تنامت في الآونة الأخيرة ظاهرة الاعتداء على الأطباء في المستشفيات وغرف الطوارئ الأمر الذي يحتم على الجميع وضع حد للظاهرة.. أحداث متكررة
تنامت في الآونة الأخيرة وبصورة مثيرة للاهتمام ظاهر الاعتداء على الأطباء الطبيبات في أماكن عملهم في غرف الطوارئ والعمليات والولادة وغيرها، وكما تلاحظ أنه في الغالب يكون المعتدي أو المعتدون من أفراد.
الإخوة في القوات النظامية المختلفة على اختلاف مسمياتها ورتبها، حتى يخيل للرائي أنه في إحدى حلبات المصارعة الحرة في نسختها السوداني الأصيلة، وكذلك سماع الكثير من الألفاظ والعبارات الخادشة للحياء والعابرة لحدود الذوق واللياقة، في مشهد يسيئ كثيراً لصورة المعالج والمريض والمرافق ويهدد بحق العملية العلاجية، التي (فيها ما يكفيها)!!
تكرار الأحداث
لا يكاد يمر يوم من الأيام ألا تحمل الأنباء أن نظامياً اعتدى على الأطباء في مدينة كذا بعد أن تأخر عمل إجراء طبي لمريضه أو ما شابه، وبناء على ذلك يدخل الأطباء في اعتصام عن العمل إلى حين توفير الحماية لهم وبعدها تبدأ الواسطات والأجاويد، وناس (باركوها يا جماعة)، وتدخل السلاطين والعمد و(الأهالي)، وفي النهاية يتم التوافق على بروتوكول لا يلتزم به أحد، لتعود بعدها هذه الساقي اللعينة للدوران من جديد، ويبدأ فصل جديد من (حجوة أم ضبيبينة) التي تدور في أشكال أخرى منذ زمن في أرضنا الحبيبة.
الحاجة للإصلاح
أما الأسباب وراء ذلك فهي كثيرة ومتعددة وتحتاج لورش وحلقات نقاش لتشخيص مكامن الخطر والعلة وتشريح الظاهرة وعلاجها علاجا جذريا ومبرما بدلا عن سياسة إطفاء الحرائق التي أثبتت الأيام أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، ويبدو أن من ضمن تلك العوامل فقدان لغة الحوار المشتركة، حيث يكثر الأطباء من استعمال المصطلحات الطبية التي تجعل الآخرين يشعرون أنهم (مسطحين) وتثور ثائرتهم بعد ذلك، وكما قد يكن غياب مهارة توصيل الأخبار السيئة عاملا آخر في ظهور المشكلة، وكذلك التراخي في حضور الكادر الطبي لحالات حرجة عند الاستدعاء هذا يثير النظامي والذي يشتهر بالظبط الربط والانضباط.
في الواجهة
من ناحية أخرى قد يكون الطبيب هو الواجهة التي تحمل (وش القباحة) ويتحمل كل سوءات النظام الصحي وفقدان مقومات بيئة العمل المناسبة في العديد من المرافق الصحية، وعدم اتباع معايير الجودة، بحيث يدفع الطبيب المسكين ثمن ذلك ركلا ولكما وشتما، بينما أصحاب الصولجان الصحي في مكاتبهم الوثيرة يضربون الكندشة ويشربون المشروبات الساخنة والباردة ويقرأون الصحف، ولعلهم يرددون في أنفسهم عند قراءة خبر (دق) لأحد الأطباء أن (الجاتك في دكتورك سامحتك). وعلى صعيد آخر، فإن المرافقين من المرضى والحضور من (الملكية) يلعبون دور الحجاز الذي غالبا ما يكون جزاؤه مثل جزاء سنمار المسكين الذي (دقس) ببناء ذلك الصرح لمن لا يستحق كما (دقس) الكثيرون من بعد ذلك، وبالتالي تحدث العديد من التحولات الدراماتيكية من دور المرافق ليتحول لمصاب (عمليات)، وكما ينتقل الطبيب إلى مريض أو جريح وقد تكون العواقب بعد ذلك وخيمة على الجانبين، والأمر برمته يحتاج لمزيد من التقصي، حتى لا يأتي اليوم الذي يذهب فيه الطبيب للمستشفي وهو (مسلح)، أو معه (بودي قارد) أو الاستعانه بالأهل (ككوادر حماية) وتكون غرف الطوارئ بها (ساتر) أو أسلاك شائكة تمنع من الوصول لاستراحة الأطباء (الذين طولوا) في الفطور (بالغوا) في بط الحضور، ونحن قبيلة الأطباء لا نبرأ أنفسنا أن النفس لأمارة بـ (الركلسة) و(الهبلسة) أحيانا، ولكننا نقول لمن يهم بضربنا ويعتقد بأن ذلك الطبيب (يستاهل يدوا دقة) بأننا لسنا سوى ظل لمن لديه الرغبة في الطعن وإن كان الفيل الآسيوي صغير الحجم فإن فيلنا الوطني (وهذه نسبة للوطن الجغرافي حتى لا يحدث التباس) كبير الحجم، ولعل هذا هو السبب في أحجام الكثير عن ذلك أو ربما كان من نوع الأفيال التي (أدام الله ظلها)، وهذا ما يجعلنا أن نتمنى أن يظلنا الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
أمدرمان – علي بلدو
صحيفة اليوم التالي
هناك عنصر هاه ادى الي تقاعس الاطباء عن واجبهم الا وهو وسائل التواصل من فيس و واتس عندما يبلغ الطبيب بوصول حالة طارئة لا ينهض من فوره بل يريد النهوض بعد فراغه من الدردشة وحينئذ تثور ثائرة المرافق ويحدث ما لا يحمد عقباه