نور الشام.. نون النسوة تتحدى ذكورية صافرة الملاعب.. بطاقات ملونة
جدل كثيف صاحب تسلل عدد من الفتيات لممارسة الرياضة؛ ذلك من واقع أن منشط كرة القدم في السودان تحديداً ارتبط بالرجال، لكن في الفترة الأخيرة ظهرت العديد من نجمات كرة القدم النسائية الناجحات، وتفوقن على الرجال، وحققن العديد من النجاحات والإنجازات رغم أن نظرة المجتمع وعاداته وتقاليده تمنع تلك الظاهرة من الانتشار.
في الفترة الأخيرة خرقت بعض الفتيات العادة ودخلن المساحات الخضراء كمدربات وهن في (بدلة التدريب) و(حكمات) وهن يمسكن بالصافرة داخل الملاعب، لا يمكن لأي سيدة ان تخترق مجال جديد وتثبت قدراتها فيه إلا وستجد نفسها أمام حرب كبيرة. وفي السياق برزت نور الشام حكماً مميزاً لكرة القدم في دوري الدرجة الثانية بمدينة كادوقلي ولاية جنوب كردفان.
النشأة والبدايات
أطلقت نور الشام صرختها الأولى في عروس الجبال في العام 1991.. عشقت الرياضة والمناشط منذ نعومة أظافرها، وكانت بداياتها في المرحلة الأساسية بـ (الكرة الطائرة) وتدرجت في المناشط وحققت نجاحات لافتة في ألعاب القوى، وأخيراً أصبحت حكم دوريات بالدرجة (الثانية)، تحت لواء اتحاد كادقلي المحلي لكرة القدم، وبعد مشاركتها في الدورات المدرسية والنجاحات التي حققتها فكرت في خوض تجربة جديدة وجريئة لم تسبقها عليها أخرى من بنات جنسها، حيث تلقت كورس التحكيم وأعدت العدة للدخول في هذا المجال بكل قوة وبدون تراجع، لم تجد معارضة من أفراد أسرتها أو المجتمع من حولها لأنهم اعتادوا على وجودها في المناشط الرياضية منذ صغرها مما أتاح لها السير بخطى واثقة في طريق محفوف بالمخاطر وانتقادات المجتمع.. تمكنت من الحصول على رخصة تحكيم محلي وتطمح للحصول على الرخصة الدولية، وخاضت العديد من المباريات بنجاح ومهنية مما أكسبها قاعدة جماهيرية واسعة أطلقت عليها لقب (عكمة) بمعنى (صعبة)، وهذا نتاج لجديتها في الملعب، فهي لا تجامل من أخطأ داخل المستطيل الأخضر فارضة شخصيتها طيلة الـ (90) دقيقة.
شوط أول
وعن ذكريات أول مبارة أدارتها نور الشام قالت: “كانت صافرة البداية قبل ثلاثة أعوام بين فريقي (الأهلي – والبركان)، وكان الخوف سيد الموقف لحظة دخولي للملعب، ومما زاد توجسي هتاف الجمهور مستهتراً بوجودي لإدارة المبارة، وبعد أن انتهت مجريات الشوط الأول بسلام انتهى الخوف وزال الارتباك، وبالعزيمة والتحلي بالشجاعة خرجت بالمباراة إلى بر الأمان بنتيجة مرضية للطرفين، وتلقيت التهاني من الإداريين واللاعبين.
أوف سايد
وأكدت الحكم نور الشام حرصها على إدارة المباريات بعدالة واقتناصها لحالات (التسلل) من على البعد جعل الجمهور يلقبها (بملكة التسلل). وتضيف ضاحكة: “امتلك عيون (صقر) تمكنني من التقاط أي مخالفة مهما كان المهاجم حريف في المراوغة، ودائما ما أجد نفسي أقوم بمهام (رجل الراية)”. أما عن اشتباك اللاعبين داخل الملعب تقول: “لم يحدث أن اعترضني لاعب بل بالعكس تماما أجد سهولة في فض النقاشات والتوتر، وذلك لاحترام اللاعبين لي ولمعرفتهم بشخصيتى فأنا لا أتحيز لفريق وأحكم بالعدل”.
شوط تاني
وأضافت نور: “لا أتردد ثانية واحدة في رفع الصافرة أو إحدى البطاقات الملونة أمام أي مخالفة، ولا أنحاز لفريق بعينه وأقوم بأداء واجبي بكل مهنية، ومن جانب آخر أسعى في هذه الفترة لنيل رخصة التحكيم الدولي، كما أتمنى المشاركة في المباريات العالمية لكرة القدم وبطولة كأس العالم على وجه الخصوص، فهي البطولة الأغلى والأهم على مستوى اللعبة عالمياً، كما أتمنى أن يُخلد اسمي في تاريخ التحكيم، وأطمح دائما أن أصبح مثل الحكم الإيطالي الشهير (كولينا) فهو بمثابة مثلي الأعلى وقدوتي في مجال التحكيم، وأحاول جاهدة وبقدر الإمكان التطور من مبارة لأخرى وصولاً للعالمية ورفع اسم السودان في كل المحافل الرياضية في كل أنحاء العالم”.
زمن إضافي
وعن أسباب نجاحها في هذا المجال تقول نور الشام: “من المعلوم أن مجال التحكيم ظل حصريا على الرجال، فهو يتطلب مجهوداً عالياً ولياقة بدنية كبيرة، ووجودي في المناشط الرياضية منذ الصغر جعلني أحافظ على مخزون عال من اللياقه البدنية، بجانب مشاركاتي في ألعاب القوى”. وعن نظرة المجتمع عن وجود المرأة في هذا المجال قالت: “لم أجد أي اعتراض من الأسرة أو المجتمع من حولي، لأن مجتمع كادقلي مجتمع متفهم جدا وأسرتي وقفت بجانبي، وكانت السبب الرئيس في نجاحاتي من خلال دعمهم ووقوفهم بجانبي”.
صافرة النهاية
وعن تأثير عملها في مجال التحكيم وحياتها الشخصية قالت: أنا أدرس في كلية (إدارة البنوك) بجامعة الأبيض، وقمت بتجميد السنة الدراسية الأخيرة حتى أحصل على رخصة التحكيم الدولي من الاتحاد العام ومن ثم أواصل دراستي، فلابد من نيل شهادة أكاديمية”. وتضيف: مازلت شابة ولم أقرر الزواج بعد، ولكن لا بأس إذا تقدم لي شخص من أجل الزواج، فلا أمانع، ولكني أشترط عليه مواصلتي في مهنتي، إلا أن أصل إلى أهدافي واعتزل المجال برغبتي.
صحيفة اليوم التالي