أسرار أسوأ أسبوع في تاريخ فيسبوك وخسارة 58 مليار دولار
فقدت شركة فيسبوك 58 مليار دولار من قيمتها السوقية في أسواق المال الأمريكية، بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، وذلك بعد اعتراف مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الشهير بارتكاب أخطاء أدت لاختراق بيانات المستخدمين.
ولم يشفع الاعتذار الرسمي الذي تقدم به زوكربيرغ للمستخدمين، حول انتهاك خصوصياتهم وحصول شركة “كامبريدج أناليتكا”، على بيانات ومعلومات أكثر من 50 مليون مستخدم معظمهم من الأمريكيين لصالح حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية في 2016.
وواصل المستثمرون بيع أسهم فيسبوك، وظهرت الكثير من التساؤلات حول مدى الأضرار التي قد تلحق بشبكة التواصل لاجتماعي بعد خسائر الشركة المالكة.
وكان هذا الاختراق يعرف بلحظة التبصير أو إيقاظ المستخدمين على حقيقة ما يجري لبياناتهم، مما أدى إلى انتشار حملة على التواصل الاجتماعي لحذف فيسبوك، وتداول المستخدمون هاشتاغ #deletefacebook (#احذفوافيسبوك) وكذلك #BoycottFacebook (#قاطعوا فيسبوك) .
وأثرت الحملة ضد الموقع والتقارير والعناوين السلبية في وسائل الإعلام على مشاعر شركات الإعلانات، التي أبدت استياءها مما حدث وقالت “لقد طفح الكيل”.
وهبطت أسعار أسهم شركة فيسبوك بصورة هائلة لتتراجع من 176.80 دولارا، بداية الأسبوع يوم الاثنين، إلى 159.30 دولارا في نهاية الأسبوع مساء الجمعة.
هل ستتعافى الأسهم مرة أخرى؟
طرحت فيسبوك أسهمها للاكتتاب في أسواق المال الأمريكية لأول مرة في 2012، وبلغ سعر السهم وقتها 38 دولارا لتصل القيمة الإجمالية للشركة إلى ما يقرب من 104 مليارات دولار.
وشهدت قيمة الأسهم نموا كبيرا لتصل إلى 190 دولار للسهم في فبراير/ شباط الماضي، وذلك بفضل تزايد أعداد المستخدمين والهيمنة على سوق الإعلان الإلكتروني مما أدى لزيادة العائدات.
وقال براين ويزر، كبير المحللين في مؤسسة بيفوتال ريسيرش للأبحاث، إنه لديه أحد أكثر التوقعات السلبية لموقف أسهم فيسبوك في بورصات وول ستريت.
محققون بريطانيون يقضون 7 ساعات في تفتيش شركة متهمة باستغلال بيانات الملايين من فيسبوك
وأضاف :”توقعت هبوط سعر السهم إلى 152 دولارا في 2018، وذلك قبل الأزمة الأخيرة المتعلقة بخرق البيانات”.
وأوضح أن تراجع الأسهم أظهر قلق المستخدمين من زيادة القيود المفروضة على الموقع وعزوف مستخدمين عن التعامل معه، “لكن يقل خطر مغادرة المعلنين لفيسبوك، هل لديهم مكانا أخر يمكنهم نشر إعلاناتهم فيه؟!”.
“حلقة ضارة في تاريخ فيسبوك”
وصف ليث خلاف، كبير المحللين في هارغريفس لاندزداون، ما حدث هذا الأسبوع بأنه “حلقة ضارة” في تاريخ فيسبوك.
وقال خلاف :”إن أحد أسرار النجاح هو ازدياد أعداد المستخدمين، وأن الموقع أصبح أكثر تكاملا بالنسبة لمستخدميه. لكن لسوء الحظ فإن نفس هذه الديناميكية سيكون لها تأثير عسكي إذا فقد الموقع عدد كبير من المستخدمين نتيجة للفضيحة الأخيرة”.
كيف تعامل المعلنون مع الأزمة؟
قال ديفيد كيرشو، مدير شركة إعلانات إم اند سي سآتشي، إن الكشف عن جمع فيسبوك لمعلومات المستخدمين وأصدقائهم دون موافقة منهم، في 2014، تسبب في رد فعل عنيف بين المعلنين.
وأوضح كيرشو أن الزبائن وصلوا إلى النقطة “التي طفح فيها الكيل”.
وعلقت شركات عالمية مثل موزيلا وكوميرزبنك نشر إعلاناتها على موقع التواصل الاجتماعي.
