رأي ومقالات

مع انخفاض قيمة الجنيه.. الأجانب في السودان يرفعون سعر الحلاقة ويشفطون الدولار

-1- قبل سنوات خلت وأيام الكابلات الهاتفية الأرضية ، يُحكى أن مجموعة من أهل الحي تجمعوا وهم في دهشة لمشاهدة عُمال من دولة مجاورة بسحنتهم البيضاء، يتقطر منهم العرق و يحفرون الأرض بمعاولهم للكابلات ، عندها دُهش “العمال” من تحلق الناس حولهم، وعندما ضاقوا بهم زرعاً، خاطب أحد العمال الناس مندهشاً ” إيه دا إنتو ماشفوتوش قبل كده خبراء أجانب” !
فرد عليه أحدهم : ( شفنا خبراء أجانب بس ماشفناش عُمال أجانب)! .

دهشة أهل الحي في حينها لها ما وراءها من نظرة إقتصادية “عميقة” ترمي إلى أن الدولة بإمكانها أن تكتفي بالعمالة المحلية في مثل هذه الأعمال السهلة ولاحاجة لإهدار عُملة صعبة في إستيراد عمالة وافدة .

-2-
تتخذ الدولة هذه الأيام حزمة من الإجراءات الاقتصادية، للحد من الطلب على الدولار وتوفُر العرض، وثبات السعر .
في حين أنها تتجاهل قطاع واسع ظل يلتهم كل مافي السوق من عملة صعبة مهما كانت الأسعار ، وهو الإستثمار الضخم والمتزايد للأجانب في الخِدمات من فنادق ومطاعم وحدائق و حلاقة وركشات .. الخ .
للأسف السماح للأجانب بالاستثمار في المجال الخِدمي لم يكن محسوب العواقب، فهو إستثمار يهدر كل ما تجمعه البلاد من عُملات صعبة ويضر بالإقتصاد .

-3-
فطنت المملكة العربية السعودية مؤخراً لتبعات مثل هذه الإستثمارات، وشنت حملة صارمة لسعودة قطاع الخِدمات لتحد من نزيف تحويلات العمالة الوافدة التي وصلت في الشهر إلى 3 مليار دولار وانخفضت بعد إجراءاتها الأخيرة إلى 35% ولازالت في تراجع مضطرد ، كما وفرت فرص عمل لمواطنيها من الشباب .

في بلادنا حدث ولاحرج فوضى عارمة في سوق العمل، حتى كادت بعض الإستثمارات الخدمية محصورة على الأجانب فقط في السودان، لماذا يُسمح للأجانب أن يستثمروا في المستشفيات والمطاعم و المنتزهات و الحلاقة و الكوافير و المغاسل و الملاحم والركشات و ستات الشاي.. الخ، ليلتهموا بما كسبوا من عملة محلية كل مافي السوق من نقد أجنبي، ويضيّقوا من فرص العمل للشباب !

-4-
لو تجولنا في صوالين الحلاقة فقط بالعاصمة السودانية الخرطوم ، لن تجد ملاكها غير الأجانب والذين ضاعفوا الخدمة مع إرتفاع الدولار حتى وصل سعر حلاقة الرأس 50 جنيهاً، ومؤخراً أصبحت ظاهرة المغاسل والمطاعم المتزايدة، وجميعهم يشفطون الدولار.
مُصيبتنا في السودان لانملك أي إحصائيات ولادراسات توضح لنا حجم مثل هذه الأضرار الواضحة للعيان، وللأسف أن جميع تحويلات الأجانب تتم خارج النظام المصرفي مما يضاعف الأضرار ، نتمنى أن تشمل الإجراءات الاقتصادية منع الأجانب من العمل والإستثمار في قطاع الخدمات، وتحويلهم إلى قطاع الإنتاج الذي يوفر عملة صعبة للبلاد ، بدلاً من سيطرة “الحلاقين” الأجانب الذين يُعدون من الكماليات، يهدرون وأمثالهم موارد البلاد.
والله المستعان

محمد الطاهر العيسابي 1
العيسابي

بقلم: محمد الطاهر العيسابي

motahir222@hotmail.com

‫4 تعليقات

  1. والله نظرة ثاقبة وكلام في الصميم
    لكن كأنك يا استاذ بتضرب في ميت
    لا حياة لمن تنادي مع حكومة الغفلة هذه
    والله كرهتنا البلد واليوم اللي ركبت فيه السرج وعارت

  2. بلد سايبه ماعندها وجيع بلد الحرامية والغني السريع كل المهن المذكوره للاجانب مدعومة من الكيزان ومحمية من الكيزان الحرامية اولاد الهرمة

  3. كلام اقتصادي وعلمي
    لكن !!!!!!!!
    سمعت … والعلم عند الله ….
    ان هناك بعض الاجانب يحولون كل ما يوفرونه اسبوعيا الي دولارات من السوق … وذلك طبعا بسبب هبوط الجنيه السوداني يوميا ، لذلك يدخرون كل قروشهم دولارات
    من الخطأ الجسيم ان يترك الاجانب بدون ضوابط ،، لازم تكون هنالك رسوم للاقامة وتنظيم للاعمال لكل الجنسيات بدون استثناء البلد حتنتهي بصورة فظيعة يا كيزان
    ارحموا البلد

  4. حلاقة ايلا الفوق دي اكيد بواسطة حلاق سوداني وما تستاهل غير جنيهين.