جرائم وحوادث

قتلت بطعنة لص (الصول) نوال.. قصة (اختصاصية) في حب الناس


ذات صباح باكر، فُجع جميع أهالي منطقة جبل أولياء بحادثة غريبة من نوعها لم يعتادوا عليها، ليتدافعوا جميعاً لموقع الحدث بعد سماعهم بالخبر الأليم والفاجعة، وهو مقتل حضرة (الصول) نوال ليلاً داخل منزلها على أيدي أحد اللصوص غدراً..
الجميع هرع، صغاراً وكباراً، والخوف يتملكهم والألم يعتصرهم بعد أن علموا بأنها فارقت الحياة إثر الطعنة، لتعيش المنطقة متأثرة بمقتل نوال، واصفين الفقيدة بطيبة الأخلاق حسنة المعشر ذات التعامل الجميل والراقي مع كل أهل الحي والأحياء المجاورة طوال خدمتها لهم بتفانٍ بحكم عملها كأخصائية تحضير عمليات بمستشفى الأمل الطبي بجبل أولياء، وتلبية أي استغاثة تُطلب منها حتى في أوقات متأخرة من الليل. (السوداني) كانت هناك لرصد تفاصيل جريمة هزت أركان المجتمع.

من هي نوال؟

المغدور بها هي نوال إبراهيم محمد بشير من مواليد الجزيرة قرية وادي شعير ريفي طابت الشيخ عبد المحمود، متزوجة، ليس لديها أبناء، تقطن بمنطقة أراضي الديم بجبل أولياء منذ فترة ليست بالقصيرة، ظلت طوال حياتها مهمومة بأسرتها المكونة من أشقائها السبعة باعتبارها أكبرهم بعد وفاة والدتها التي تركت لها العبء الأكبر من المسؤولية لثقتها فيها.. كافحت نوال وجاهدت حتى تزوج من تزوج من أخوتها ليعيش جزء منهم بذات المنطقة، فيما غادر أرض الوطن اثنان من أشقائها وهم (حسن وسامي) إلى بريطانيا ليستقرَّا هناك.

تفاصيل من حياتها

تزوجت نوال وواصلت شق طريقها في العمل الإنساني وهو المجال الطبي الذي تنقلت من خلاله في أماكن مختلفة من ولايات السودان حتى استقرارها أخيراً للعمل بمستشفى الأمل الطبي بجبل أولياء كأخصائية تحضير عمليات برتبة صول الذي ظلت تعمل فيها حتى وفاتها.
سارت حياتها طبيعية على أفضل ما يكون، وكانت محل ثقة واحترام وسط زملائها في العمل، فكسبت ثقة الجميع فأُوكلت لها الكثير من المهام والأمور لهمتها ونشاطها، فيما كانت العمود الفقري للأسرة والسند الحقيقي لهم وأياديها البيضاء الممدودة بالخير للجميع.

تفاصيل الجريمة

المنزل الذي كانت تقطن فيه المرحومة نوال مع زوجها وشقيقها الأصغر الذي تبنت أمر تربيته والاعتناء به منذ الصغر بعد وفاة والدتها.. يوم ارتكاب الجريمة كانت زوجة شقيقها تمكث للمبيت معها وكانت تجاورها أثناء النوم في حوش المنزل، فيما كان شقيقها الأصغر نائماً داخل إحدى الغرف وزوجها كان قد دلف للاستحمام، ولم يمض وقت طويل حتى أطلقت نوال صرخة داوية وهي تردد (طعني، طعني) ثم صمتت.. لتصحو زوجة شقيقها مذعورة بحكم أنها نائمة إلى جوارها، تزامن ذلك مع خروج الزوج هو الآخر من الحمام عارياً مذعوراً لمعرفة ماذا يحدث، ليجدوا نوال سابحة في دمائها فيما سارع المجرم بالقفز من سور المنزل.. فلم يكن أمام زوجها وزوجة شقيقها سوى أن يسارعوا بحملها لمستشفى الأمل حيث تعمل، إلا أنها فارقت الحياة نسبة لعمق الجرح وكثرة النزيف رغم محاولات الأطباء إنقاذها.

الأشقاء يتحدثون

من داخل سرادق العزاء تحدث حسين شقيق المرحومة نوال لـ(السوداني) أمس: “شقيقتي نوال كانت تعمل في مجال التمريض ما يفوق الـ20 عاماً، وعملت في مناطق مختلفة ولم يحدث أن اشتكى منها أحد؛ فهي كانت تخدم الجميع بلا فرز بشهادة أهل المنطقة والمستشفى الذي تعمل فيه، نوال كان ترتيبها الأول بين أشقائي وتعاملها طيب مع الكل وكانت (شيالة التقيلة)” وأضاف: “علمت بالخبر حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحاً عندما تم الاتصال بنا، وقالوا لنا إن نوال تعبانة وأنهم في طريقهم إلى المستشفى وعلينا اللحاق بهم، وبالفعل سارعنا للحاق بهم في المستشفى إلا أنه عند وصولي هناك وجدتها غير واعية بنفسها وعلى ما يبدو كانت ميتة ليتم بعدها إعلان وفاتها”. وأكد حسين أن شقيقته ماتت إثر حادث طعن بآلة حادة من لص داهم المنزل وغدر بها لتفارق الحياة بعد نصف ساعة تقريباً من وصولها المستشفى، مختتماً “الآن الشرطة تكثف جهودها وتسعى سعياً دؤوباً للوصول إلى المجرم الحقيقي وحتى الآن هناك ثلاث دوائر تعمل فيها الشرطة لاستجوابها وهي (العمل، الأسرة، الجيران) وعدد من المشتبه بهم والآن القضية أصبحت قضية رأي عام سيتم من خلالها الوصول للمجرم الحقيقي لينال جزاءه من العقاب”.

من جانبه كشف شقيق القتيلة الأصغر مدير مدارس الزيتونة بمدينة الأمل سمير في حديثه لـ(السوداني) أن “لحظة وقوع الجريمة كان زوج ما زال موجوداً بالحمام وشقيقي الأصغر بإحدى الغرف وشقيقتي إخلاص كانت تنام بجوارها في الحوش ولم تصحُ إلا على صوتها وهي تصرخ (طَعنِّي) وقتها هبت شقيقتي إخلاص فزعة، وقالت إنها شاهدت شخصاً يقفز من فوق السور يرتدي بنطالاً وقميصاً، كذلك خرج زوجها من الحمام مذعوراً وهو عارٍ ليتفاجأوا بالمشهد وحاولوا إسعافها لمستشفى الأمل، إلا أن النزيف كان حاداً ففارقت الحياة، مبيناً أن شقيقته نوال كانت ترتب للسفر إلى مصر وأنه طلب منها الانتظار ليسافِرَا معاً، وأضاف: “أخبرتني بأنها جمعت جزءً من المال”. كاشفاً عن أن الفقيدة كانت تعاني من الضغط والسكري إلا أن ذلك لم يمنعها من أداء واجبها تجاه المرضى متى ما طرقوا باب منزلها حتى أوقات متأخرة من الليل، مختتماً “مقتل شقيقتي نوال ليس بالأمر العادي فهي قضية رأي عام ولن يهدأ لنا بال حتى تأخذ العدالة مجراها ويعلم المجرمون بأن أرواح الناس ليست لعبة وأن الجاني الحقيقي لن يفلت من يد القانون”.

صحيفة السوداني.