السودانيون يذوقون مرّ رفع الدعم
طبقت محطات توزيع الوقود السودانية منذ يوم الجمعة الماضي، قرارات الحكومة بتحرير أسعار الوقود، وزيادة أسعارها بنحو 30%، بينما زادت تعرفة الكهرباء ستة قروش وعشرين قرشاً. وقررت الحكومة في المقابل رفع أجور العاملين بنسبة 20% في الميزانية الجديدة، مع خفض الإنفاق الحكومي 10% عبر تقليل سفر الوفود الخارجية وتشييد المباني الحكومية وشراء السيارات.
وأثارت القرارات هذه غضب المواطنين، وكذا تساؤلات خبراء الاقتصاد، الذين رأوا أنها ستزيد من إفقار الشعب السوداني دون أن تسهم في حل الضائقة الاقتصادية، لا سيما أنها ستضاعف من أسعار السلع الاستهلاكية وستمتص الزيادة المتوقعة في المرتبات.
وسبق أن خرج الشارع السوداني في تظاهرات عنيفة في سبتمبر/ أيلول 2013 عند إعلان الحكومة وقتها حزمة قرارات زادت بموجبها أسعار المحروقات، وأدت التظاهرات لمقتل وجرح نحو 500 شخص.
ورأى اقتصاديون أن خطوة الحكومة جاءت استجابة لتوصيات البنك الدولي قبل شهرين، والتي نصح فيها الخرطوم بتعويم الجنيه السوداني ورفع الدعم عن السلع الاستراتيجية. وأكدوا أن هذه الإجراءات ستضع الحكومة في مواجهة مع الشارع، بعد اللجوء إلى الطرق السهلة لزيادة إيرادات الخزينة باعتبار أن زيادة جنيه واحد في سعر البنزين والمازوت سيوفر للحكومة إيرادات تصل إلى مليار جنيه.
ورأى الخبير الاقتصادي، بابكر محمد توم، أن الحكومة درجت على إجراء إصلاحات قاسية ما يتطلب أن تتزامن مع حزم خارجية لتنجح في حل مشكلة الاقتصاد. ودلل في ذلك على مصر، التي استجابت لنصائح المؤسسات الدولية العالمية بتعويم الجنيه المصري، ومن ثم الاستفادة من مبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي للتخفيف من حدة الخطوة.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي كمال كرار إن الخطوة الحكومية لن تحل الأزمة الاقتصادية وستزيد من حدتها، وأنها تؤكد عجز الحكومة عن ابتكار أفكار حقيقية لخلق التوازن الاقتصادي. ورأى أن الإجراءات الأخيرة بزيادة أسعار الوقود والكهرباء وخلافه ستصيب الاقتصاد السوداني والأسر الفقيرة في المقتل.
واعتبر الزيادة في المرتبات مجرد ذر للرماد في العيون، إذ سيتم امتصاصها بالارتفاع المتوقع لأسعار السلع والخدمات. وأوضح: “زيادة المرتبات تشمل قلة تعمل في القطاع الخاص والعام، ولكن هناك أكثر من 75% من السودانيين يعملون في الاقتصاد الهامشي، أو قطاع الزراعة والرعي وخلافه”. وأكد كرار أن “هؤلاء لن يستفيدوا من زيادة الرواتب”.
في المقابل دافع وزير المالية السوداني بدر الدين محمود عن الإجراءات الحكومية وقد اعترف بتأثر عملية الحصاد الجارية حالياً بشكل محدود بالاجراءات الجديدة.
ورأى الوزير في تصريحات أن الزيادة في أسعار الكهرباء لن يتأثر بها المواطن والبسيط، معتبراً أن المستهدف بها هم أصحاب المداخيل العالية والفنادق والسفارات وغيرها من المنشآت.
وأكد الوزير أن العام المقبل سيشهد انخفاضاً في معدلات التضخم بما لا يزيد عن 15% في المتوسط، بينما سينخفض العجز في الميزان التجاري من 4.2 مليارات جنيه إلى 3.7 مليارات جنيه.
العربي الجديد