معتز موسى رئيساً للوزراء بالرقم 9 الحكومة المقبلة.. الطريق إلى الوثبة الثانية
ما أن أشارت عقارب الساعة إلى الثامنة والنصف، حتى فوجئ الشارع السوداني بإعلان رئاسة الجمهورية حل حكومة الوفاق الوطني عقب اجتماع الآلية التنسيقية العليا للحوار الوطني برئاسة البشير. وقبل أن يستوعب الجميع المفاجأة كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة والربع ليكون اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم في تحويل المفاجأة إلى صاعقة ألجمت أفواه الكثيرين ومساعد رئيس الجمهورية فيصل حسن يتفوه بمخرجات الاجتماع.
اجتماع طارئ
عقب اجتماع المكتب القيادي، ابتدر فيصل حديثه والارتياح بادٍ على وجهه، بأن الاجتماع جاء طارئ بناءً على دعوة رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية، واصفاً مبادرة البشير بأنها بمثابة (الوثبة الثانية)، منوهاً إلى أن المبادرة تأتي في سياق عملية الإصلاح الشامل في الدولة بالتركيز على المعالجات الاقتصادية، وأن ضربة البداية كانت بمبادرة الرئيس بتقليص الجهاز التنفيذي قومياً وولائياً ومحلياً. وكشف فيصل أن جهاز الدولة كان واسعاً بسبب الحوار الوطني لاستيعاب المشاركين، وأن الحكومة في هذا السياق قطعت شوطاً مُقدَّراً، مشيراً إلى أن الوقت قد حان للمعالجات بخفض الإنفاق الحكومي، كاشفاً عن أن المبادرة وجدت التأييد من كل القوى السياسية في الحوار الوطني وأنها على قلب رجل واحد في إنفاذها. وحيَّا فيصل الشعب السوداني لتفهمه طيلة الفترة الماضية كل المراحل التي مرت بها البلاد.
وأعلن فيصل تسمية النائب الأول بكري حسن صالح، وفصل منصبه عن منصب رئيس مجلس الوزراء وتسمية معتز موسى رئيساً لمجلس الوزراء، فيما تمت تسمية محمد عثمان يوسف كبر نائباً للرئيس، منوهاً إلى تأدية المُسمِّين للقسم اليوم في الـ11 صباحاً.
وكشف فيصل عن بقاء ثلاثة وزراء مكلفين هم: وزير رئاسة الجمهورية فضل عبد الله، ووزير الخارجية الدرديري محمد أحمد، ووزير الدفاع عوض بن عوف.
الجرح والتعديل
مساعد رئيس الجمهورية، فيصل حسن إبراهيم، كشف عن تقليص عدد الوزارات الاتحادية من 31 إلى 21 وزارة، بالإضافة إلى تقليص وزراء الدولة بنسبة 50%، فضلاً عن تقليص وزارات الولايات إلى خمس وزارات فقط وإلغاء مناصب معتمد الرئاسة، والمفوضين، والمفوضيات ودمجها في الوزارات، منوهاً إلى مراجعة معايير إنشاء المحليات بما يخدم تقليص العدد الحالي للمحليات البالغ 189 محلية استجابة لتوصية مؤتمر تقويم تجربة الحكم الاتحادي.
وكشف مساعد الرئيس عن أن الخطوة تعد ضربة البداية نحو الإصلاح الشامل في البلاد، وأنه ستتبعها خطوات أخرى لإصلاح الخدمة المدنية، بالإضافة إلى القوانين لضمان سيادة حكم القانون. ولم يفت على فيصل تحية حكومة بكري بحكم أنها – بحسب وصفه – عملت في ظروف صعبة وأدت واجبها.
وقطع بأن التشكيل الحكومي الجديد سيخضع للتشاور بين رئيس مجلس الوزراء الجديد عقب أدائه القسم ورئيس الجمهورية لتشكيل حكومة رشيقة تعتمد على الكفاءات، مشدداً على أن الخطوة تأتي بإجماع رؤساء الأحزاب، وأضاف: “الظروف تقتضي حكومة رشيقة”، منوهاً إلى أن الحكومة الجديدة تأتي في سياق شروط وظروف أفضل بدليل العديد من المؤشرات بتحسن علاقات السودان الدولية، فضلاً عن زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة إلى الصين، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية مع الصين وتركيا، كذلك تحقيق اتفاق سلام الجنوب بما يخدم المصلحة.
