قوات ضاربة تلاحق تجار البشر في سهل البطانة والخرطوم
موقع ولاية الخرطوم في قلب السودان وإحكامها للطرق المؤدية الى بقية ولايات السودان، جعل منها معبراً مهماً تمر عبره عمليات التهريب المتعددة، فالولاية ذات حدود مترامية الأطراف ويحدها عدد من ولايات عبور هذه التجارة الكاسدة،
وهو ما قاد شرطة ولاية الخرطوم لاتخاذ جملة من التدابير الاحترازية والمنعية لحسم الظاهرة، وأبلغت (الإنتباهة) مصادر رفيعة بأنه تم وضع خطة أمنية محكمة ترتكز على عدة محاور، وتهدف إلى قطع الطريق على رحلات مهربي البشر العابرين عبر حدود ولاية الخرطوم، بل دفعت في وقت سابق بقوات ضاربة للمشاركة في عمليات تمشيط سهل البطانة، ومكنت شرطة المعابر بلوجستيات للقيام بواجباتها تجاه هذه الجريمة العابرة، واختتمت هذه الأعمال بإشراك القيادات الاهلية التي تقطن على مشارف الولاية للاسهام في حسر الجريمة والسيطرة عليها وتوعية ابناء مناطقهم بمخاطر الجريمة …(الإنتباهة) رصدت هذا الحراك في المساحة التالية:
متحرك سهل البطانة
منطقة سهل البطانة إحدى الهبات الربانية العظيمة التي حبا الله بها هذه البلاد، ونسبة لموقعها الاستراتيجي وربطها خمس ولايات امتدت في قلب السودان ما بين ولاية القضارف والجزيرة والخرطوم وكسلا وولاية نهر النيل، حاول بعض ضعاف النفوس احالتها الى مسرح جريمة عابرة تنتهك فيها الآدمية من خلال الجرائم المستحدثة والاتجار بالبشر وتهريبهم وعبور السلاح والمخدرات، وظل تأمين هذا السهل واحداً من التحديات الكبيرة للشرطة، التي اكملت استعدادها بالتنسيق مع الاجهزة النظامية الاخرى بغرض محاصرة الظواهر السالبة بسهل البطانة وبسط هيبة الدولة. وشاركت شرطة ولاية الخرطوم في متحرك سهل البطانة بقوات ضاربة واعدت لهم من التجهيزات ما مكنهم من القيام بواجباتهم، وقد تمكنت من تنفيذ أكبر عملية تمشيط مشتركة انطلقت من قسم أم ضواً بان وقسم ود أبو صالح بمحلية شرق النيل، حتى منطقة قيلي والقدواب المتاخمة لحدود محلية شرق النيل مع ولاية القضارف، وهي معقل للانشطة الاجرامية. وشملت عمليات التمشيط الوديان الواقعة جنوب قيلي والتقاطع مع منطقة تمبول بمحلية شرق الجزيرة وحلفا بولاية كسلا حتى منطقة التعدين، وواصلت القوة سيرها وتمشيطها حتى المنطقة الحدودية بين محلية شرق النيل وولايتي نهر النيل وكسلا حتى منطقة أم شديدة. هذه العملية تمكنت من محاصرة عمليات تهريب البشر واحبطت واحدة من أكبر عمليات التهريب لـ (112) من الأجانب بمختلف جنسياتهم، وتوقيف متهمين تورطوا في عمليات التهريب ومواجهتهم ببلاغات وإحالتهم لساحات العدالة.
معابر أنموذجية
شرعت ولاية الخرطوم بالتنسيق مع شركائها بالتخطيط العمراني في انفاذ أنموذج جديد للمعابر يراعي استراتيجية الولاية ورؤيتها الأمنية والحضارية والسياحية للولاية، وقال مدير شرطة المعابر في تصريح صحفي انهم ناقشوا أنموذجاً موحداً للمعابر يحتوي على كل الطرق الحديثة المعمول بها عالمياً لتجميع كل الإدارات العسكرية والمدنية التي تعمل في المعابر، مشيراً إلى أن الاجتماع أقر الأنموذج الذي أعدته وزراة البنى التحتية باعتباره يعمل على تطوير معابر الولاية، ويحقق الأبعاد الجمالية والسياحية للولاية، ويحقق كذلك استراتيجية الولاية في منع وضبط تسلل الأجانب وتهريب البشر والبضائع والمخدرات، مما يحقق الأهداف الأمنية والضبط الالكتروني . وذكر أن أنموذج المعبر الموحد سيطبق على(7) معابر وهو يحتوي على ثلاثة مسارات، مسارين للمركبات الصغيرة وآخر للمركبات الكبيرة، مؤكداً اهتمام الولاية بالمعابر وتهيئة بيئة العمل وسكن القوات، وايجاد غرف وصالات للعابرين بجانب صالات إيواء مؤقت للأجانب، وكشفت احصاءات ان شرطة المعابر تمكنت من احباط الكثير من محاولات تهريب البشر وتسلل الاجانب عبر والى العاصمة.
