منوعات

المشكلة ليست في تعدد الزوجات إنما في الزواج السري! تطبيق يحاول حلَّ هذه القضية المستعصية

أثار تطبيقٌ جديد يشبه تطبيق “Tinder” للمواعدة، مُخصَّص للأشخاص الراغبين في الزواج بأكثر من امرأة الجدلَ في إندونيسيا، والتي تُعد أكبر دولة إسلامية في العالم، وفيها تعدد الزوجات أمرٌ قانوني، لكنَّه محظورٌ اجتماعياً إلى حدٍّ كبير.

ويُروَّج للتطبيق، الذي بلغ عدد مرات تحميله 50 ألف مرة منذ صدوره في مايو/أيار الماضي، على أنَّه منصةٌ إلكترونية للتوفيق بين المستخدمين من الرجال والنساء، المستعدين لأن يكونوا جزءاً من “عائلةٍ كبيرة”، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

وللمفارقة، يقول مصمم التطبيق ليندو سيبتا براناياما، البالغ من العمر 35 عاماً، إنَّ ارتفاع معدل الطلاق في البلاد كان مصدر الإلهام الذي دفعه إلى تصميم هذا التطبيق.

وأضاف براناياما: “تعدد الزوجات من الأمور المسموح بها في الإسلام. لكن ما يحدث في إندونيسيا أنَّه عندما ترفض الزوجة مشاركة زوجها مع امرأة أخرى، ينفصل الاثنان في نهاية المطاف”.

ويجادل مُصمم الموقع، الذي يُعرَض على صفحته الرئيسية رسمٌ كرتوني لرجلٍ ملتحٍ يتوسط أربع نساء يرتدين الحجاب، بأنَّه يهدف إلى تسهيل الأمور على الرجال الراغبين في الزواج بأكثر من امرأة.

وخلال مرحلة التسجيل في موقع “ayopoligami” أو “آيوبوليغامي”، يُتاح للمستخدمين الرجال خيار الادعاء أنَّهم حصلوا على موافقة الزوجة الأولى للزواج بأخرى، غير أنَّ الرجال، الذين لم يحصلوا على موافقة زوجاتهم، يستطيعون أيضاً الانضمام للموقع.

ووفقاً لقانون الزواج الإندونيسي لعام 1974، يُعد تعدد الزوجات أمراً مسموحاً به في ظروفٍ محددة، ما يسمح للرجل بالزواج من أربع نساء.

ويُحدد القانون شروط تعدد الزوجات، لكنَّ المحاكم الدينية هي التي تُقرر في نهاية المطاف مصيرَ كل حالة، ويقضي أنَّه يجب على الرجل الذي يريد الزواج بامرأةٍ ثانية الحصول على موافقةٍ مكتوبة من زوجته الأولى، وأن يُثبت أيضاً قدرته المالية على إعالة عائلته المتنامية، بالإضافة إلى معاملة زوجته “بعدل”، وغيرها من المتطلبات.

وفي ظل هذه الشروط المتشددة، تحدث غالبية الزيجات في إندونيسيا على أرض الواقع بشكلٍ غير رسمي، ودون حدوث توافق بين الأسرتين.

وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، قتلت زوجةٌ ثانية الزوجة الأولى طعناً بالسكين في إقليم آتشيه، الذي يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية، عندما قصدت الزوجة الأولى زوجها لطلب المال منه، بحسب ما قالته الشرطة.

ويعيش غالبية الأشخاص، الذين حمَّلوا تطبيق تعدد الزوجات، في إندونيسيا، لكن هناك مستخدمين أيضاً في دولتي ماليزيا وسنغافورة المجاورتين لها.

ويستهدف براناياما أن يسهم تطبيقه في إتمام 50 زيجةً في العام، لكنَّ نسبة مستخدميه حتى الآن، والتي تنقسم إلى 80% من الرجال و20% من النساء، ليست مناسبةً لتحقيق هذا الهدف.

تلقَّى تطبيق “آيوبوليغامي”، المتاح للمستخدمين الأرامل من الرجال والنساء أيضاً وللعُزَّاب والمتصل بمجموعة مواعدة على تطبيق تليغرام المُشفَّر، آراءً متباينة من قبل المستخدمين.

إذ انتقدت ناشطات في مجال حقوق المرأة الابتكار الجديد، وقالت الأستاذة في الدراسات الإسلامية سيتي روهيني دزوحياتين لصحيفة الغارديان، إنَّ الرجال في إندونيسيا يستغلون تعدد الزوجات فقط لـ”تبرير أفعالهم غير الأخلاقية”.

ورغم غياب بياناتٍ موثوقٌ بها، تُقدِّر نينا نورميلا، مؤلفة الكتاب الذي صدر في عام 2009 بعنوان “Women, Islam, and Everyday Life, Renegotiating Polygamy in Indonesia”، أو “النساء، والإسلام، والحياة اليومية، وإعادة التفاوض بشأن تعدد الزوجات في إندونيسيا”، نسبة السكان المنخرطين في علاقات زواج متعددة بحوالي 5%.

وتقول نينا: “لا تبدو النسبة كبيرة، لكنَّ إندونيسيا دولةٌ كبيرة. حتى نسبة 2-3% تعني الكثير من الأشخاص!”، في إشارةٍ إلى عدد السكان هناك، والذي يبلغ أكثر من 250 مليون نسمة.

وتتسبب الوصمة الاجتماعية المحيطة بتعدد الزوجات في إندونيسيا في إتمام هذه العلاقات في الخفاء، بعيداً عن أعين عامة الناس. لكنَّ نينا تقول إنَّ هذا السلوك بدأ يعاود الظهور إلى حدٍّ ما، على الأقل عبر الإنترنت، إذ لاحظت انتشار موجةٍ من الأفكار المحافظة.

وتقول نينا: “خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، بدأتُ استقبل بانتظام رسوماً ساخرة وصوراً تُروِّج لتعدد الزوجات. تتخذ هذه المجموعات الأصولية رد فعلٍ تجاه ما فعلته العديد من المدافعات عن حقوق النساء في إندونيسيا، في محاولةٍ لمواجه ما نفعله”.

ولا يشعر براناياما بإزعاجٍ كبير وسط كل هذه الآراء المتباينة، والتي يذهب بعضها إلى اعتبار التطبيق جزءاً من موجةٍ أصولية متنامية، أو وسيلةً تكنولوجية تساعد على تبرير الزنا.

ويجادل براناياما بأنَّ العيب ليس في تعدد الزوجات، بل في الخداع الذي يحيط به، إذ يقول: “أريد أن يكون تعدد الزوجات أمراً مقبولاً في المجتمع، لكن ما الذي يجعله مثيراً للجدل والغضب؟ لأنَّ بعض الأشخاص يتزوجون في السر دون علم الزوجة الأولى”.

هافغنتون بوست