رأي ومقالات

الطيب مصطفى: آن الأوان لسحب قواتنا من اليمن

حق لمن نادوا بسحب القوات السودانية من اليمن أن يجهروا بأصواتهم ويرفعوها إلى عنان السماء، فما عاد هناك مبرر للصمت على ظلم تطاوَل وصبر فاق كل حدود المعقول والمقبول.
حتى قبل نحو عامين كان جنيهنا والجنيه المصري كفرسي رهان يقفان على حافة الستة عشر جنيهاً للدولار، فإذا بالمصري يثبت على حاله حتى اليوم بينما هوى جنيهنا الذي لا بواكي له ولا نصير، إلى القاع حتى بلغ الدولار اليوم في السوق الموازي 40 جنيهاً والحبل على الجرار!

أنعم قادة السعودية والإمارات على الخزانة المصرية بعشرات المليارات من الدولارات ثبّتوا بها الجنيه المصري وغمروا حليفهم السيسي بالهبات والعطايا ثم بالزيارات (الملكية) التي يخشون أن تعفر أقدامهم إن وطئوا بها أرضنا، بالرغم من أن السيسي أحجم حتى عن إرسال جندي واحد للمشاركة في عاصفة الحزم التي تقدّم صفوفها من أول يوم جنود السودان البواسل الذين استشهد منهم ولا يزال المئات ذودًا عن بلاد الحرمين وعما سُمّي بالشرعية في اليمن.
تواتَرت زيارات الرئيس البشير إلى المملكة تأكيداً على علاقة أرادها السودان إستراتيجية، بل كان السودان أول المسارعين إلى قطع علاقاته بحليفته القديمة إيران لمجرد قيام بعض متظاهريها بالاعتداء على السفارة السعودية بطهران، أما مصر المدلَّلة فرغم (الرز) الملياري فلا يزال علَم سفارتها يُرفرف في سماء طهران!

ليس حسداً لمصر – والله العظيم – لأن الأولى بالحسد رئيس أمريكا ترمب حليف إسرائيل وعدو أمتنا الإستراتيجي الذي (غرف) مئات المليارات من أموال البترودولار في عطاء بلا مقابل!
يعلم راعي الضأن في بوادي السودان أن شعبنا لم يعانِ منذ سنوات من أزمة اقتصادية كما عانى خلال الأشهر القليلة الماضية، وبات الناس يتندّرون بدخول طول صفوف الوقود موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وعادت تلك الأيام النحسات من جديد، حين كان الناس يسهرون حتى الصباح أمام طلمبات الوقود، وحدثت ندرة في الدولار والعملات الحرة ربما لم يشهد السودان لها مثيلاً في تاريخه الطويل، ويكفي أن الحكومة اضطرت، من أجل كبح جماح الدولار ومنع مضاربة أصحاب المال، إلى خيار حرمان الناس من سحب أموالهم بالرغم من تأثيره الهائل على مصداقية النظام المصرفي، مما أعاد الناس إلى عهود سلفت، الأمر الذي اضطرهم إلى اقتناء الخِزن المنزلية التي ارتفعت أسعارها، لحفظ أموالهم. للأسف الشديد، فإنه رغم تجفيف السيولة لا يزال الدولار يواصل تمرّده، ولا أحد يعلم ما سيحدُث لجنيهنا المغلوب على أمره لو سُمح للناس بسحب أموالهم!

كان ذلك الحال البائس معلوماً لقادة وزعماء الدول التي ينزف أبناؤنا الدماء الغالية دفاعاً عنها وعنهم، فقد حفيت أقدام كبارنا وأريق ماء وجوههم، وهم يطرقون أبوابهم طلباً لودائع أو قروض سلعية، وكم كان محزناً أن تتراص صفوف الوقود ويُهدد الموسم الزراعي بكل ما يعنيه ذلك من أخطار سياسية واجتماعية، ولا يتكرّم علينا من نحميه بالمهج والأرواح بقرض بترولي سلعي – أقول قرضاً وليس هبةً – بالرغم من أنه أكبر مصدري البترول في العالم، وبالرغم من أنه على مرمى حجر من بلادنا!
ولكن هل اقتصر الأمر على كف عطائهم عنا وإغداقهم على مُبتزِّيهم من الأعداء والحُلفاء أم إن الأمر أكبر من ذلك؟
هل تذكرون ضجيج (منسوبهم) طه عثمان وموظفي علاقاته العامة حين أوحوا للناس بفرية كبرى أنه لولا أولياء نعمته وسادته لما رُفعت العقوبات الأمريكية؟

