سياسية

مصفوفة تنفيذ الترتيبات الأمنية.. التوقيع بالأحرف الأولى


واصلت الخرطوم اختراقاتها في أزمة فرقاء جنوب السودان وقفزت حاجز الترتيبات الأمنية، بتوقيع الأطراف بالأحرف الأولى على مصفوفة تنفيذ الترتبات الأمنية بمقر التفاوض بأكاديمية الأمن العليا بسوبا أمس في التاسعة مساء، في وقت رَحَّلت المجموعتان الخاصتان بنظام الحكم وتقاسم السلطة بقية ملفاتها إلى اليوم، ليتزامن إكمال النظر فيها مع انطلاق ورشة الترتيبات الأمنية..

ضربة البداية

بعد توقيع الأطراف الجنوبية بالأحرف الأولى على اتفاقية فض النزاع في جنوب السودان وإلحاق الطرفين الرافضين -مجموعة المعارضة الجنوبية المسلحة برئاسة د.رياك مشار ومجموعة تحالف المعارضة الجنوبية برئاسة د.لام أكول- أعلنت الوساطة البدء في مصفوفة المواقيت الزمنية لتنفيذ الاتفاق.
اليوم، على الرغم من طوله، إلا أنه شهد ظاهرة استثنائية؛ إذ زار مقر التفاوض العديد من ممثلي البعثات الدبلوماسية، وكثر بين الجموع وجود (الخواجات)، والجميع يتحدث عن ملف المفاوضات..

في الجانب الآخر ظل المبعوث الخاص للإيقاد إسماعيل وايس متمسكاً بهدوئه، يجالس العديدين لفترات زمنية طويلة، بينما كان طاقمه يعمل بانسجام في متابعة عمل اللجان، بينما كان ممثلو الوساطة السودانية جزء من اللجان مذللين العقبات التي تعترض مسار الاتفاق على مصفوفات التنفيذ.

اللجنة الأولى

كونت الوساطة ثلاث لجان رئيسية قسمت عليها فصول الاتفاقية لوضع جداول التنفيذ الزمنية وإجازتها، وتم تقسيم قضايا نظام الحكم وتقاسم السلطة إلى لجنتين؛ اللجنة الأولى تختص بالنظر في الفصل الأول الخاص بنظام الحكم والفصل الثالث الخاص بالعمل الإنساني والفصل الخامس الخاص بأجهزة العدالة الانتقالية. وشاركت فيها كل المجموعة، حيث مثل وفد الحكومة مايكل ماكوي بالإضافة إلى أدوت أنول بالإضافة إلى الجنرال قارويج كويج. بينما مثلت حركة مشار بأنجلينا تينج واقوك ماكور ود.أورايانج تويت. ومثل تحالف المعارضة قبريال شامسون وتوت فاري، فيما مثل أحزاب الداخل كورنيلو كون، ومثل مجموعة المعتقلين السابقين مولانا جون لوك.
وبدأت اللجنة أعمالها منذ التاسعة صباحاً ورفعت أعمالها في السادسة، وبحسب أنجلينا تينج لـ(السوداني) أمس، فإن الفصل الأول الخاص بالسلطة والحكم كبير ومتشعب لذا استهلك معظم الزمن، مؤكدة أن الملفات تمضي بشكل جيد ولا يوجد أي تعثر، مشيرة إلى أن اليوم سيشهد إكمال بقية الفصول الخاصة باللجنة.

اللجنة الثانية

اللجنة الثانية التي كونتها الوساطة تختص بالنظر في مواقيت تنفيذ الفصول الرابع الذي يشمل الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية، والفصل السادس المعني بقضايا الدستور الدائم والسابع المختص بلجنة مراقبة وتقييم تنفيذ اتفاقية السلام (جيمك) والثامن ويختص بكيفية تعديل الاتفاقية.
الأطراف الجنوبية شاركت بأجمعها في اللجنة، ومثل وفد الحكومة ريتشارد كي مولا بالإضافة إلى أتيوتي أريكو بالإضافة إلى سفير جنوب السودان ميان دوت. فيما مثل مجموعة مشار استيفن فار بالإضافة إلى فوت كان بالإضافة إلى مارتن مارونا.

بينما مثل وفد تحالف المعارضة الجنوبية د.لام أكول بالإضافة إلى الجنرال بكاسورو، فيما مثل وفد مجموعة المعتقلين السابقين دينق الور، أما مجموعة أحزاب الداخل فمثلها جوزيف أوكيلو.