مؤسس شركة “تسلا” للسيارات الكهربائية يغلق صفحاته التجارية في فيسبوك
وألغى رجل الأعمال إليون ماسك، يوم الجمعة، الصفحات الرسمية لشركاته تيسلا وسبيس إكس على منصة فيسبوك.
وعلق كيرشو على هذا بأن فيسبوك يعد وسيطا رائعا من وجهة نظر المعلنين بفضل دقة استهداف المستخدمين.
وتابع :”لكنني أعتقد أن هذه الشركات الكبيرة متوترة جدا لتكون مرتبطة بوسيط تم اختراق بياناته خاصة في إطار عملية سياسية حرجة”.
وقال كيرشو لبي بي سي :”إن تهديد المعلنين بسحب الإعلانات وبالتالي تأثر العائدات سيكون المحرك الرئيسي لفيسبوك لتغيير سياسة حماية البيانات، ولن يكون هناك تأثير كبير لتهديدات المستخدمين وحملتهم ضد الشركة من خلال هاشتاغ على تويتر”.
والتقت شركة ISBA البريطانية للإعلانات مسؤولي فيسبوك، يوم الجمعة، لمناقشة الموقف وقالت إن “القمة البناءة والصعبة” أقنعتها بأن شركة التواصل الاجتماعي كانت تتخذ إجراءات “تعالج سريعا مخاوف الجمهور والمعلنين”، من بينها مراجعة التطبيقات ولقاءات وجها لوجه مع عملائها من المعلنين البريطانيين.
هل فعل زوكربيرغ ما يكفي لطمأنة الجمهور؟
حاول مؤسس فيسبوك طمأنة المستخدمين، وقال:”لقد أخذنا بالفعل قبل سنوات أهم الإجراءات لمنع حدوث ذلك من جديد اليوم”.
ومع ذلك ، قالت إيلين بوربيدج، من شركة باشون كابيتال، وتعمل أيضًا في المجموعة الاستشارية الاقتصادية لرئيسة الوزراء البريطانية، إن تطمينات الفيسبوك للمستخدمين والعملاء استغرقت وقتًا طويلاً جدًا.
وأضافت :”حقيقة أن الأمر استغرق خمسة أيام للخروج ببيان كانت فترة طويلة جدا، رغم أنه جاء عادلا ومعقولا وشاملا”.
وتابعت :”أعتقد أنهم صموا آذانهم لأيام كثيرة”.
تواجه شركة كامبريدج أناليتكا، أزمة حول ما إذا كانت استخدمت البيانات الشخصية لملايين مستخدمي فيسبوك للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي Brexit.
“بعض الناس يستخدمون مصطلح” التلاعب السياسي “، بحسب الخبيرة البريطانية.
وعلقت إيلين بوربيدج :”لقد افترض (الفيسبوك) أنه قد عالج هذا الأمر، لأنه على سبيل المثال غير بالفعل شروط الخدمة”.
وعرض زوكربيرغ في بيانه على شبكة الإنترنت، جدولاً زمنياً حول كيفية تغير إجراءات إبرام موافقات استخدام فيسبوك للبيانات مع المستخدمين والشركات الأخرى منذ أن تمكن تطبيق أطلقته شركة كامبرديج أناليتكا في عام 2014، من الحصول على بيانات المشتركين في التطبيق وجهات الاتصال الخاصة بهم دون إذن صريح منهم.
وقالت إيلين بوربريدج إنه قد يكون هناك حاجة ملحة إلى وضع قواعد تنظيمية جديدة على الحملات السياسية “التي لم تتوافق مع التواصل الاجتماعي”.
ماذا سيفعل مستخدمو فيس بوك؟
قالت الكاتبة المتخصصة في التكنولوجيا بيف بيفان، إن أحداث الأسبوع أيقظت مستخدمي فيسبوك على حقيقة أن ألعاب ومسابقات وتطبيقات الموقع، يمكن أن تجمع بياناتهم من أجل نوايا أكثر جدية، وليس بغرض الترفيه فقط.
وأضافت :”هذا الأسبوع يبدو لي وكأنه لحظة تبصير حقيقية أدرك فيها الناس أن النقر على زر”أعجبني”على فيسبوك، تقدم البيانات لأطراف أخرى”.
وقد ردت مفوضة الاتحاد الأوروبي للعدالة والمستهلكين والمساواة بين الجنسين فيرا جورووفا، بأن مزاعم كامبريدج أناليتيكا كانت “دعوة كبيرة للاستيقاظ” لمستخدمي فيسبوك حول الطلب على بياناتهم.
وعلقت قائلة لقد أطلقوا “النمر من القفص”.
مصراوي