الفساد ومنظومة النزاهة العامة
يكثر الكلام هذه الأيام حول الفساد والمفسدين من أهل الموالاة وأهل المعارضة وليس كل الكلام حمية وغيرة على المال العام والنزاهة العامة فقد يكون بعضه مساجلة من مساجلات الخطاب السياسى الدعائى وغير النقدى وإنما يراد به من قبل الخصوم أن يقال أنظروا إلى فساد الحاكمين وهم يحملون كل حالة فساد على حالة الحكم كلها وإما أهل الموالاة فيدخلون فى إحدى حالتين إما حالة دفاعية مطلقة بإنكار ما قويت فى شأنه الشبهات أو يندفعون فى حملات آنية تدفعها دوافع متعددة ولكن تصوير الأمر وكأن البلاد بأسرها تخوض فى وحل الفساد غير أنه مجانب للواقع فهو مضر بسمعة البلاد وفرصها فى التعامل الإقتصادى النزيه مع من سواها من الدول وطارد للإستثمار . أن العمل لمكافحة الفساد يجب أن يتسم بالصدق والحزم وأن يكون متواصلا غير منقطع وشاملا لا يسكت عن أحد ولا يستثنى أحدا أبدا ولكن الحديث العفو عن الفساد والحملات الكلامية التى ترافقها تغطيات ودعايات يجب أن تقل لمضارها التى لا تخفى على ذى لب مآلاتها وقد كنت كتبت قبل سنوات مقالات عن مسألة الفساد والنزاهة ولعل الوقت مناسب لمراجعتها لتجلية المفاهيم وتذكر المبادىء فى مسألة النزاهة العامة والفساد فى مرجعية الشرع القويم
الفساد والصلاح السياسي.. رؤية مقاصديه:-
العلماء والفقهاء في المدرسة الاسلامية يعرفون السياسه بانها سلطة ولي الأمة في التصرف بالسياسه لدرء المفاسد وجلب المصالح. فدرء المفاسد هو نصف السياسةونصفها الأخر هو جلب المصالح. ولكن الامر ليس كما يبدو وكأن هنالك دائرة للمفاسد ودائرة للمصالح . فكل فاسد قابل للاصلاح وكل صالح قابل للافساد. وما الفساد إلا تغير الحال من الصحة والسلامة والصواب. ولذلك فان المنهج السليم في درء المفاسد هو الحفاظ علي الصحة والسلامة والصواب بتدابير مستدامة لا يغفل عنها. فالمحافظة علي المجتمع ومؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص والافراد من الفساد مثل المحافظة علي الصحة العامة والخاصة بالتدابير الوقائية قبل التدابير العلاجية . ومقصد مكافحة الفساد هو الاحتفاظ بسلامة المجتمع ومؤسساته وقوتها وقدرتها علي الاداء الافضل والنمو المتسارع. لذلك فان المنهج السليم لمكافحة الفساد هو المنهج المقاصدي الذي ينصب اهدافاً للمجتمع وللدولة وللمؤسسات لتعزيز المناعة والكفاءة والقدرة من خلال اعتماد معايير قابلة للقياس للنزاهة والصلاح والفاعلية. لذلك فان الحاجة تمس ليس فحسب لانشاء مفوضية لمكافحة الفساد بل لاعتماد منظومة شاملة للنزاهة العامة. وقد ظل الامر هاجساً مقيماً لدي، وموضوعاً للنقاش والحوار متطاولاً بيني وبعض الاصدقاء والزملاء. فقد بذلت الدولة السودانية منذ الاستقلال جهوداً (لا يليق بنا التقليل منها،) لمكافحة الفساد المتمظهر في اختلاس الاموال العامة او سؤ استغلال الممتلكات والموجودات العامة او استغلال النفوذ. بيد أن تلك الجهود التي اخذت شكل تشريعات او مؤسسات او قرارات لم تندرج في يوم من الايام في اطار رؤية شاملة متكاملة لتعزيز النزاهة الوطنية وترقية الاداء العام. وما دام موضوع الفساد قد اصبح واحدة من اجندة السياسة الوطنية فلابد من مقاربة مسئوله للقضية. تترفع عن نهج الانتهازية السياسية الذي يسعي للنيل من الخصوم بأية وسيلة ممكنة. كما تتعالي عن نهج تنزية الذات والادعاء بان اداء السلطة الحاكمة يعلو علي الشبهات ويخلو من الفساد كما يخلو الثوب الابيض من الدنس.
