السفراء في السودان .. رقص وسباحة ومصارعة
حمل سفير المملكة المتحدة في السودان مايكل أرون، الأسبوع الماضي، “طباشيره”، ودخل بها إلى إحدى المدراس في الخرطوم، ليلقي حصةً في اللغة الإنكليزية، كآخر نشاط له في السودان قبل أن يغادر البلاد متوجهاً إلى اليمن بعد نقله إلى هناك.
ولأرون نفسه تاريخ مع التدريس في السودان. إذ إنه عمل في ثمانينيات القرن الماضي أستاذاً للغة الإنكليزية في مدرسة ثانوية بمدينة الدامر (شمال السودان)، ثم مرت الأيام ليعود في العام 2015 سفيراً لبلاده في الخرطوم. لذا كان أول نشاط له، بعد هذه العودة، هو سفره لمدينة الدامر، للقاء أصدقائه ومعارفه، وقيادة حملة لصيانة المدرسة.
ويقول أرون، على الصفحة الرسمية للسفارة على “فيسبوك”، إن عودته إلى تدريس اللغة الإنكليزية محاولة سبقتها محاولات للقاء أكبر عدد ممكن من عامة الشعب السوداني، من خلال الذهاب “إلى أحداث حقيقية على الأرض”، وزيارة أكبر عدد ممكن من المواطنين من الولايات. مشيراً إلى أن أفضل الذكريات التي رسخت في ذهنه قبل أن يهم بالمغادرة، هي مشاركته في حفلات الزفاف السودانية، وذهابه إلى مباريات كرة القدم، ومشاهدة مصارعة النوبة، والسفر في جميع أنحاء السودان.
ولم يكن السفير استثناء من بين عدد من السفراء حاولوا ربط صلاتهم بالمجتمع السوداني والتعمق في عاداته وثقافاته “والانبهار بقيمه”، كما يقولون في أكثر من مناسبة.
وفي عام 2013 ارتدى الدبلوماسي الياباني، ياسوهيرو موروتاتسو، كامل لباس المصارعة ونزل لحلبة شعبية اشتُهرت بين قبائل النوبة، ونازل شاباً سودانياً، ليبهر يومها عشاق تلك اللعبة الشعبية بمهارته.
أما سفيرة هولندا في السودان، سوزان بلانكهارت، فقد أصرت في عام 2015 على عبور نهر النيل سباحة، في إطار مبادرة للتوعية بحوادث الغرق وتحسين وضع المرأة. وحينما غادرت بلانكهارت البلاد، وجاءت بدلاً منها السفيرة كارفن بوفن، كررت الأخيرة ما فعلته سلفتها بعبور واحد من أطول أنهار العالم.
أما القائم بالأعمال الأميركي، جوزيف ستانفورد، فلجأ إلى أسلوبه الخاص في التواصل الشعبي بذهابه المتكرر إلى المجالس الصوفية السودانية للتلفح بعباءة الدراويش، والرقص على وقع إيقاعات الذكر مع الذاكرين، حتى انتشرت شائعة على مواقع التواصل تقول إنه اعتنق الإسلام.
ستانفورد نفسه حرص على حضور مباراة كرة قدم محلية بين فريقي المريخ والأهلي شندي، لكنه لم يرتد شعار أي من الفريقين واكتفى بارتداء شعار المنتخب السوداني.
يقول الصحافي محمد المختار، لـ”العربي الجديد”، إن مثل تلك الأنشطة الدبلومسية تحمل الكثير من الرسائل الإيجابية وتقرب بين الشعوب والثقافات بعيداً عن البروتوكولات والرسميات الجافة، كما أنها “تؤدي مهاماً وتحقق أهدافاً تعجز الدبلوماسية الرسمية عن تحقيقها”.
وللكاتب الصحافي محمد عثمان إبراهيم، رأي آخر يصف فيه تلك الأنشطة بـ”العبثية”، مشيراً إلى أن سفراء الدول الغربية يعلون من جهودهم في مجال الدبلوماسية العامة، على حساب مهمتهم الرئيسية وهي دعم العلاقات مع البلد المضيف. وأشار عثمان لـ”العربي الجديد”، إلى أن بعض الدبلوماسيين الأميركيين يهرجون في الشوارع ويبنون شبكات واسعة من العلاقات مع قطاعات متنوعة من المجتمع، مطالباً وزارة الخارجية بالقيام بمهامها في ضبط حركة البعثات الغربية وإلزامها بالإطر المتعارف عليها “كما على وزارة الإعلام التنوير بمثل هذه الأنشطة العبثية لما يسمى بالدبلوماسية العامة”.
العربي الجديد