إنييستا.. ضحية الاكتئاب الذي ارتبط ببرشلونة مدى الحياة
تلقى أندريس إنييستا قبل 7 أعوام كرة داخل منطقة الجزاء وسددها بقوة في مرمى هولندا ليمنح بلاده أول كأس عالم في تاريخها، خلع قميصه وأظهر آخر مكتوبا عليه “داني خاركي.. للأبد معنا” في تلك اللحظة وعلى بعد آلاف الأميال كانت جيسيكا زوجة داني تتابع المباراة الأولى لها منذ وفاته قبل 11 شهراً، اشتركت هي وأندريس بأنهما ضحية للاكتئاب عقب وفاة لاعب إسبانيول السابق.
وبالأمس، وقع برشلونة عقداً مع إنييستا، يبقى الأخير بموجبه في النادي “مدى الحياة” وهي ربما المرة الأولى الذي يوقع فيها النادي المنتمي إلى إقليم كتالونيا عقداً كهذا.
كان خاركي (26 عاماً عند وفاته) صديق إنييستا المقرب رغم أنهما يلعبان في فريقين لا يكنان الكثير من الود، برشلونة وإسبانيول، لكن وفاته المفاجئة أثرت على أندريس وبدأ يفكر بترك كرة القدم بسبب الحادثة.
إنييستا وخاركي قبل وفاة الأخير
كانت عدسات القنوات الإسبانية تنقل تدريبات المنتخب في جنوب أفريقيا، الكل يلاحظ التوهان الذي يعيشه إنييستا، عاد للتو من إصابة لم يستطع الأطباء تشخيصها، وكثيراً ما التقطته العدسات وهو يسير وحيداً خلال الحصص التدريبية وهو ينظر إلى الأرض.
يقول إنييستا: عرفت بالخبر قبل بداية الموسم وكنت أعاني من إصابة عضلية ليست خطيرة، لكن بعدما تلقيت النبأ دخلت في مرحلة سيئة، كان الألم البدني مرتبطاً بحالتي الذهنية، ذهبت إلى الأطباء كي أتعالج من إصابتي، لكن لا أحد يعرف ما سببها، حتى أنا، كل ما أعرفه بأنني بدأت بالانهيار، ودخلت عالماً موحشاً.
إنييستا مع طفلة صديقه الراحل داني خاركي
في ذلك الموسم 2009-2010 لم يلعب إنييستا كثيراً مع برشلونة، وابتعد عن الملاعب أكثر من مرة وحتى عندما عاد إلى قائمة إسبانيا قبل المونديال في جنوب أفريقيا لم يكن واثقاً لا هو ولا الجهاز الفني بأنه سيلعب فعلياً في المونديال.
ويواصل قائد برشلونة وأحد رموزه التاريخيين: كان الأطباء يقولون بأن لا مشكلة بدنية لدي، لكن لم استطع إكمال التمارين، كان يقول لي غوارديولا بأني استطيع ترك الحصص في أي لحظة، عرفت حينها لماذا يُجنون الناس ويفقدون صوابهم، كنت قريباً جداً من تلك المرحلة.. قريباً جداً.
إنييستا يقدم قميصه الشهير إلى إدارة إسبانيول
وطوال 10 أشهر كان إنييستا يكتم ما يجول في ذهنه، لم يعرف أحد من الزملاء الذين يسافرون معه كثيراً ذلك، قبل أن يتخذ قراراً احتاج معه إلى الشجاعة.. وقال: قلت يجب أن أبحث عن الحل، لا يمكن أن استمر هكذا، وذهبت إلى طبيب نفسي لأنني بدأت أشعر بفقدان هويتي، لم أعد أعرف من أنا؟! الشكوك تحاصرني. وأتبع: يجب أن نبحث عن العلاج عندما نحتاج إليه، أنا لاعب كرة قدم وهذا تخصصي، والطبيب النفسي تخصصه العلاج، ولهذا كل شخص منا لديه تخصص في الحياة مهما كانت وظيفته.
وعندما أحرز إنييستا هدف الفوز على هولندا وأهدى اللقب إلى خاركي، قال: ذلك الهدف أنقذني، لقد أعادني إلى كرة القدم مجدداً، شعرت حينها بأن كل المخاوف التي كانت تسيطر علي بدأت تتلاشى، وفتحت صفحة جديدة في حياتي.
جماهير إسبانيول تحمل قميص خاركي واسم إنييستا
وبعد 7 أعوام، يذهب إنييستا إلى كل الملاعب الإسبانية ويقوم الجمهور بتحيته مهما كان التنافس بين ناديهم وبرشلونة، حتى إسبانيول وريال مدريد، يقف جماهيرهما لتحية إنييستا بعد بادرته تجاه خاركي، ويعتبر الكثيرون أن البطاقة الصفراء التي حصل عليها إنييستا بعد خلع قميصه لإهداء الهدف إلى خاركي.. “الإنذار الأنظف في تاريخ كرة القدم”.