تحليل الكذب: “جريمة مفيدة” للصحة.. والوظيفة
كثيرون منا لا يعترفون بأنهم يكذبون، ويصورون أنفسهم بأنهم ملتزمون بقول الحقيقة، مهما كانت مؤلمة سواء لهم شخصيا أو للآخرين.
غير أن كتابا جديدا عن الكذب، يكشف أن هذا الأمر غير صحيح وأن الإنسان لا يكذب على الآخر فقط، وإنما يكذب على نفسه أيضا، وأن الكذب “مفيد للصحة” وللحصول على وظيفة، أو الارتقاء بها.
ويوضح الكتاب، وهو من تأليف إيان لزلي، أن الإنسان يمارس الكذب منذ ولادته، ويضرب أمثلة على ذلك، مشيرا إلى أنه لا يهم من هم أطراف الكذب في الحوار، فالقواعد الرئيسية تبقى ثابتة، الغريب في الأمر هو، بخلاف السرقة أو الجريمة، الكذب هو “جريمة طبيعية” يرتكبها كل الناس وعلى أسس ثابتة أيضا، وفقا لصحيفة “ميل” البريطانية.
وبحسب الكتاب، فإن الإنسان لا يعتقد نفسه كذابا، بل يرى أن الآخرين هم من يكذبون بالضرورة، فالمحبون عندما يفشلون في علاقة يتهمون “الآخر” بالغش والخداع، والمصوتون في الاقتراعات يعلنون أن كل رجال السياسة كذابون، والملحدون يتهمون المصلين بأنهم “أكبر كذابين”.
وكثيرا ما نقول هذه الجمل أو نسمعها “نعم ملابسك رائعة وجميلة عليك” و”اعتذر لأنني مشغول هذه الليلة” و”بالطبع لا أمانع” مع العلم أن الملابس قد تكون لا جميلة أو مناسبة، وأن المرء قد لا يكون مشغولا بل يريد أن يختلق العذر لنفسه لرفض الأمر، وهو “يمانع” لكنه لا يريد أن يقول ذلك صراحة.
وبالنسبة للمؤلف، فالمرء يكذب عندما يقول “أنا بخير شكرا” عندما يكون في وضع مزر، ويكذب عندما يقول “يا له من طفل جميل” في حين يكون الطفل دميما.
ويخلص مؤلف كتاب “نولد كذابين: كلنا نكذب ولكن أي كذاب أنت المختل عقليا أم المعتل اجتماعيا أم صاحب الكذبة البيضاء الصغيرة؟” إلى أن الإنسان يمارس “الخداع” منذ ولادته، بحسب دراسة حول الخداع عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 شهرا.
ومن الأمثلة على ذلك أن طفلا عمره 9 شهور يقوم برسم ضحكة على وجهه كوسيلة لمشاركة الآخرين ضحكهم.
ولا شك أن الكذب الأبيض يعد أمرا طبيعيا يلجأ إليه المرء لتفادي المشكلات الاجتماعية اليومية، وهو الطريق أو الوسيلة لتجنب إيذاء الآخرين وجرح مشاعرهم.
وإذا لم توافق على هذا الأمر، جرب قول الحقيقة المؤلمة أو الوحشية في كل الأمور السابقة، وانظر إلى النتائج المترتبة على ذلك.
ومعظم الناس يجدون أنفسهم في مرحلة ما، ربما في سيارة الأجرة أو في مطعم أو غير ذلك، مدفوعين للكذب حيال مسألة سياسية أو حياتية أو ربما اقتصادية، ذلك أن قول الحقيقة قد يؤدي في هذه المواقف إلى جدل قد لا تحمد عقباه.
وعلى المرء التعامل مع الصراعات، بين رغبته في أن يكون صادقا وبين موقعه في المجتمع المحيط به، وغالبا ما يلجأ الإنسان إلى الكذب في هذه المواقف.
نكذب على الذات
الكذب على الآخر ربما يكون عاديا، ولكن في كثير من الأحيان نكذب على أنفسنا، وهذا الخداع للذات مفيد لصحتنا بحسب الكتاب، ففي بعض الأحيان يقدم الطبيب للمريض علاجا وهميا، فيشعر المريض بتحسن صحته، بل إنها “تصبح أفضل مما كانت سابقا” على حد قوله، رغم أن العلاج ليس حقيقيا.
مع أن هذه لا تسري مع أمور مثل أمراض السرطان، ذلك أن الكذب لا يلغي الورم السرطاني، لكنها تجعل المريض أفضل حالا من حيث الشعور. حتى إن كان الأمر مبنيا على الكذب.
أولا لا بد أن يكون الشخص متمرسا لمعرفة هذه الأمور مع قراءة ملامح الوجه
1 / 6
تكون حركة من يقول كذبة أو يكذب شبه متصلبة عند الكتفين
2 / 6
الشخص الدفاعي، يميل غالبا إلى تغطية المنطقة بين رقبته وعظم الترقوة
3 / 6
تقاطع اليدين عند الصدر، والنظر إلى وجه المتحدث إليه
4 / 6
اللعب بالخاتم أو الإسوارة أو الساعة بحركة دائرة بشكل مستمر
5 / 6
حركة القدمين والساقين مهمة في مراقبة من يكذب
6 / 6
والأمر كذلك ينطبق على العلاقات الاجتماعية والعاطفية، فرؤية الآخر بصورة وردية توفر مزايا للعيش الجيد والرفاهية الحياتية، كما أن التفاؤل غير الواقعي بمنح الإنسان القدرة على الاستمرار في الحياة، فيما يدفعه الوهم للمضي قدما في هذه الحياة.
والإنسان عندما يحب شخصا، يعتقد أن هذا الشخص فريد ويناسبه، وهذا يساعده على البقاء معه لفترة كافية لإنجاب الأطفال وتربيتهم.
والغريب أن معظم الناس يعتقدون أن علاقتهم بشريك حياتهم أفضل من الآخرين، رغم عدم صحة هذا الأمر بالضرورة، وهذا الأمر من عمليات خداع الذات المفيدة.
خداع النفس والنجاح
وبحسب الكتاب، فإن الموهوبين بخداع أنفسهم يميلون للنجاح في حياتهم الدراسية والعملية أكثر من غيرهم، في حين يعتقد بعض الخبراء في الاقتصاد أن بلادهم أصيبت بالكساد لأن رجال الأعمال أصبحوا حساسين وواقعيين.
ويعتقد المؤلف أن الدول بحاجة إلى رواد متفائلين مستعدين لخوض مخاطر غير محسوبة، فمن دون هؤلاء الرجال الذين لديهم الاستعداد للتخلي عن الواقع المرير، واتباع مشاعرهم لما تحققت معظم الاختراعات والإنجازات الكبيرة.
صحيفة الأنباء