نحمد الله أن استبانت الحقيقة، وانكشف المستور حين ظلّت مصارفهم مغلقة عن التعامل مع بنوكنا حتى بعد رفع العقوبات!
كنتُ أعلم أنهم أهون من أن يؤثّروا على صاحب القرار الأمريكي ففاقد الشيء لا يُعطيه، ومن يهُن يسهل الهوانُ عليه ومن يؤمَر لا يأمُر ومن يُذعن ليس مؤهّلاً للتوسط، فقد كان ما حدث من رفع للعقوبات الأمريكية عطاء غير منقوص لوزارة خارجيتنا وجهاز أمننا ولله الحمد.

أكثر ما يفري الكبد أن من بذل السودان الدماء في سبيلهم يعلمون ما تنطوي عليه الأزمة الخانقة على الحكومة التي ما استبقت شيئاً في سبيل الدفاع عنهم، وكم كانت المفارقة مدهشة أن ندافع عنهم ولا يأبهون لما يُمكن أن تجرّه تلك الأزمات على نظام الحكم الذي انبرى للذود عنهم، وما يعنيه سقوط الحكومة المنافحة عنهم، فما أرخص دماء أبنائنا عليهم، وما أغلى المال عندما يكون مطلوباً لبلادنا التي تشكو ضعف قوتها وقلة حيلتها وهوانها على المتطاوِلين عليها، وما أرخصه وأتفهه عندما يُغدَق على غيرنا خاصة من (بني الأصفر) حتى ولو تآمروا علينا واحتلوا أرضنا ومقدساتنا ومنحوا القدس، حيث المسجد الأقصى، لأعدى أعدائنا؟!

حتى دولة قطر حليفتنا الاستراتيجية التي لطالما وقفت معنا دون منٍّ ولا أذى أحجمت عن نجدتنا رغم علمها بحالنا ربما جراء عدم رضاها عن موقفنا الوسطي بين المُعسكرين.. معسكرها ومعسكر دول الحصار، فهلا حسمنا أمرنا بدلاً من هذا التذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والذي لم يُورثنا غير الخسران؟!

شعور بالخزي والأهانة ورب الكعبة يغمر شعبنا جراء هذا الاحتقار والتطاوُل على كبريائنا لن يكافئه إلا سحب فوري لقواتنا، فما عاد هناك من مُبرر، بعد أن رأينا مآلات حرب اليمن التي غدت مجرد صراع على النفوذ، وبعد أن حُبس (هادي) رمز الشرعية اليمنية، وبات يُدار بالريموت كونترول، وبعد أن انتقل صراع النفوذ إلى حدودنا الغربية دعماً لعدوّنا حفتر الذي يؤرّق أمننا من تلقاء متمرّدي دارفور .

لن يرضوا عنا حتى لو بذلنا دماءنا في سبيل عروشهم، فقد صنّفونا أعداء إستراتيجيين، وذلك هو سر التضييق المسكوت عن مُبرراته رغم وضوح تداعياته.. نعم لم يرضوا عن موقفنا الوسطي من قطر ثم عن مواقفنا التالية من تركيا أردوغان ثم سوريا وروسيا وإيران.

نعم، لقد آن الأوان لأن نحسم أمرنا ونستعيد جُندنا وندّخرهم لنصرة الحق، فوالله إنه أرضى لربنا وأمتنا، فمن يضع يده في يد الأعداء ليمرر سايكس بيكو جديدة، ووعد بلفور جديداً لا خير فيه وصفحات التاريخ لا ترحم، وقصة ابن الأحمر وهو يسلم مفاتيح غرناطة لا تزال شاخصة تستعصي على النسيان.