ما الممقصود بالنزاهة العامة:-
ويجدر بنا طلباً للوضوح أن نتعارف علي المعني المقصود بالنزاهة العامة. والتعريف الذي افضل استخدامة هو ترويج المفاهيم وتعزيز التدابير التي تؤدي للكفاية والنجاعة والفاعلية. وذلك من خلال اعتماد العلانية والشفافية والمسالة والمحاسبة الذاتية والمؤسسية . وقد يسال السائل كيف تؤثر هذه المبادئ علي استدامة المعافاة من الفساد. والاجابة هي أن اعتماد العلانية والشفافية والتنائي عن السرية والاخفاء في اداء العمل العام يعزز الرقابة الخارجية التي تناصر الضمير المهني للموظف العام. فالائم كما يقول الرسول المعصوم عليه الصلاة والسلام (هو ما حاك في الصدر وخشيت ان يطٌلع عليه الناس) فكل محجوب من الخطأ مصحوب بالخشية من علم العامة يفتح باباً واسعاً من ابواب الفساد. ونقصد بالعلانية ان يعلن مقدماً عن الكيفية التي يدار بها الشان العام ليدخل ذلك في علم الكافة. ويُضمن في لوائح ومدونات للسلوك يحيط بها اصحاب المصلحة جميعاً. ونقصد بالشفافية ان يؤدي العمل العام في مشهد من طائفة واسعة من الناس يؤمن تواطؤها علي الفساد. وأن يعتمد نظام مستدام للمراقبة والمراجعة والتدقيق. ونقصد بالمساءلة ان لا يترك فرد اياً من كان ذلك الفرد إلا ويخضع لمساءلة مؤسسية واجتماعية وسياسية لم فعل ما فعل وترك ما ترك. طالما تولي امراً من امور الناس التي تصلح بها احوالهم او تسؤ. فكل صاحب تصرف في شانٍ عام او مال عام لابد له من التقرير لجهة ما عن كافة تصرفاته في الشان العام والمال العام بما يجلب المصالح ويدرأ المفاسد. واختيار النظام السياسي والنظام الاداري الذي يحقق المساءلة للجميع أمر في غاية الاهمية. والذي نراه الآن مما انفضح من سؤ تصرف الرؤساء والوزراء في البلدان التي اجتاحتها ثورة الغاضبين انما مرده الي فشل النظام المعتمد في جعل المساءلة جزءاً لا يتجزأ من التدابير السياسية. فحيث يجوز للرئيس ان يحوز علي اموال بحجة تصريف الامور عالية السريه ويعتمد في ذلك علي الثقة الممنوحة سياسياً للرئيس ينفتح احتمال كبير لسؤ التصرف. ولا يجوز لرئيس او وزير او مدير أن يدعي النزاهة المطلقة والبراءة من الميل لحظ النفس او المحاباة. لأن الادعاء نفسه دلالة علي القابلية لما هو موضع الانكار. وربما يقول القائل ان الشفافية المطلقة لها مضارها ولا مشاحة في ذلك. فلابد من السر في محل السر والجهر في كل الجهر ولكن الامر لابد له من ان يقدر بقدره. وان تتخذ المحاذير وان تعتمد الهياكل التي تضيق الي مدي بعيد تلك السلطات التي لا تخضع لمساءلة فاعلة.
وأما المحاسبة فتأتي بعد المساءلة وثبوت الخطأ او الخطيئة. واذا كان المبدأ الاسلامي هو انه لا يجوز للحاكم ان يعفو عن الحق الخاص، فكل حق خاص له أؤلياؤه، فان المبدأ العام في الشان العام ينبغي ان يكون انه لا يجوز لسلطة عامة ان تعفو عن حق عام إلا وفق معايير مسبقة معتمدة. لأن التساهل في محاسبة المخطئين والمفسدين يفتح باباً واسعاً لترويج الخطا والفساد. ولا يجب إرجاء المحاسبة للمفسدين من أهل السياسة الي الموسم الانتخابي. فلابد من اعتماد نظم للمحاسبة تسمح باستعجال محاسبة الفساد الظاهر من خلال هيئات مستقلة أو من خلال البرلمان. ولذلك فان تفعيل الدور البرلماني يغدو امراً مهماً للغاية فلابد من خضوع التنفيذيين جميعاً للبرلمان. ولذلك فان مراجعة انظمة الحكم لتعزيز الرقابة البرلمانية علي الاداء التنفيذي امر له مساس كبير بتعزيز منظومة النزاهة الوطنية. ولئن كان السودان قد اختار النظام الرئاسي ولا يزال في التقدير انه النظام الادعي لتحقيق الاستقرار، فلابد من ايجاد معادلة تخضع الوزراء والتنفيذيين للرقابة البرلمانية بوجه فاعل.
