رأي ومقالات

الشكر للسلطات العراقية وشعب العراق فقد فعلوا ما يليق بشعب يظل عند السودان بمنجاة عن اللوم

حينما تداول النشطاء مشاهد تعذيب السوداني (موسي بشير) علي يد عناصر عراقية مسلحة – لا يهمني من اي فصيل كانوا- أقر أني لم اكمل المشهد وتحاشيت ما أستطعت الا أشاهده او أعلق عليه ، تسمرت اللحظات عندي في ملمح عينيه وهي تتفرس جلاديه بحيرة مدهشة ، كان (موسي) مذهولا اكثر من كونه موجوعا بجسده ، الرجل مارس طقوس جسارة سودانية مشت بها تواريخ الايام والسير لهذا الشعب السوداني ، البرهة القليلة التي مس فيها بصري المقطع التقت عند تلك النقطة العميقة في عينيه ، لبرهة أحسست أن الرجل يعلم من يسعون لكسر كبرياءه ، كانت نظرته خليط من أسي تقطر بين سواد العين واستدارة الحدقة ، حرقة عبرت عنها بتلك الالتماعة الذاهلة ، لزم السكوت والجلد ،(أريد الصمت كي أحيا، ولكن الذي ألقاه ينطقني) وما اشد ان تلقي الجحود حين مظنة الوفاء ، موسي بشير الذي قدم من السودان للعراق بما يقارب الثلاث عقود ، ارجح التفاسير عندي تشير انه كان يطلب الرزق وليس الايدلوجيا ، لو كان دافعه الثانية لاستقام في طوابير الخروج ، ولما ظل والبلاد (يانكي) والفرات مغترف لكل مواعين الاطماع ، بقي وصمد تقاسم مع العوام هناك مصائرهم والموت لا يمايز الالوان او يأبه بالنسب ، مثله مثلهم (قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ ، يمشي ، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ.. ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ) مات (عبد الرزاق عبد الواحد ) وامتدت المنطقة الخضراء ،

تعاقبت الايام واستدارت عسرا ويسرا و(موسي) يحتمل ، حتما للرجل سبب وجيه ، والتزام قد يكون ابن واصرة رحم مدت وشائجها بين ليالي الغربة ونهاراتها ، قد يكون حمية للوطن (الغريب) فحينما تنزع لثلاثين عاما من تربتك لا تلام ا، ن امتدت لك جذور جديدة ، وكلها ارض الله، اليه المفر وعليه التكلان ووثيق التوكل ، ولهذا كنت واثقا ان جلد الرجل وصبره الشامخ ارتباط بعز الرجال لمواثيق شرف العشرة ، قد يكون لزوجة او عظيم بر وجميل طوق به نبيل عنقه من احدهم ، ومصارع الغيظ عادة تحت برد الندي لازمة ، قد يكون لابناء قاموا حوله (بيض وسمر) شراكة (الحسين ) و(السحيني) ، عز عليه ان يخذلهم بآهة او يشج مروءتهم بجزع ، لذا حينما نجا اتخذ قراره بالبقاء ، له كامل الحق والحرية في ذاك ، وبعض القرارات لا تبرر او تجوز بها الوكالة ، تبقي وتظل خاصة مخصوصة ومقدرة ويجب ان تحترم ، قدر إحترامنا لريح التعاطف العظيمة التي امتدت عليه رداء عافية من وطنه الام (السودان) من (ام كردوس) بحافة (نيالا) الي (علايل ابوروف) بامدرمان غشي من جروف النيل (بغداد) ، دعم شعبي تكامل بهمة رسمية وسريع تحرك عاجل لم يركن لبيروقراطية التقدير ثانية ، كلها مؤشرات اقرت عين (موسي) وامته ، لا املك سوي الدعاء للرجل بسلامة العيش والسلام في وطنه الجديد ،

ولست في حاجة لبذل الشكر للسلطات العراقية وشعب العراق فقد فعلوا ما يليق بشعب يظل عند السودان بمنجاة عن اللوم اذا الملامة ببيوت حلت ، مثل ابننا الكليم في ساقه وصلنا العشرات من العراقيين فما ميزوا الا بوافر التقدير والاكرام ، فتحنا لهم قلوبنا و(هوياتنا الوطنية) بصمت النبلاء ، حفظوا لنا الود ونحفظ لهم لمن هنا ومن هم هناك خياراتهم ،

شكرا (موسي) وكن (عافية درت) ومتي عدت ستجد السودان هو ذاته ، سمر يهبون لك في هجعة الليل البهيم ويثورون عزة لك لا يسأل الناهض منهم للفزعة المنادي علي ما قال برهانا ، كما هب الناس يوم ان استنهضهم (خااد الاعيسر) الذي لا ينسي انه علي تباين مع الحكومة وانصارها لكنه لم ينس ان يكون (سودانيا) غضب لك وباسمك فكان هذا التداعي نحوك ، هذا الشعب اعجب ما فيه ان النكبات والمصائب تبرز اجمل ما فيه واقوي ما لديه من نسيج

بقلم
محمد حامد جمعة

79169
محمد حامد جمعة نوار

تعليق واحد

  1. مش كفاية الاعتذار والجنسية. لإثبات هيبة الدولة يجب معاقبة الجناة.