علوم و تكنلوجيا

ألعاب الكمبيوتر على طاولة الطب النفسي

ألعاب الكمبيوتر تطورت مع الوقت وأصبح بإمكان اللاعب مشاركة لاعبين آخرين من أنحاء العالم فى نفس الوقت، فشدّ ذلك الكثيرين أمام شاشات الكمبيوتر أو الهواتف الذكية دون الشعور بمرور الوقت. فهل يؤدي ذلك الى الإدمان؟

خلصت نتائج دراسات حول ألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية إلى أنها تسبب الإدمان، مما يستدعى إخضاع بعض اللاعبين للعلاج الطبي والنفسي. وأوضحت مجلة “صحتك بين يديك” على قناة DW عربية، في حوار مع الطبيبة نينا رومانزيوك، أخصائية الطب النفسي بمستشفى شاريتيه في العاصمة الألمانية برلين، أنه لا يمكن التعميم بأن كل من يلعبون ألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية يندرجون تحت نطاق المدمنين. لكن بالطبع هناك أعراض تدق ناقوس الخطر للأشخاص وللوالدين من أجل حماية أنفسهم وأبنائهم من الوقوع فى براثن الإدمان. من بين تلك الأعراض فقدان القدرة على التحكم بالنفس من حيث الوقت الذى يقضيه اللاعب في اللعبة. كذلك ينتاب المرء شعور نفسي سيء ورغبة كبيرة للهروب من العالم الواقعي والبقاء في العالم الافتراضي لأطول فترة ممكنة على حساب العمل والدراسة أو العلاقات الاجتماعية مع الأقارب والأصدقاء.

كما تذكر ميريام باومغارتن، وهي إحدى المريضات اللواتي خضعن للعلاج: “بدأت ألعب وأنا أنتظر القطار لتمضية الوقت، ولكن حدث أن فاتني القطار وأنا ألعب”. ووصل شغف باومغارتن باللعب إلى حد التقصير في واجباتها اليومية ونسيان كل ما حولها من أجل اللعب، ما جعلها تسعى للحصول على مساعدة طبية.

فى هذا السياق، يفيد الطبيب كاي مولر، وهو طبيب نفسي متخصص فى مجال ألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية، بأن الألعاب لا تدفع بأصحابها تلقائياً إلى الإدمان، ولكن بعض اللاعبين معرضون للوقوع فى السلوك القهري، خاصة وأن الشركات المنتجة لمثل هذه الألعاب تقوم بتقديم مؤثرات نفسية وتسهيلات لللاعببين من أجل دفعهم لمواصلة اللعب للوصول إلى نشوة الفوز، وهو ما يسعي إليه أغلب اللاعبين ويؤدي الاستسلام لها إلى الإدمان.

استراتيجية العلاج من الإدمان

في البداية، لا بد من التعرف على ما هية المشكلة وتحديدها من أجل النجاح فى علاجها. وهنا يتم طرح التساؤلات التالية: هل لألعاب الكمبيوتر تأثير على حياة اللاعب؟ هل تؤثر سلباً على الأنشطة اليومية والشخصية للفرد؟ هل تفسد علاقاته بالآخرين؟ هل لا يقوى الفرد على الامتناع عن اللعب فى أغلب الأوقات على حساب التزاماته؟ إن كانت الإجابة على الأسئلة السابقة بنعم، إذن يجب على الفرد طلب العلاج عن طريق التوجه إلى الشخصيات الموثوق بها فى محيطه العائلي طلباً للنصيحة والإرشاد. كذلك توجد عروض كثيرة في العيادات الطبية المتخصصة ومكاتب المشورة.

ولبدء أولى خطوات العلاج النفسي، يتم التركيز على مسببات الإدمان من عدم توفر سلام اجتماعي وقلق ورغبة فى الهروب من العالم الواقعي وما شابه ذلك من جانب مدمني الألعاب. ويتم العلاج فى مراكز متخصصة ويستمر عدة أشهر، وفي الحالات المتطورة يتم إيداع المريض أحد المستشفيات لحاجته للرعاية الطبية.

بالنسبة لكلارك، وهو مدمن سابق لألعاب الكمبيوتر يبلغ من العمر 27 عاماً، فقد كان يواجه صعوبات في التأقلم مع محيطه الاجتماعي وعدم الثقة بالنفس، ما دفع به إلى “جنة” العالم الافتراضي للألعاب، فكان يقضي كل وقته متنقلاً بين ألعاب الكمبيوتر ضارباً عرض الحائط بمواعيده الهامة، الأمر الذي هدد حياته الاجتماعية وعلاقته بصديقته التى شجعته على طلب العلاج. وبالفعل قرر بدء العلاج وحقق النجاح المطلوب.

وأخيراً، تقول الطبيبة نينا رومانزيوك إن المدمن السابق على الألعاب لا يستطيع العودة لحياته الطبيعية إلا بشرط أن لا يعود فى نفس الوقت إلى ممارسه هوايته باللعب بشكل مستمر ودوري، ولكن يجب أن يتحلى بالقوة ويتخذ قراراً نفسياً داخلياً يمكنه من الانتصار بالنهاية، وأن يدرك ما يجب فعله عند التعامل مرة أخرى مع مثل هذه الأجهزة.

(DW)