الرقم 9
بموافقة المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، على تسمية معتز موسى رئيساً للوزراء يكون هو تاسع شخصية سياسية تتبوأ هذا المنصب، الذي تبوأه في أول حكومة وطنية قبل الاستقلال السيد إسماعيل الأزهري عن الاتحاديين، ثم تلاه عبد الله خليل عن حزب الأمة، وبعد انقلاب غاب المنصب عن المشهد السياسي، بعد انقلاب الفريق إبراهيم عبود، ليعود مرة أخرى في حكومة أكتوبر المجيدة ، حيث ناله السيد سر الختم الخليفة، وبعد انتخابات 1965 تقلده محمد أحمد محجوب، ثم الصادق المهدي الذي يُعد أصغر شخصية نالت المنصب.
بعد انقلاب العقيد جعفر نميري في مايو 1969، كان منصب رئيس الوزراء من نصيب مولانا بابكر عوض الله، إلا أن نميري سرعان ما ألغى المنصب طوال بقية فترة حكمه التي انتهت بقيام انتفاضة أبريل، وفي حكومتها الانتقالية أوكل المنصب لنقيب الأطباء د.الجزولي دفع الله.
أقيمت انتخابات 1986 ليعود السيد الصادق المهدي مرة أخرى رئيساً للوزراء واستمر لنحو 3 سنوات، فأطاح به انقلاب الإنقاذ الوطني الذي ألغى المنصب تماماً، غير أن توصيات مؤتمر الحوار الوطني طالبت بإعادة المنصب، فكان من نصيب الفريق بكري حسن صالح الذي أدى القسم له في مارس من العام الماضي، لتكون فترة من أقصر الفترات مثلها ومثل فترة الصادق المهدي الأولى في المنصب.
لماذا معتز؟
قطع رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني بنجاح رئيس مجلس الوزراء الجديد معتز موسى في إدارة الجهاز التنفيذي خلال الفترة المقبلة، كاشفاً لـ(السوداني) أمس، عن أن اختيار موسى لم يأتِ عبثاً، وإنما عقب استصحاب العديد من المؤشرات أبرزها أنه من جيل الشباب، بالإضافة إلى لمعان نجمه منذ وقت مبكر عبر تجربته الجيدة في وحدة تنفيذ السدود ونجاحه في استقطاب الدعم والتمويل والتنفيذ والمتابعة، مؤكداً أن معتز على الرغم من قصر مسؤوليته في القطاع الاقتصادي بالحزب الحاكم، إلا أنه يمتلك رؤية واضحة تستصحب حلولاً لكل أزمات ومشكلات البلاد، مشيراً إلى نجاحه في خلق علاقات مميزة ومحترمة مع دول حوض النيل، فضلاً عن الجارتين إثيوبيا ومصر، وأضاف: “ونجح في اكتساب ثقة كل الأطراف وهو أمر له أهميته”.
رؤساء الأحزاب
قال بشارة جمعة أرو، رئيس حزب العدالة، في تصريحات صحفية أعقبت اجتماع القصر الجمهوري لتنسيقية الحوار الوطني، إن قرار حل الحكومة يأتي تجسيداً لروح توصيات مؤتمر الحوار الوطني لإعادة بناء الدولة السودانية، فيما قال علي الحاج محمد، الأمين العام للمؤتمر الشعبي، إن أمام الحكومة الجديدة تحديات كبيرة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الحالية وتنفيذ برنامج إصلاحي شامل يتطلب استيعاب حتى الأحزاب السياسية المعارضة والمجموعات التي تحمل السلاح، مطالباً بمزيد من الإصلاحات بما يشمل تخفيض المخصصات المالية لأعضاء البرلمان القومي والبرلمانات الولائية.
من جهته قال مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، نائب رئيس الوزراء إن القرارات الجديدة قضت بتقليص الوزارات القومية من 31 إلى 21 وزارة مع تقليص المناصب على مستوى رئاسة الجمهورية وحكومات الولايات، مشيراً إلى أن ذلك سينهي عهد الترضيات السياسية وسيساعد على معالجة الأخطاء التي تراكمت في الفترات السابقة، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لأن تدفع الحكومة الثمن، بمثل ما يدفعه المواطن السوداني – على حد قوله.
الخرطوم: عمرو شعبان
صحيفة السوداني.