الوظيفة العمومية خدمة للشعب:-
ولكي يتحقق بعض ما ندعو اليه فلابد من احياء بعض المفاهيم التي سادت ثم بادت . وعلي رأسها ان ابعد ما يكون عن الجاه والاستعلاء هي الوظيفة العامة. فالوظيفة العامة ينبغي ان لا تسند لأولئك الذين يريدون علواً في الارض أو يريدون فساداً. وليس هنالك مجلبة للفساد مثل الشعور يطغي علي الموظف العام يوحى اليه انه بوظيفته العامة رئيساً او وزيراً أو مديراً قد اضحي اعلي الناس مقاماً، او ارجح منهم عقلاً او اوفق تدبيراً. فالموظف العام خادم عام ويتوجب ان يعاد تعزيز هذا المعني وترويجه. ولن يتحقق ذلك بشعور يتأتي للموظف العام وحده بل لابد ان يؤسس لذلك في الدستور والقانون، وفي احساس العامة من الناس انهم هم اولياء الامور علي شأنهم العام. وانه لا يحق لرئيس او وزير او مدير ان يري له موقعاً فوق رؤوس العباد او في سدة عالية فوق كل البلاد.
وقد كان ذلك هو شان الحكام الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي حتي أن عمراً رضي الله عنه كان يحمل روث أبل الصدقة حتي لا تُعجب نفس عمر عمراً. ولئن كانت تلك المقامات السامية ليست بميسورنا في زماننا هذا فلا يجب ان نستصعب التقرب الي مقامها باعاً او فرسخاً من خلال تأكيد ان الحاكم خادم الشعب وان اعوانه جميعاً خدامهم. ومن شان الخادم ان يُعان. ولذلك فان مشاركة المجتمع في ادارة الشأن العام ومساءلة الخدام ومراقبة ادائهم ثقافة عامة يجب ان تسود، وممارسة عامة يتوجب ان يؤسس لها بالدستور والقانون والعرف المستقر بين العامة والخاصة.
– السياسات والتشريعات:-
لا شك ان اسلوب الوقاية أجدي من اسلوب العلاج . ولذلك فان وضع السياسات وسن التشريعات التي تعزز النزاهة هو احدي الوسائل واكثرها فاعلية لمجابهة انتشار الفساد في مفاصل المجتمع والدولة. فالسياسات العامة التيتتيح انتشار المعلومات وسهولة الحصول عليها واحدة من اهم الوسائل . .ولذلك فان تشجيع ثقافة المعلوماتية واتاحة تقانتها للجمهور الواسع واعتماد التعامل الاليكتروني عبر الحكومة الالكترونية وعبر المعاملات الاليكترونية سيسد ابواباً مشرعة للفساد . لان الذي سيجري بين الايدي آنذاك ليست الاموال ولكنها المعلومات عن تدفق هذه الاموال. ولأن تشجيع المعلوماتية يتيح المشاركة الواسعة للمجتمع ويعزز سبل الحصول علي المعلومات فان اتجاه الدولة نحو سياسات تشجيع ثقافة المعلوماتية وتقانتها هى أحدي أجدي الوسائل لتقليل ظواهر الفساد. ويتوجب ان تتجه سياسات الدولة عامة الي جعل سرية المعاملات استثناء نادراً في المعاملات العامة. كذلك لابد من اعتماد سياسات تشجيع حرية الاعلام وتداول المعلومات بعيداً عن كل رقابة ادارية . وألا تخضع تلك الحرية الا للرقابة القضائية وحدها. كذلك لابد من مراجعة سياسات الاستيعاب والتوظيف في القطاع العام لتقوم علي معايير موضوعية . ينحصر فيها التقدير الذاتي لأدني حدٍ ممكن. وأن يكون الاستيعاب للوظائف العامة مستنده الجدارة والاهلية وان يبتعد عن التقويم السياسي او المحاصصات بسبب الدين او المذهب او العرق او الجهة . واذا اقتضت بعض الظروف الانية معالجات موقوته يتوجب ان تحدد فترة معلومة لهذه المعالجات الاستثنائية. وبناء علي هذه السياسات يتوجب علي المجالس النيابية مراجعة جودة التشريعات بالنظر الي وجوبية اتباع هذه السياسات او سن تشريعات جديدة تنظيمية او تأسيسية . يشمل ذلك مراجعة قوانين مؤسسات ذات أهمية في معالجة ظاهرة الفساد وتشمل النيابة العامة . والتي يجب ان يتم فصلها عن وزارة العدل وتعاد الي السلطة القضائية ليكون ذلك ضماناً لحيادها في القضايا المرفوعة ضد مؤسسات الدولة . وكذلك قانون المراجع العام وهيئة الرقابة الادارية . ولا شك ان تشريعات كثيرة ذات صلة بمكافحة الفساد ستخضع لمراجعات مستمرة للتأكد من ملاءمتها لمكافحة ظواهر الفساد . يدخل في تلك التشريعات القوانين المتعلقة بتنظيم محاسبات الدولة والمراجعة والمناقصات والمزايدات وقوانين منع الاحتكار. والتشريعات التي تتيح للمواطنيين الحصول علي المعلومات غير المصنفة سرية. ويتوجب ان تشمل رزمة تلك القوانين لوائح تفصيلية ومدونات للسلوك الاداري. كذلك فمما يعزز هذه التشريعات هو مصادقة حكومة السودان علي الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ومواءمة التشريعات اللاحقة مع بعض بنود الاتفاقية.