تنوير استثنائي
مدير دائرة الشؤون الإدارية بشرطة ولاية الخرطوم اللواء شرطة سر الختم عثمان، قاد حواراً مع مكونات الإدارات الأهلية المتاخمة لحدود الولاية، بغرض تنويرهم واشراكهم في الهم الأمني ومساعدة السلطات المختصة، وهو ما وجد تجاوباً كبيراً بين هذه القيادات التي اجتمعت مع اللواء سر الختم وتفاكرت بعمق حول تأمين حدود الولاية من هذه الجريمة، مشيراً الى ان الجريمة تعد من الجرائم المنظمة التي تديرها مجموعات اجرامية تستدرج ضحاياها، وعن طريق الخداع والاغراء توقعهم ومن ثم تكرههم وتسلب حرياتهم وتعرضهم لمآسٍ انسانية وجسدية ونفسية بالغة، مؤكداً أن شرطة الولاية في إطار واجباتها ولنشر الطمأنينة والاستقرار تقوم بتوعية المواطنين بمخاطر الاتجار بالبشر وكيفية التصدي لها، لما تمثله من اتنهاك لحقوق الإنسان، مبيناً أن الجرائم لم تصل لمرحلة ان تكون ظاهرة وتأتي نسبة للصراعات من دول الجوار وعمليات النزوح واللجوء وتداعياته، مشيراً الى تحقيق عدد من النجاحات لشرطة الولاية في المجالات ذات الصلة .
عصابات منظمة
اللواء عماد خلف الله مدير الادارة العامة للتعاون الدولي برئاسة الشرطة، اكد أن جريمة الاتجار بالبشر تنفذها عصابات منظمة تستخدم كثيراً من الوسائل التقنية والفنية في تهريب الضحايا واستغلالهم وارتكاب جرائم خطيرة أثناء تهريبهم من دول المصدر مروراً بدول المعبر، موضحاً أن أوروبا تعد المقصد الأساس لمختلف دول العالم وخصوصاً الدول الإفريقية، مشيراً إلى توقيع عدد من الاتفاقيات والمعاهدات التي تمنع مثل هذه الجرائم التي تنتهك حقوق الانسان المنصوص عليها دولياً، وأشار اللواء عماد إلى أن الشرطة السودانية لديها عدد من القوانين والتشريعات الوطنية التي تعمل على مكافحة هذه الجريمة عبر عدد من الآليات التي تعمل بتنسيق تام كهيئة الجوازات والسجل المدني والمباحث والشرطة الأمنية وشرطة ولاية الخرطوم وشرطة الولايات المختلفة، كاشفاً عن تشكيل وزارة الداخلية لجنة شرطية مختصة يترأسها ضابط برتبة رفيعة تقوم بتنسيق الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، حيث تعمل هذه الآلية كنقطة اتصال بالتعاون الدولي الى جانب اقامة عدد من الدورات التدريبية الداخلية والخارجية التي تعمل على بناء قدرات قوات الشرطة في مكافحة الجريمة .
تعدد المسارات
أعيان وعمد وقيادات الإدارة الأهلية الذين يقطنون في مضارب ومداخل وحدود الولاية، أجمعوا على ضرورة التعاون مع السلطات الأمنية لحسم ظاهرة الاتجار بالبشر وتهريبهم، وقال عمدة قبيلة القريات عبد الله أحمد رحمة القرياتي إن المنطقة من غرب أم درمان وحتى ولاية شمال كردفان تتصف بالمنطقة الخلوية والصحراء وتعدد المسارات، مما يجعل مسألة احكام الرقابة أمراً يحتاج الى تضافر جهود، وأكد وقوف قيادات الإدارة الأهلية ضد جريمة الاتجار بالبشر وتهريبهم وتنوير ابناء المنطقة بخطورة الجريمة وما يترتب عليها من عقوبات، مشيراً الى إغراء بعض الشباب بالمال لتنفيذ مخططات تهريب البشر عبر الحدود، وسرد عمدة القرياب مآسي تعرض لها ضحايا أثناء تهريبهم بمركبات وشاحنات، خاصة الأجانب الذين تعرضوا لمخاطر العطش والجوع وحتى الموت أحياناً اثناء عمليات التهريب، إلى جانب المواجهات مع القوات النظامية، الأمر الذي يترتب عليه فقد عدد من الأرواح، مؤكداً استمرار القيادات الأهلية في نشر التوعية والتبصير بخطورة الجريمة.
ضبط الحدود
السيد عوض السيد ابراهيم علي التوم من أعيان قبيلة الكبابيش، أشار إلى ضرورة الاهتمام بالإدارات الأهلية بتلك المناطق وزيادة سلطاتها لمحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر والممنوعات عبر المنطقة، وايجاد مصادر دخل بديلة لضحايا هذه الجريمة، بالإضافة الى الاهتمام بالتوعية وسط المواطنين وضبط الحدود، مشيراً للوقوف مع الجهات الأمنية للحد من جريمة التهريب والاتجار بالبشر، فيما أشار العمدة خير السيد خليفة عمدة قبيلة القريات وعضو محكمة أم قروت الريفية الى أن ولاية الخرطوم تعد المنفذ لعمليات التهريب والاتجار بالبشر، داعياً لضرورة تقنين الوجود الأجنبي بالبلاد وتكثيف التوعية القانونية والعقوبات التي تطول المهربين للحد من الجريمة .
شركات وهمية
المستشار القانوني عاطف حسن العبيد أوضح أن هنالك عدداً من الشركات الأجنبية الوهمية بغرض استجلاب عمالة، حيث يتم تهريب الضحايا عبر الحدود، مشيراً إلى فتح ثلاثة بلاغات جنائية في ذات الصدد، إلى جانب ووقوع ابتزازات وممارسات لا أخلاقية، وقال ان جريمة الاتجار بالبشر ذات علاقة وثيقة بجرائم أخرى كالمخدرات وغسل الاموال والانتهاكات وغيرها، مشيراً الى ضرورة ضبط عمليات استقدام العمالة الأجنبية حسب الحاجة، ومتابعة مسكنهم ومكان العمل، والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المستخدمين الأجانب.
الأنتباهة
التفتيش على الطرق والمعابر ليس كافي لابد من طائرات مروحية تمشط الطرق الصحراوية والجبلية اللصوص والتجار والمافيا يعلمون كيفية السير في الطرق الصحراوية والجبلية .