الطيب مصطفى

‫22 تعليقات

  1. لا بل ان الأوان لكنس البشير و الكيزان من الحكم, من الذي أوصل السودان إلي هذا الدرك أليس هم الإخوان المسلمين.

    1. يبدو ان البشير قلب عليهم وعاوز اشيل باقيهم
      لكن القطط السمان متحكمه ف الاقتصاد 30 سنه وغفلو البلف للشعب من كلو
      لو مكان البشير احل الحركه الكيزانيه لان اقرار العالمي الجديد لا للاخوان
      تحللوا من للاخوان
      وتفتح لكم خزائن الارض
      الاخوان 30 عام رجعونا الي العصر الحجري
      اذا اراد البشير المد البشري والدعم الكاسح
      ف يبيع كل بواقي الاخوان ويقرب الصوفيه هم الاكثريه والاستناره والعلم والنزاهة ورسل السلام والمحبه للجميع داخليا وخارجيا
      الجيش+ الصوفيه قاعده كبيره وارضيه ثابته
      اخيرا
      30 سنه وخطه وتكتيك الاخوان ما ودانا الدكان !! طيب ما تغيروا

  2. السبب ( الرئيسي ) لما وصل به الحال هو أنت ومنبر ( سلامك ) الحر ومن معكم ..
    عملتم على فصل الجنوب ( و ) أهدرتم ثروة ضحى لأجلها السودان كله ..
    ذهاب بترولنا مع الجنوب بداية الإنهيار ( الذي ) أدى لنهاية المشوار ..

    1. ياشيخ بالله ماتعمل لينا فيها سوداني روح شوف حال بلد هي ناقصة <<< عايش دور السوداني شديد

  3. وماذا تنتظر من دوله بني وهبان ؟ الخنجر في جسد اهل السنه والجماعه… ماذا تنظر من دوله مكنت السيسي وخزلت الاخوان.؟….

  4. اليوم تم الإتفاق بين السودان والسعودية في المجال ((الزكوي ))حسب ماذكر موقع النيلين!!!!!!!!!!!!!!!!

  5. أما أن لنا أن نتوحد ايها السودانيييييين ونترك كل خلاف ونركله وراءئنا من اجل السودان؟؟؟؟؟؟؟

  6. هههههههه يسحب شنو يا عمك ود اختك قابض الاخدر لمصلحتو الشخصية ومن في جريرته مثلك لذلك ما يقدر يسحب جيش من اليمن مزنوووووق ود اختك واتورط وورط السودان كلوا معاهو ههههههه اقفل البلف يا عوض

  7. برغم غباء البشير وزمرته وبرغم أخطائهم الكارثية في حق الوطن والمواطن لا يزال السودان يمتلك الكثير من أوراق الضغط أن أحسن استثمارها ..
    يجب الضغط على مصر فى سد النهضة أكثر مما هو حاصل الآن ويجب إيقاف كل منتجاتهم وتعليق جميع الاتفاقيات بما في ذلك اتفاقيه سنة 1959 ويجب التوقيع على اتفاقيه عنتبي ..فكل الذي يجري بتفاهة ونفاق وتدنيث من الكلب السيسي الذي يظن أن السودان يستطيع الخضوع لمصر مثل ما كان يفعل مدمني الجنس من الساسة السودانيين . في زياراتهم إلى أرض العاهرة طلبا للمتعه ورهن قضايا السودان تحت أقدام الرقاصات سابقا …..
    . يجب تطبيع العلاقات الدبلوماسيه مع الجمهوريه الإسلاميه وإرجاع العلاقات العسكريه والتجاريه والسماح لإيران بتواجد دائم في الموانئ السودانيه
    وكذلك البدء في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع تركيا في كل المجالات واخير يجب تقديم اعتذار صريح لدولة قطر وتكاد تكون قطر هي الدولة الخليجيه الوحيدة المهتمة بالشأن السوداني ..
    يستطيع الشعب السوداني أن يصبر أكثر ويتحمل أكثر ولكن يريد العدل ويريد المساواة ويريد محاكمة اللصوص والقتله والمنبطحين وسارقي قوته منذ بدايه الدمار الذي سمي جورا وبهتانا بالانقاذ ….

