة من حياته.

ولكن عندما حاول التفاوض مع صاحب العمل من أجل زيادة راتبه، أدرك بارنز أن صاحب العمل لن يتراجع عن رأيه، ومن ثم، بدأ بارنز يبحث عن عمل في مكان آخر.

قال بارنز: “كلما فكرت في الأمر، انتابني الشعور بأنني وصلت لنقطة تحول في حياتي، وقد حان الوقت للانتقال إلى وظيفة أخرى”.

وفي وقت سابق من هذا العام، حصل بارنز على وظيفة مدير داخلي للتسويق الرقمي في إحدى المؤسسات الجديدة.

وقال بارنز: “كنت أحتاج إلى وظيفة يمكنني أن أرتقي فيها وأنّمي مستقلبي المهني. وقد حالفني الحظ لأجد وظيفة شاغرة في شركة رائعة وفرت لي الراتب الذي كنت أطمح إليه، كما أن لديها تسلسلًا أوضح للترقي”.

ووفقًا لمؤسسة “ريزولوشن فاونديشن” للأبحاث وحل المشكلات، لم تزد الأجور في المملكة المتحدة وأوروبا، شأنها كشأن الكثير من البلدان في العالم، منذ سنوات عديدة.

ففي المملكة المتحدة، ما زال معدل الأجور الأسبوعية أقل بواقع 29 جنيهًا استرلينيًا عن أعلى معدلاتها سنة 2009، حين بلغ معدل الأجور آنذاك 493 جنيهًا استرلينيًا، ما يعادل 649 دولارًا أمريكيًا.

ووفقًا لمكتب التعداد الأمريكي، لم يشهد متوسط دخل الأسرة في الولايات المتحدة تغيرًا ملحوظًا لثلاث سنوات متتالية، في أعقاب ما شهده من تراجع في السنتين السابقتين.

وهذا يعني أن الرواتب ما زالت تراوح مكانها. بيد أن الأسعار لا تكف عن الزيادة ولم يعد أمام العمال إلا خيارين، إما أن يطالبوا بزيادة في الرواتب أو أن يتركوا مناصبهم بحثًا عن فرص أفضل.

تقول أنابيل جونز، مديرة الموارد البشرية بشركة “أيه دي بي” بالمملكة المتحدة، التي توفر خدمات إدارة رأس المال البشري: “إذا شعرت أنك لا تحظى بالتقدير الكافي، سواء ماليًا أو غير ذلك، لما تقوم به من أعمال، فإن الوقت ربما يكون قد حان لتنتقل إلى مكان آخر”.

وأردفت قائلة: “ولكن إذا كنت ستنتقل إلى وظيفة أخرى بحثًا عن المال فقط، فيجدر بك دومًا أن تحاول التفاوض مع مديرك من أجل الحصول على زيادة في الراتب”.

وفيما يلي نصائح لتسترشد بها عند الخوض في نقاشات، غير هينة في الغالب، من أجل زيادة الراتب.

كيف تعد للنقاش؟ ابدأ بالبحث. ابحث عن معدل الرواتب التي يتقاضاها من يؤدون الأعمال نفسها التي تؤديها أنت، ويتقلدون نفس المنصب، لكي تحدد على أساس ذلك إما أن تبحث عن المال داخل شركتك أو خارجها.

والأهم من ذلك، أن تزيد من ثقتك بنفسك وتشحذ همتك. قال مايكل دود، مؤلف كتاب “إجابات رائعة عن أسئلة صعبة في العمل”: “يجب أن تقنع نفسك أولًا أنك تستحق زيادة في الراتب كخطوة أولى. فإن لم تكن على يقين بأنك تستحق ما تطالب به، فسيصيبك اليأس بسهولة”.

كم يلزمك من الوقت للتحضير: ستحتاج وقتًا طويلًا للبحث عن معدل الرواتب التي تتناسب مع وظيفتك وخبراتك، والبحث عن أصحاب عمل محتملين، وأن تعدّ مسبقًا للكلام الذي ستقوله. وفي كل الأحوال، لا تحاول أن ترتجل عند التفاوض على الراتب.

على سبيل المثال، ماذا ستفعل لو رفض رئيسك طلب زيادة الراتب أو التعاقد براتب أعلى من الذي عرضه عليك؟ هل ستخفّض المبلغ الذي تطالب به؟ وإلى أي مدى ستخفّضه؟ هل ستقبل براتب أقل في مقابل زيادة أسبوع إضافي إلى أيام العطلة المقررة مع إمكانية العمل من المنزل أيام الخميس من كل أسبوع؟

وقال دود: “لو فكرت في كل هذه الأمور مسبقًا، ستسهل على نفسك الأمور كثيرًا. فإن أعجبك عرضًا تقول: “نعم هذا مقبول”، وإن لم يعجبك تمامًا، تقول: “ربما نضع هذا كبديل لنصل إلى حل يرضي الطرفين”.

فلتفعل ذلك الآن: ابحث عن معدل الرواتب. قالت جونز: “بإمكان الموظفين تبرير طلب زيادة الراتب بالبحث عن معدل الرواتب خارج الشركة الذي يكشف لهم عن معدلات الرواتب الحالية للموظفين الذين يؤدون نفس الوظيفة”.

وتابعت جونز: “ولكن يجب أن يستقوا معلوماتهم عند البحث عن معدل الرواتب من المصادر الموثوقة التي تجري استطلاعات رأي بصدد الرواتب عبر الإنترنت أو إعلانات وظائف، لكي يضمنوا أن طلباتهم مبنية على معلومات يعول عليها”.

