الثورة أو الفوضى

بقيت حرامي، هذه العبارة قالها فتىً يبيع مناديل الورق على ( الاستوبات ) وهو يخبر صديقته أنه لم يستطع شراء أبسط مستلزمات اسرته التي يعولها من طماطم ورغيف فاضطر لسرقة دقيق من إحدى البقالات.
هذا الفتى يمثل أولى شرائح المجتمع التي تأثرت بالإجراءات الإقتصادية القاسية المعلنة مؤخراً وما ترتب عليها من إرتفاعٍ غير مسبوق في أسعار السلع الضرورية. إعلانه بأنه سرق يوضح أنه ظل يكسب لقمته وأهله بالحلال، لكنه أضطر للحصول على ما يقيم أوده.
هذه أولى الحوادث المعلنة ، والتي ستعقبها أُخر ، فعمال اليومية لن يستطيعوا الصمود أكثر ، ثم سيتبعهم الموظفون ذوي الدخل المحدود ، وحتى موظفي الدولة ومنسوبي القوات النظامية ، و أثرياء الغفلة لن ينجوا من آثار الإنهيار الإقتصادي الوشيك ، وهكذا سيتصاعد الأمر حتى تأتي لحظةً يضطر الناس لبيع ممتلكاتهم، غير أن الذين لا يملكون شيئاً لن ينتظرون، سيأخذون ما يحتاجونه بالقوة، يحاربون بما تبقى فيهم من رمق ، وحينها تدخل البلاد حالة الفوضى التي لا عودة منها. لن ينتظر الجائعون إجتماعات الحكومة ولا صراعات أجنحتها، لن تخيفهم هراوات الشرطة ولا حتى ذخيرتها الحية، ولن يفكروا أصلاً في كنه العنف الذي سيُقابلون به.
قال غاندي إن الفقر هو أسوأ أشكال العنف. عندما تواجهك الدولة بسلاح الفقر فلا خيار أمامك سوى الفوضى، يتساوى هنا الأتقياء والأشرار. وعندما تحلُّ الفوضى فلا تفرِّق بين حاكمٍ ومحكوم، سيكون ضحيتها الأغنياء من المواطنين وأصحاب المتاجر والمصانع وغيرهم .
سيناريو يصعب تخيله لأننا لم نواجهه من قبل، أن يجوع الناس ليست من قلة موارد مادية ولا بشرية، لكنه من استشراء الفساد وسوء إدارة مقدرات البلاد، وشح نفوس الحاكمين الذين يرفلون في خيرات البلاد ولا يأبهون بمعاناة بقية الشعب.
نعيش هذه الفترة من عمر بلادنا في وقت يشابه عام 17 هجرية، الذي عُرف بعام الرمادة، مع اختلاف المسببات، فالقحط الذي حل بالمدينة في ذات الوقت تعود أسبابه لانقطاع هطول الأمطار لعامٍ كاملٍ جفَّ خلالها الزرع والضرع وجاع الناس حتى عطَّل عمر بن الخطاب حد السرقة، فالجائع يأخذ ما يكفيه اينما وجده.
الآن، ما هي إلا أيام معدودات، وربما اسابيع قليلة حتى يتزايد عدد الذين لا يجدون أبسط مقومات حياتهم، وجبة واحدة في اليوم. هل لاحظتم ارتفاع عدد الطلاب الذين لا يذهبون إلى مدارسهم لان أهلهم لا يملكون ثمن المواصلات ووجبة الفطور ؟ سيأتي يومٌ على مدارس الأحياء الطرفية بالخرطوم تضطر فيه لإغلاق أبوابها، وسيخاف أصحاب المتاجر من السرقات التي ستتحول إلى عنفٍ مسلَّح، ويخشى المارة على انفسهم في الطرقات.
لم يعد التغيير خياراً ، لقد أصبح واجباً لا مناص منه، ولن ينتظر الناس الأحزاب حتى تنظِّم صفوفها فتدعوهم لمواصلة التظاهر بالشوارع، أصبحنا الآن امام قدرين ؛ إما ثورةٌ تقتلع هذا النظام، أو فوضى لن تبقي ولن تذر.
سيكتب التاريخ أن هذه الأيام هي الأقسى في حياة السودانيين، وبيدنا الخيار؛ إما أعدنا عجلة التاريخ في مسارها الصحيح أو تركناها تنزلق لنقطة اللا عودة.
بقلم:
سلمى التجاني.
سودان تربيون.
الاكيد الاكيد ان كرة الثلج بدأت في التدحرج ولن يوقفها ترقيع او تبديل الوجوه بالتغيير قادم قادم لامحالة زياكيزان أرجو الراجيكم
علامات غضب الله على الحكومه القاسيه والظالمه هي يغلو السعر ويكثر العسكر!!!!!ودعاء الناس عليهم بالدمار والفناء!!! ويستجيب الله الدعاء