الفساد.. الجريمة والعقاب:-
لردع الفساد وتعزيز النزاهة لابد من انظمة منضبطة لتعريف الفساد وتجريمه والمعاقبه عليه . وهنالك فجوات واسعة في القوانين السودانية من حيث تجريم بعض اوجه الفساد وتحويل قضاياها الي قضايا مدنية يسهل فى مواجهتها علي الفاسدين التنصل من عواقب افعالهم. ولذلك يتوجب تحويل كثير من افعال عدم الالتزام بالضوابط المانعة للفساد الي جرائم . ووضع عقوبات مالية او عقوبات سجن عليها . وربما يجدر بنا ان نؤشر هنا الي بعض انواع المحسوبية والتي تسبب اضراراً اكثر مما يسببه الاختلاس المباشر من مال الدولة . فعلي سبيل المثال استخدام مسئول او موظف سلطته لتعيين مرشح خارج اجراءات التنافس علي الوظيفة او استخدام مسئول او موظف سلطته لاعطاء معلومات تضر بالتنافس التجاري في القطاع الخاص او مساعدة موظف لعميل لتفادي رسم او ضريبه، كل هذه أوجه شديدة الاضرار بالحق العام والحقوق الخاصة ولابد من تشريع قوانين لادخالها في طائلة الجرائم ولا يكتفي فيها بالجزاءات الادارية.
ومما لا شك فيه ان توسيع دائرة التجريم لمخالفات الفساد يقتضي اصلاحاً واسعاً في الاجهزة العدلية من حيث تعزيز قدراتها المهنية ومكنتها في فصل النزاعات في وقت وجيز وتسهيل وصول اصحاب الحقوق لاجهزة التقاضي. ولا شك عندي أن القضاء يضطلع بدور مهم للغاية في محاربة الفساد وفي تعزيز النزاهة وفي تشجيع الاستثمار والتنمية. وقد تكون ملاحظتي غير دقيقة ولكن الاعتقاد الغالب لدي ان دربة القضاء لدينا في الامور الاقتصادية والتجارية محدودة . وتحتاج الي جهود كبيرة لمواءمهتا مع تحديات االنهوض الاقتصادي . وفي هذا الصدد فان تعزيز استقلال القضاء بوصفة موسسة سيادية وضمان عدم وصول اي تأثير من اية جهة خارج المؤسسة إلية يظل امراً ضرورياً للغاية . واستقلال القضاء بصورة صارمة عن السلطتيين التنفيذية والتشريعية هو الذي أملي نظرية فصل السلطات ثم جري السماح بتليين المواقف ازاء العلاقة تمييزاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية . بيد ان القضاء لابد له من الاستقلالية التامة عن تأثير السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ذلك انه في المجتمع الناهض اقتصادياً فان كثيراً من قضايا الافراد تكون ضد مؤسسات الدولة . وكثيراً ما يتدخل نافذون في تلك المؤسسات لكسب القضايا خارج قاعات المحاكم. الي جانب الاستقلال المؤسسى للقضاء لابد من استقلال القاضي فيما يصدره من احكام . فلا يتدخل احد في التأثير علي القاضي حتي يرفع الامر الي دائرة الاستئناف ثم دائرة المحكمة العليا . ولما كانت المحكمة العليا هى موضع الفصل الاخير فأن كثيراً من الدول تعني بالاختيار لهذا المستوي . وذلك بمشاركة جميع السلطات في الاختيار فالمفوضية القضائية ترشح الاسماء علي اساس الترقي الطبيعي القائم علي الجدارة ويرفع الامر لرئاسة الجمهورية التي ترشح الاسماء ممن تتوفر فيهم جميع صفات الاهلية . ثم يذهب الشأن الي لجنة مختصة بهذا الامر في البرلمان لتأكيد الاختيار. ولما كان الامر كذلك فلابد تحديد عدد قضاة المحكمة الوطنية الاعلي The Supreme Court وتوزيع قضاة المحكمة العليا الي دوائر ولائية وقد كان ذلك هو مقتضى الدستور الانتقالي ولكن الامر تأجل او لربما جري تسمية المحكمة العليا بقضاتها السبعين او نحو ذلك محكمة وطنية عليا.
