شخصيات عطرّت تأريخنا عبدالكريم الكابلي ..المثقف الفنان
ولد عبد الكريم عبدالعزيز محمد الكابلي في مدينة بورتسودان بورتسودان بولاية البحر الأحمر في عام 1932.
والده عبد العزيز محمد عبد العزيز بن يوسف بن عبد الرحمن تعود جذوره لكابول العاصمة الأفغانية ومنها جاء لقب(كابلي)وقد تزوج عبدالعزيز بمدينة القلابات من صفية ابنة الشريف أحمد محمد نور زروق من أشراف مكة اللذين هاجروا إلى المغرب ثم جاءوا للسودان لنشر الدعوة الإسلامية فكان أن أنجبا عبدالكريم وليلى وأخواتها.
نشأ عبدالكريم وشب مابين مدن بورتسودان و سواكن و طوكر و القلابات و القضارف و الجزيرة خصوصا منطقة أبوقوتة وكسلا.
كان والده خطيباً مفوهاً وأديباً يجلس إليه صديقه السياس محمد أحمد المحجوب ليستمع إلى عذب حديثه.
تلقى عبدالكريم دراسته بخلوة الشيخ الشريف الهادي والمرحلة الأولية والوسطى بمدينة بورتسودان والمرحلة الثانوية بمدينة أم درمان بكلية التجارة الصغرى .
وبعد أن تخرج منها التحق بالمصلحة القضائيه بالخرطوم وتعين في وظيفة مفتش إداري بإدارة المحاكم وذلك في العام 1951م وعمل بها لمدة أربعة سنوات، ثم تم نقله إلى مدينة مروي ومكث بها لسنوات ثلاثة إلى أن تم نقله مرة أخرى إلى مدينة الخرطوم واستمر بها حتى وصل إلى درجة كبير مفتشي إدارة المحاكم في العام 1977 م بعدها هاجركابلي إلى المملكة العربية السعودية ليتعاقد مع إحدى المؤسسات السعودية مترجماً في مدينة الرياض في العام 1978 م ولكن غربته لم تستمر طويلاً حيث عاد إلى السودان في العام 1981 م ليواصل رحلته الإبداعية مرة أخرى.
بدأ كابلي الغناء منذ الثامنة عشر من عمره، وظل يغني في دائرة جلسات الأصدقاء والأهل لعشر سنوات حتى واتته الفرصة الحقيقية للظهور والشهرة في نوفمبر عام 1960 عندما تغني أما الزعيم العربي الكبير جمال عبدالناصر برائعة الشاعر تاج السر الحسن (انشودة آسيا وأفريقيا) فوق عبد الناصر مصفقاً لكابلي الذي كان مغرماً به و من مناصريه.
سافر كابلي في العام 1974 إلى أمريكا في جولة غنائية،وقام -آنذاك-بإلقاء محاضرات ودراسات عن التراث السوداني في العديد من المدن الأمريكية . كما قام في سبعينات القرن الماضي برحلات لكثير من الدول الأوربية والعربية وألقى هناك عدة محاضرات عن التراث السوداني.
لعبد الكريم الكابلي الكثير من الأغنيات التي تربعت علي عرش الأغنيات في السودان مثال: (حبيبة عمري) للشاعر الحسين الحسن و( ضنين الوعد) لصديق مدثر (أراك عصي الدمع ) لأبي فراس الحمداني (اكاد لا أصدق) و(زمان الناس) و(حبك للناس) و( آه لوتصدق) و(شمعة)و(ماذا يكون حبيبتي)و معزوفة لدرويش متجول،للشاعر محمد مفتاح الفيتورى و(قمر دورين) ، و(زينة وعاجباني ) و(عقبال بيك نفرح يازينة) و(أمطرت لؤلاً) للخليفة يزيد بن معاوية (أبكيك للذكرى) و(سكر سكر) وقد خلد الكابلي ببعض أغنياته مدناً سودانية مثل ( كسلا) و(مروي) وغنى عدداً من أغنيات التراث مثال( متين ياعلي تكبر تشيل حملي ) و(ماهو الفافنوس) كما قدم كابلي أنشودة ( ليلة المولد يا سر الليالي) لمحمد المهدي المجذوب ، وقد قدم رائعة الشاعر التجاني حاج موسى (في عز الليل) والتي قدمها بعده النور الجيلاني بلحن مختلف ولم يعترض كابلي بل كان من المشجعين للنور
. أنا والليل .. ومر جفاك
مساهرين نحكي للأفلاك
لاخلصت حكاوينا ..
لالقينا البداوينا ..
يامشهيني طعم النوم ..
وطيفك في خيالي يحوم ..
وياهاجر ..
وقد تغنى كابلي للوطن الذي أحبه بالنشيد الوطني (هبت الخرطوم):
هبت الخرطوم في جنح الدجى
ضَمدت بالعزم هاتيك الجراح
وقفت للفجر حتى طلعا
مشرق الجبهة مخضوب الجناح
يحمل الفكرة والوعد معا
والأماني في تباشير الصباح
عرف كابلي بعلمه الغزير بالتراث والفن والأدب ، وتميز بأسلوب جذاب في السرد والسيرة ،وكان لذلك أن قدم كابلي كثير من البرامج الثقافية والتراثية في الإذاعة والتلفزيون .
الكابلي متزوج وله عدد من الأبناء والبنات .
هاجر عبدالكريم الكابلي إلى أمريكا منذ سنوات وقد نال الجنسية الأمريكية منذ أيام قلائل ، متعه الله بالصحة والعافية .
بقلم: حيدر محمد علي
صحيفة آخر لحظة
السودان بالنسبة للكابلي أصبح ذكرى. طبعا لم يطب له المقام في السودان بعد تبدل الاحوال فهاجر . ربنا يعوضك وطن غير هذا .