وعلى الرغم من أن اللجنة مضت بسرعة منذ التاسعة صباحاً على الفصل الرابع إلا أنها تعثرت في الفصل السادس المعني بالدستور، لجهة أن مسألة الدستور من المسائل المعلقة التي تمت إحالتها لقرار قمة الإيقاد، بالإضافة إلى تعثر في الفصل السابع الخاص بلجنة مراقبة وتقييم تنفيذ اتفاقية السلام.

وبحسب سفير جنوب السودان ميان دوت لـ(السوداني) أمس، فإن موقف حكومة الجنوب هو مناقشة الفصل السابع، إلا أن رفض الأطراف وتمترسهم حول حسم المسألة أولاً جعلنا نرجئ البت في الأمر إلى اليوم، متوقعاً إمكانية مناقشتها ووضع ما يخصها في المصفوفة وإن تم تعديل بناء على قرر قمة الإيقاد يتم تعديل المصفوفة. في المقابل سخر لام أكول من محاولة فرض نقاش قضايا مختلف عليها ضمن سياقات مصفوفة التنفيذ، معتبراً أن ذلك بمثابة إقرار ضمني بالنصوص التي جاءت في الاتفاقية حولها وهو ما يعد مخالفاً لجملة التحفظات والمسائل التي رفعت للقيادة السودانية، بالتالي لن تناقش حتى يتم البت فيها من قبل قمة الإيقاد. ورصدت (السوداني) رفع اللجنة لأعمالها منذ وقت مبكر بعكس بقية اللجان.

اللجنة الثالثة

(العمود الفقري لأي اتفاق تسوية سياسية بين مجموعات متحاربة هو الترتيبات الأمنية) بهذه العبارة أكد أحد الجنرالات في الوساطة السودانية لدى حديثه لـ(السوداني) أمس، أهمية الترتيبات الأمنية. مشيراً إلى أنها تختص بالفصل الثاني من اتفاقية فض النزاع وهو الترتيبات الأمنية، وتعمل المصفوفة على وضع مواقيت تجميع القوات وتواريخ تكوين هيئة الأركان المشتركة والمدى الزمني لتكوين القوة النواة. وشاركت جميع الأطراف الجنوبية في هذه اللجنة، ومثل الحكومة رئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الشعبي الجنرال تاو ماقير بالإضافة إلى عضوين آخرين، فيما مثل المعارضة الجنوبية المسلحة الجنرال مارتن أبوجا بالإضافة إلى الجنرال جال توماس بالإضافة إلى كوك كور. فيما مثل تحالف المعارضة الجنرال حسين عبد الباقي، بينما مثل مجموعة المعتقلين الجنرال مادوت بيار، فيما مثل أحزاب الداخل ديفيد وليم.
اللجنة الأمنية بدأت مثل بقية اللجان في التاسعة صباحاً وعلى الرغم من ضخامة ملفها إلا أنه ما إن حلت الساعة السابعة إلا وأعلنت اللجنة انتهاء أعمالها بشكل كامل، وأنها بصدد التوقيع على مصفوفة تنفيذ الترتيبات الأمنية في مفاجأة اعتبرتها الوساطة سعيدة، وتشير إلى جدية الأطراف في المضي قدماً في عملية السلام، وتشي بمدى تمتع الأطراف الجنوبية بالإرادة بتخطيها الملف الأصعب.

التوقيع

التاسعة مساء وجهت الوساطة الدعوة للإعلاميين والصحفيين بالتوجه إلى قاعة التوقيع، وأعلن الرئيس المناوب للجنة مراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ الترتيبات الأمنية وعضو الوساطة الجنرال طارق عبد الكريم أن التوقيع لجميع الأطراف بلا استثناء.
وفد الحكومة بكلياته كان حاضراً خلال التوقيع، فيما بدت روحه المعنوية مرتفعة للغاية، ووقع عنه عضو اللجنة الجنرال تاو ماقير، وعن مجموعة المعتقلين السابقين مادوت بيار، وعن المعارضة الجنوبية المسلحة الجنرال مارتن أبوجا، وعن التحالف الجنرال حسين عبد الباقي وعن أحزاب الداخل دينفيد وليم، وعن منظمات المجتمع المدني ميري نودي وأدموند ياكاني.
بعد مراسم التوقيع أكد الناطق الرسمي باسم حكومة الجنوب والوفد المفاوض وزير الإعلام مايكل ماكوي في تصريحات، أن الخطوة كبيرة ومهمة وتؤكد أن الجميع يمضون في الاتجاه الصحيح، مشيراً إلى أن سرعة حسم اللجنة لعملها يشي بأن أعضاءها من ذوي الخبرة والمقدرة، موجهاً الشكر لجميع الأطراف لتحملهم المسئولية على بذل الجهود في سبيل تجاوز الخطوة.

