فيلم “نيء” يُدخل مشاهديه إلى المستشفى
تجذب أفلام الرعب شريحة كبيرة من الهواة، وخصوصاً من فئة الشباب والمراهقين. ولا تزال الأسباب مجهولة حول الطلب المتزايد على هذا النوع من الأفلام، التي تعتمد على العنف بشكل مباشر وأحياناً بشكل غير مباشر، رغم ميل متابعي هذه الأفلام إلى الحياة الآمنة والبعيدة عن الإجرام. يُرجح بعض علماء النفس أن السبب يكمن بوجود شحنات نفسية سلبية يقوم الناس بتفريغها أثناء مشاهدتهم تلك الأفلام.
زيادة الطلب في سوق الإنتاج على أفلام الرعب وكثرتها، جرد معظم هذه الأعمال من قيمتها الفنية السينمائية، وحولها لصناعة تقنية فقط، وتم إهمال أغلب العناصر الفنية فيها، كالحبكة الدرامية المقنعة، وذلك على حساب العمل المباشر على العناصر البصرية التي تبث الرعب لدى المشاهدين، فتحتل المشاهد الدموية القاسية نسبة كبيرة من مدة الفيلم، إضافةً لاعتماد هذه الأفلام على وجود شخصيات متخيلة مثل “مصاصي الدماء”، الأشباح والمخلوقات الفضائية، والتي تجذب المراهقين غالباً.
إلا أن المخرجة الفرنسية جوليا دكورنو حاولت أن تقلب المعادلة، وأن تعيد لفيلم الرعب مكانته الفنية التي كانت عليها في أفلام هتشكوك. وفي فيلمها الأول RAW أو “نيء”، اعتمدت فيه على حبكة درامية واقعية مقنعة. فالقصة تدور حول “جاستين”، وهي فتاة في السادسة عشرة من عمرها من أسرة نباتية، تحرم أفرادها من أكل اللحوم، وتتحول بشكل تدريجيي إلى أكلة للحوم البشر، بعدما أجبرت على أكل كبد أرنب نيء، كطقس من طقوس دخولها إلى كلية الطب البيطري، مما يولد بداخل “جاستين” شهوة ورغبة اتجاه اللحم البشري.
اعتمدت دكورنو في فيلمها على واقعية المشاهد، بشكل أساسي، والتي صورت بحرفية تقنية عالية علامات العض والأعضاء الممزقة، وممارسة الجنس بطريقة مفزعة ومزعجة بالنسبة للمشاهدين. واستطاعت دورنو أن تبث الرعب في قلوب المشاهدين منذ العرض الأول لفيلمها ضمن أسبوع النقاد الدوليين في مهرجان “كان” السينمائي، وأن تحصل على تشجيع النقاد بسبب الإتقان والفكرة المميزين في الفيلم، وحصل الفيلم على جائزة “فيبريسكي” من النقّاد بعد عرضه للمرة الأولى في مهرجان “كان”، في منتصف العام الحالي، واستطاع الفيلم الناطق باللغة الفرنسية تحقيق صدى واسع، كونه أحد الأفلام الأوروبية التي من المحتمل أن تلقى رواجاً عند الجمهور الأميركي.
ولكن أثناء عرضه في مهرجان “تورنتو” السينمائي، فقد تم استدعاء سيارات الإسعاف بسبب حالات الإغماء التي أصابت أفراد من الجمهور، لعدم قدرتهم على تحمل المشاهد العنيفة التي قدمت في الفيلم.
والفيلم من إخراج وتأليف: جوليا دكورنو، ومن بطولة الممثلة غارنيس ماريلير، واستعانت المخرجة بخبير المكياج أوليفر ألفونسو الذي يعتبر صاحب خبرة طويلة، بأفلام الرعب، واستطاع كادر العمل أن يحقق بصمة حقيقية في عالم أفلام الرعب بالتجربة الأولى التي جمعت بينهم.
العربي الجديد