منوعات

قصة «سفاح غامض» لم يعد غامضًا: سرق بيوت المشاهير وتزوج «حسناء الإسكندرية»

في ستينيات القرن الماضي بدأت الصحف المصرية في شن حملات تشويه ضد الشباب الذين يقلدون النجم الأمريكي «جيمس دين»، والذي كان رمزًا ثقافيًا لخيبة أمل المراهقة التي صورها في فيلمه «متمرد بلا سبب»، وذلك حسبما رواه الكاتب محمد شعير بجريدة «الخليج».

وتابع «شعير»: «الحملة ضد الشباب كانت بسبب تمردهم على جيل الآباء، لأنهم يرقصون الرقصة الجديدة وقتها التشا تشا تشا»، قبل أن تطغى ظاهرة غريبة على الأحداث، وتمثلت في سطو لص غامض على «كرمة ابن هانئ» بيت أمير الشعراء أحمد شوقي، بعد أن سرق من دولابه «نخلة من الذهب» أهداها أمير البحرين له، بمناسبة تنصيبه أميرًا للشعراء.

وأردف «شعير» أن اللص سرق كأسًا من الفضة من منزل «شوقي»، كان حصل عليها من هدى شعراوي باسم الاتحاد النسائي، وذلك قبل أن يتمكن نفس الشخص من السطو على فيلا أم كلثوم، حتى شغل الرأي العام 4 أشهر كاملة.

لكن الشرطة تمكنت من القبض على اللص، ويقول «شعير»: «لكن اللص الغامض لم يعد غامضًا، إذ تمكن البوليس من القبض عليه، وقال في التحقيقات إنه ارتكب 58 جريمة وقبل محاكمته تمكن من الهرب».

حينها نشرت الصحف تفاصيل عنه، وذكرت أن اسمه محمود أمين سليمان، وأطلقت عليه لقب «السفاح»، لأنه تحول بمرور الوقت إلى قاتل.

وهنا يستعرض «شعير» الظروف التي تسببت في تحول «سليمان» إلى «سفاح» من وقع ما نشرته الصحف، ويروي: «فتشت الصحف في حياة اللص الذي تحول كما كتبت جريدة المساء: في خيال بعض الناس إلى أسطورة شعبية، إلى نوع من أبوزيد الهلالي وعنترة بن شداد».

ويعرف «شعير» السفاح: «بدت رحلة سليمان منذ الطفولة، عندما ترك والده قريته جنوبي مصر أبو تشت، وسافر للعمل في لبنان، الطفل الصغير متمرد دائمًا على الأسرة والمدرسة، يسرق أموال والده ليصرف على متعته الشخصية، ثم يسرق من الجيران، حتى ألقي القبض عليه ليسجن في لبنان خمس سنوات، ويضطر الأب المستسلم والمسالم إلى أن يترك لبنان إلى الإسكندرية عام 1953».

نتيجة بحث الصور عن محمود أمين سليمان

وتابع: «الابن استطاع الهرب من سجنه والاختفاء، بل الزواج أربع مرات متتالية وكأنه شهريار العصر الحديث، اضطر بعد كل هذه المغامرات إلى ترك لبنان أيضًا ليعود إلى أسرته في الإسكندرية، ويعلن أمام العائلة ندمه وتوبته ويفتتح هناك دار نشر باسم دار الفكر للنشر، ثم يتزوج حميدة أحمد إبراهيم التي اشتهرت باسم بيلا ثم يتركها».

وأردف «شعير»: «تعددت جرائمه في الإسكندرية وهروبه، وكان يدافع عنه في كل جريمة صديقه المحامى بدر الدين أيوب، وتمضي الشهور حتى يجد فتاة عمره والتي عرفت بـ«حسناء الإسكندرية» ليتزوجها وينجب منها ابنته، وينتقل إلى القاهرة ليفتتح بقالة إيمان».

وبمرور الوقت يكتشف «سليمان» أن زوجته على علاقة بأعز أصدقائه، واعترفت له بكل شيء، كما أبلغته بعلاقة أخته بزميل له في العمل، ولم يكن أمامه حينها إلا الانتقام، ونجح في ذلك باستثنائها هي، كونها تجيد الهرب بشكل دائم منه حتى خصصت لها المباحث قوة لحمايتها، من أجل الإيقاع به حسب رواية «شعير».

وبالفعل تمكنت قوات الشرطة من الإيقاع بـ«سليمان» في منطقة حلوان، وحسبما ذكر «شعير» نقلًا عن «الأهرام» حينها دارت مناقشة طويلة استمرت لـ75 دقيقة بين «السفاح» وحكمدار القاهرة.

واشترط «سليمان» حينها على القوات لتسليم نفسه أن يحضروا له زوجته، ثم طلب بعد ذلك أن يأتوا له برئيس تحرير «الأهرام» حينها محمد حسنين هيكل، بعدها بدأ الهجوم عليه، وكتبت «الأهرام»: «سليمان تلقى 17 رصاصة لقي مصرعه على إثرها»، بينما كتب محرر «المساء»: «سليمان أطلق على رأسه الرصاص من مسدسه ليموت منتحرًا»، وذلك حسبما أطلع عليه «شعير».

وبعد الهجوم فتشت الشرطة الشقة التي أقام فيها «سليمان» فى شارع محمد علي، ووجدت رسالة موجهة إلى الكاتب محمد حسنين هيكل من «السفاح»، ونشر الكاتب الراحل نصها في الصفحة الأولى من «الأهرام».

وما طلب «سليمان» نشره من «هيكل» هو سيرته الذاتية مرتبة في حلقات، كما وضع عنوانا رئيسيا كان: «محمود أمين يتكلم بعد صمت ويخص الأهرام بهذه الرسالة»، وكان مضمون ما تم نشره عن «السفاح» هو توضيح «أسباب غضبه من المجتمع الظالم، ونفى عن نفسه أن يكون سفاحًا، بل هو مجرد إنسان منكوب بخيانة زوجته، وحاول تحليل شخصيتها، وشرح ظروفه البائسة، أما ضحاياه فقتلوا بطريق الخطأ»، وذلك حسبما رواه «شعير».

 

 

المصري لايت