خطابات إلى الإيقاد

إلى ذلك علمت (السوداني) أن ثمة أربعة خطابات تم توجيهها إلى هياكل الإيقاد المختلفة من الخرطوم، وكشف مصدر رفيع بالوساطة أمس، عن توجيه رئيس الجمهورية خطاباً مماثلاً إلى رؤساء دول الإيقاد بأهمية النظر في المسائل العالقة بين الأطراف الجنوبية في قمة الإيقاد المرتقبة. مؤكداً توجيه وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد خطاباً إلى رئيس مجلس وزراء الإيقاد وزير الخارجية الإثيوبي يتناول الوعد السيادي بالنظر في أهمية الموضوعات التي أعلن فصيلا المعارضة الجنوبية المسلحة ومجموعة التحالف تحفظهم عليها، وأهمية تضمينها ضمن جدول أعمال قمة الإيقاد. وأضاف: “بينما كان الخطاب الثاني في 27 أغسطس من المبعوث الخاص للإيقاد إسماعيل وايس حول مسألة الولايات، وتم إلحاقه بخطاب آخر ببقية تحفظ المجموعتين، مرفقاً بتقرير عن سير العملية التفاوضية ومواقف الأطراف واتفاقهم النهائي”.

معضلة مهمة

تنطلق اليوم الورشة الخاصة بالأطراف الجنوبية والمعنيين بالملفات العسكرية، وبحسب مصادر رفيعة بالوساطة لـ(السوداني) فإن الورشة هدفها تهيئة أجواء للعسكريين في التقارب من بعضهم البعض حتى يتسنى خلق حدٍّ أدنى من انسجام وتفاهم بينهم بحكم طبيعة المهمة الملقاة على عاتقهم، خصوصاً وأن الترتيبات الأمنية ستكون المدخل لتنفيذ اتفاقية السلام.
ويبدو أن أكبر المعضلات التي تواجه الترتيبات الأمنية هو النص على أن الجيش الجنوب سوداني سيتم إعداده على يد الجيش السوداني واليوغندي، في وقت ترى معظم أطراف الجنوب المتفاوضة أن ذلك يُعدُّ ضرباً من المستحيل، لجهة أن جنوب السودان يقع تحت طائلة حظر السلاح وبالتالي فإن وجود الجيشين السوداني واليوغندي في الحد الأدنى لحفظ السلام في الجنوب يعني دخولهم بسلاحهم، وهو ما يتعارض مع العقوبات الدولية، ويذهبون إلى أن الحل يكمن في ضرورة التنسيق مع الأمم المتحدة في جنوب السودان، الأمر الذي ينتظر أن يُحسم في قمة رؤساء الإيقاد.

الرافضون يُلحَقون

في وقت أعلنت فيه جبهة الخلاص الوطني ثاني أكبر فصيل في المعارضة، ويتزعمها الجنرال توماس شريلو، رفضها التوقيع على الاتفاق؛ إلا أن رئيس لجنة الإعلام بالجبهة د.جلفان سامسون أكد لـ(السوداني) أمس أن الجبهة جزء من التوقيع طالما تم التوقيع باسم التحالف الذي يضم تسعة فصائل، مشيراً إلى أن تصريح الناطق الرسمي باسم الجبهة جاء متعجلاً وبناء على سوء تفاهم، الأمر الذي خلق بلبلة لا مبرر لها. كاشفاً عن انقطاع الاتصال بتوماس شيرليو حتى يم أمس، وأنه أقر كل خطوات التحالف بما في ذلك التوقيع الأخير. كذلك تردد رياك مشار في التوقيع على المسودة، حيث جاء توقيعه بعد أن أعرب عن رفض التوقيع على تلك المسودة لعدم حسم العديد من النقاط الخلافية.
وبحسب معلومات (السوداني) فإن الجنرال توماس شيرليو وصل إلى الولايات المتحدة أمس الأول، وأنه على تواصل مع مجموعته في الخرطوم.

الخرطوم: عمرو شعبان
صحيفة السوداني.