منظمات المجتمع المدني ومكافحة الفساد:-
هنالك حاجة ملحة لتنظيم جمعيات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص بما يوائم مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة. فالقطاع الخاص لابد أن يحمي من الفساد بالتشريعات المناسبة . يدخل في ذلك الحوؤل دون تنفذ كبار رجال الاعمال في اجهزة اتخاذ القرار الاقتصادي ولا يأس من الاستئناس برؤاهم ونصائحهم ولكن الفرق واضح بين الرأي والقدرة علي اتخاذ القرار . وأوضح صور هذا النوع من الفساد احتلال لجنة السياسات في مصر حسني مبارك بواسطة رجال الاعمال وسيطرتهم علي الوزارات الاقتصادية جميعاً وقد كانت ثمرة ذلك واضحة للعيان . كذلك لابد من تشريعات تمنع عمل كبار موظفي الدولة المختصين باصدار القرارات المؤثرة علي التنافس التجاري من العمل بالقطاع الخاص إلا بعد انقضاء فترة كافية من تركهم الوظيفة العامة.
أما بخصوص جمعيات المجتمع المدني ودورها في تعزيز النزاهة فان اهمية ذلك لا نحتاج الي نظر ولكن اول الواجبات هو تحسين التشريعات لتعزيز النزاهة داخل تلك الجمعيات نفسها . وضمان عدم استغلالها لغير النفع العام . وضمان عدم تسيسها وتحويلها الي احزاب بواجهات مدنية . بيد ان الدولة يجب ان تسمح بتشكيل جمعيات لمناهضة الفساد وتعزيز النزاهة في منظمات المجتمع المدني . لانها ان لم تفعل لحدث ما يحدث الآن بحيث تنشئ بعض الجهات السياسية منظمات غير معترف بها من قبل الدولة ولكنها تجد القبول لدي منظمات خارجية أخري لها تحيزاتها واجندتها الخاصه. ويكفي مراجعة ما تصدره بعض المنظمات الدولية بشأن السودان معتمداً علي تقارير مزورة بالكامل . وعند الاحتجاج تدعي تلك المنظمات بأنها لا تعتمد علي التقارير الرسمية ولا تجد جهات مستقلة لموافاتها بالتقارير . وليس ذلك لها بعذر ففي الشأن الاقتصادي هنالك العديد من المصادر المستقلة والنزيهة التي تأبي تلك المنظمات مراجعتها. بيد اننا لسنا بصدد ما يزوٌر حول السودان تحت اشراف مشروع “عدم الاستثمار في السودان” فلربما نتطرق لهذا في مقالات اخري ولكن المراد هنا أن تعمل الحكومة علي قيام منظمات مدنية مستقلة وتسعي الي تمكينها للحصول علي المعلومات وتتخذها ظهيراً مهماً في مناهضة الفساد.
بقلم
د. أمين حسن عمر
((( ولكن المراد هنا أن تعمل الحكومة علي قيام منظمات مدنية مستقلة وتسعي الي تمكينها للحصول علي المعلومات وتتخذها ظهيراً مهماً في مناهضة الفساد.)))).. مع كامل التقدير والاحترام دكتور أمين حسن عمر ( إلا إن فاقد الشيء لا يعطيه.) للأسف الشديد الفساد أصبح الوجه الآخر لقادتنا .. يوماً كنا نعتز ونفتخر بهم (سيماهم في وجوههم) والعياذ بالله… تحت مظلة وسلطة و نفوذ و أعين وحماية قادة الإنقاذ وهنا الطامة الكبرى فليس بالسهل المستطاع العودة. إلا من صافرة البداية بأيدي وزارة التربية والتعليم لذرع ما سرق من قيمّ وأخلاق بشرط من غير الإنقاذيين. من الطبيعى أن يكون الفساد( يسمى سرطان الإنقاذ ) حصاد ما تم زرعه بى جهل وعناية تاااااامة معاً. الإعتراف بالذنب فضيلة كما يقال..لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. اللهم أرحمنا برحمتك الواسعة..