عالمية

خلال يومين .. هكذا أنهت الهند استعماراً دام 450 سنة

عام 1947 وعلى إثر حصولها على استقلالها من البريطانيين، طالبت الهند بضرورة إنهاء التواجد البرتغالي على أراضيها. فخلال تلك الفترة وعلى الرغم من مغادرة بريطانيا للمنطقة، احتفظت البرتغال بمستعمراتها بالهند والتي تمثلت أساسا بأراضي غوا (Goa) ودامان (Daman ) وديو (Diu) حيث يعود تاريخ حصول البرتغاليين على هذه المناطق إلى العقد الأول من القرن السادس عشر زمن رحلات المستكشف فاسكو دا غاما (Vasco da Gama).

في حدود سنة 1950 خاطبت الحكومة الهندية نظيرتها البرتغالية لمناقشة مصير المستعمرات البرتغالية بالمنطقة، وخلال تلك الفترة طالبت الهند بضرورة تحرير هذه المناطق عن طريق منحها الاستقلال أو ضمها لموطنها الأصلي وإجلاء البرتغاليين منها.
خريطة تجسد تقسيم المنطقة والأراضي التي هيمنت عليها البرتغال إلى حدود سنة 1961 خريطة تجسد رحلة فاسكو دا غاما نحو الهند

وفي الأثناء، رفضت الحكومة البرتغالية بقيادة رئيس الوزراء والدكتاتور أنطونيو سالازار (António Salazar) تسليم المستعمرات بالهند، مؤكدة أنها باتت منذ قرون أراضي برتغالية.

طيلة فترة الخمسينيات مثلت المستعمرات البرتغالية ببلاد الهند مصدر نزاع متواصل بين الحكومتين البرتغالية والهندية، حيث لم تتردد البرتغال في اعتماد سياسة معادية للقرارات الأممية رفضت من خلالها التخلي عن مستعمراتها بكل من إفريقيا وآسيا. فضلا عن ذلك لم يتردد المسؤولون البرتغاليون في زيادة نفوذهم بمستعمراتهم بالهند عن طريق إرسال المزيد من القوات وفرض رقابة أمنية مشددة على الأهالي.
ميليشيات مسلحة

سنة 1954 أقدمت بعض الميليشيات المسلحة الموالية للهند على السيطرة على المستعمرات البرتغالية بكل من دادرا (Dadra) ونغار هافيلي (Nagar Haveli) اللتين كانتا منطقتين محاطتين بالأراضي القابعة تحت سلطة الهند، وبالتزامن مع ذلك اتخذ الأمر منحى خطيرا عقب رفض السلطات الهندية السماح بمرور القوات البرتغالية عبر أراضيها لاستعادة هذه المستعمرات. وخلال الفترة التالية أعلنت هذه الميليشيات المسلحة مناطق دادرا ونغار هافيلي أراضي هندية عقب رفعهم العلم الهندي عليها.
صورة لعدد من الآليات العسكرية البرتغالية بغوا يوم التاسع عشر من شهر كانون الأول ديسمبر سنة 1961 صورة لدكتاتور البرتغال أنطونيو سالازار

في الأثناء شهدت السنوات التالية مزيدا من التصعيد. ففي حدود سنة 1955 لم يتردد البرتغاليون في إطلاق النار على مظاهرة سلمية شارك خلالها الآلاف من الهنود المقيمين بغوا للمطالبة بضرورة إنهاء الاستعمار البرتغالي. فضلا عن ذلك شهدت سنة 1961 حدثا مأسويا آخر عندما عمدت القوات البرتغالية إلى استهداف إحدى سفن النقل المدني الهندية متسببة في مقتل بعض ركابها.
5 آلاف جندي

خلال سنة 1961 كان الصدام العسكري بين كل من الهند والبرتغال أمرا شبه حتمي، ولهذا السبب عمدت البرتغال إلى إرسال المزيد من القوات نحو مستعمراتها بالهند ليبلغ عدد جنودها هنالك بحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1961 حوالي 5 آلاف جندي، وبالتزامن مع ذلك أقدمت السلطات البرتغالية على إجلاء المئات من السكان ذوي الأصول البرتغالية والمقيمين بالمستعمرات. وخلال نفس تلك الفترة، حشدت الهند ما يزيد عن 40 ألف عسكري على حدود هذه المستعمرات البرتغالية قبل أن تصدر أوامرها لهم بالتقدم يوم الحادي عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1961.
صورة للمستكشف البرتغالي فاسكو دا غاما

مع حلول صباح يوم السابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1961، اندلعت المواجهات المسلحة بين القوات الهندية ونظيرتها البرتغالية، حيث شنت الهند هجوما بريا شاملا على المستعمرات البرتغالية بغوا ودامان وديو، مستعينة بسلاحها الجوي وقطعها البحرية، وبفضل تفوقها العددي تمكنت القوات الهندية من حسم المعركة خلال فترة وجيزة قدرت بحوالي 48 ساعة فقط، حيث استسلمت القوات البرتغالية بشكل رسمي يوم التاسع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1961 تحت وطأة الضربات الهندية عقب مقتل أكثر من 30 من جنودها، كما تزامن هذا الاستسلام مع فشل الأمم المتحدة في إقرار وقف لإطلاق النار بسبب الفيتو السوفيتي.

وبناء على ذلك، استعادت الهند السيطرة على هذه المستعمرات السابقة بعد مضي أكثر من 450 سنة من الهيمنة البرتغالية.

العربي الجديد