  8. والله اخجلنونا بالشحدة اصبحتا نتواري من القوم من كثرة الاستجداء .
    في اسوأ الظروف التي مر بها السودان ما حصل قلنا لواحد ليه ما تدونا ؟؟؟

  9. والله شئ مخزي ومخجل نقول يا تدونا يا ننسحب!!!!
    ذكرتونا ايام الطفولة ونحن نلعب نقول لى واحد اعمل كدا ول رجع لي حقي .

    1. المخجل انانبرت الان الاصوات وتظهر بكلامها اننا نبيع دم ابنائنا وخيرة شبابنا المقاتلين من اجل الدولار والبترول .. ليتهم صمتوا ولم يقارنو او يساوموا هذا بهذا ..
      كان بالاجدى ان يتم ذلك خلف الكواليس ان كان لابد من عتب من حكومتنا على التحالف ..او ارسال رسائل توضيحية بان قواتنا يجب ان تكون في الصفوف الخلفية

  10. لا تنسوا يا المطالبين بي الانسحاب عندكم ثلاثة مليون مغترب في السعودية والامارات ديل عندهم تاثير في اسرهم داخل السودان لو طردهم من السعودية والامارات ٣ مليون + اسرهم في السودان يقوموا بي مظاهرات يحرقوا اليابس واللين انتبه يا بتاع الانتباة

  11. من البداية كان من المفترض أن يصدر الرئيس قرارا بأرسال قوات بعدد كذا لمدة عام وقبل الأنتهاء من العام الاول يمكن للرئيس أن يصدر قرارا بالتجديد أو التمديد لمدة 6 أشهر وقبلها لابد للبرلمان من التصويت كل هذا لم يحدث كما أن الامارات صارت المتحكم الاول فى اليمن وفرضت الاقامة الجبرية على الرئيس الشرعى وصارت تغذى الأنفصاليين وتتامر علنا وجهارا نهارا على الشرعية وتؤيد الأنفصاليين الجنوبيين والغريب والعجيب أن السعودية صامتة صمت القبور وأكاد أزعم أن ولى عهد بوظبى (مبز MBZ) أما أنه أستخدم السحر الاسود أو أنه يملك سديهات ضد ولى عهد السعودية (مبس MBS) الخلاصة سحب القوات الان ليس واقعيا يمكن أن يصدر الرئيس قرارا بتمديد البقاء ل6 أشهر ويتم أخبار الجانب السعودى بنية السحب بعد 6أشهر لأعطائهم وقتا كافيا لأحلال قوات بديلة وحتى لا ينظر لنا على أننا فاجئناهم أو تخلينا عنهم فى منتصف الطريق دون سابق أنذار

  12. يعني الموضوع من البداية لم يكن نصرة بلاد الحرمين كما روج النظام وإنما ارتزاق ومكاسب مادية!!
    هذا المقال اكبر إهانة للشعب السوداني.

  13. الموضوع واضح . هناك خطة لمحاصرة الحكومات الاسلامية ومحاربتها عالمياً واستبدالها . والانقاذ حتى لو ساهمت في حرب اليمن وجاهدت بكل الشعب السوداني فهي محاربة عالمياً طالما هي اسلامية . لهذا اتجهت الاعانات لمصر لان السيسي حارب الارهاب وطرد مرسي .

    1. كلامك صاح يا التجاني المصيبة في الحكومة في داعي لي جزيرة سواكن وكمان يقولوا الجزيرة صغير زي ميدان الكرة طيب لو زي الميدان ليه الخطاء السياسي وصدقني يا التجاني اخوية لحن مشكلتنا في كلام عمك عزو كل دوراب