ومن بين المصادر التي تبدأ بالبحث فيها “باي سكيل دوت كوم”، ودليل شركة “هايز” للرواتب في المملكة المتحدة، وأدلة مؤسسة “روبرت هاف” للرواتب والتي تضم بلدانا عديدة.

ضع نفسك في مكان رئيس العمل: فكر فيما إن كان ما تطلبه من رئيس العمل معقولًا أم لا؟

قال جون واتكينس، مدير خدمة تنمية المهارات المطلوبة للحصول على وظيفة في مجال القانون بكلية القانون بالمملكة المتحدة: “هل لدى الشركة ما يكفي من الإمكانيات لزيادة راتبك؟ وكيف سيؤثر ذلك على زملائك في العمل؟ وهل سيزيدون راتبك هذه المرة ثم يمتنعون عن زيادة راتبك المرة القادمة، بحيث تجد أن وضعك إجمالًا لم يتغير؟”

أيضًا، عليك أن تأخذ في الحسبان كيف سينظرون إليك فيما بعد في إطار العمل اليومي؟ هل سيحترمونك مهنيًا بعد أن طلبت منهم الزيادة في الراتب، أم سيشعرون بالاستياء منك بسبب حرصك على جمع المال؟

تقول جاكلين أوريلي، أستاذة ورئيسة قسم الأبحاث في مجال الإدارة والتوظيف بكلية برايتون لإدارة الأعمال بالمملكة المتحدة: “إذا وضعت نفسك في مكان رئيسك، فإن أفضل طريقة هي أن تناقشه بأسلوب مهني لكي تساعده في إيجاد مبرر كافي لزيادة راتبك عندما يتحدث إلى رئيسه”.

كن مستعدًا لتثبت كم أنت بارع في العمل: يجب أن تؤكد أنك تقوم بمهام وظيفتك على أكمل وجه، ولكن عندما تتفاوض للحصول على زيادة في الراتب يجب أن تؤيد كلامك بمعلومات حقيقية. هل تمكنت من تحسين المبيعات؟ وإلى أي مدى؟ هل استطعت أن تستقطب عميلًا مهمًا؟ كم عدد الصفقات التي نجحت في تحقيقها للشركة؟

يقول نايجل هيب، مدير منتدب لشركة هايز العالمية للتوظيف: “يجب أن تثبت لرئيسك أنك مكسب للشركة وتستحق زيادة راتبك، ولذا فعليك أن تعرض كل ما حققته من إنجازات في العمل مع تقديم أدلة ملموسة لنتائج أعمالك”.

من المفيد أيضًا أن تتحدث إلى رئيسك في أعقاب صدور تقييم رائع للأداء، ينم عن الرضا التام عن أدائك، أو تحقيق نجاح كبير في العمل، أي في غمرة احتفاء الجميع بتألقك ونجاحك قبل أن يُنسى.

وإذا كان التوقيت مناسبًا، فيفضل أيضًا أن تناقش رئيسك قبل وضع الميزانيات السنوية، وقبل أن يصبح مقيدًا بميزانية محددة.

كن حاسما، ولكن واقعيا: سواء كنت تتفاوض على الراتب مع رئيسك الحالي أو مع من يجري معك المقابلة في شركة جديدة، إذا بدأت براتب عال للغاية ستبدو غير واقعي ولا تعلم شيئًا عن مستجدات السوق، وهذا سيعني بداية غير موفقة في التفاوض.

قال هيب: “لا تضع رقمًا جزافيًا. بل عليك أن تقوم بالبحث لتجد دليلًا على القيمة السوقية لمهاراتك، وما الذي بوسعك أن تقدمه”.

لا تفقد أعصابك: تذكر أنك تتفاوض ولا تخوض معركة. ولن يجدي اليأس ولا النبرة السلبية في الحديث نفعًا، كما لن يفيد عقد مقارنات بينك وبين آخرين في الشركة يتقاضون رواتب أعلى.

قالت جونز: “على الرغم من أن الحديث عن الراتب قد يثير انفعالات في أغلب الأحيان، فإن على الموظفين أن يعرضوا طلبهم بناء على أدلة عملية ذات صلة بالعمل فقط. وأن يتجنبوا التعبير عن كل ما يثير انفعالاتهم كلما تحدثوا عن هذه الطلبات”.

فلتؤجل ذلك إلى وقت لاحق: اختر مرشدًا خبيرًا تثق في رأيه. وإن لم يكن لديهم مرشد بالفعل، فلتفكر في تكوين علاقة مع زميل أقدم في العمل ليوجهك في أمور الراتب والانتقال إلى وظيفة أخرى.

تقول أوريلي: من الأفضل أن تطلب المشورة من شخص أعلى منصبًا في المكان، لأنه سيخبرك كيف ترقى إلى هذه المكانة، فضلًا عن أنه سينظر للأمر من وجهة نظر رئيسك في العمل وكيف سيتصرف لو كان في مكانه. ويمكن أن تسألهم، ‘هل أنا أطالب بشيء مستحيل التحقيق؟ أم هل مطالبي معقولة'”.

فلتفعل ذلك بذكاء: لا تهدد بتقديم إنذار نهائي. إذا ضغطت على رئيسك أو رئيستك في العمل، ولا سيما إذا هددته بأن تترك المكان إن لم يزد راتبك، سيكون رد فعل رئيسك سلبيًا.

تقول أوريلي: “في هذه الحالة إذا كان الشخص ينوي البقاء في المكان، فقد وضع نفسه في موضع يحتم عليه أن يترك المكان إذا رفض رئيسه طلبه. لا تضع نفسك أبدًا في مأزق لا تخرج منه إلا بتركك للمكان”.

BBC