اقتصاد وأعمال

أقرَّ بها وزير الصحة أزمة الدواء في البلاد.. الصورة كاملة

جلسة برلمانية عادية، خُصِّصَ جانب منها لإجابة وزير الصحة عن سؤال نيابي حول انعدام عقار التيتانوس، قبل أن تتحول بصورة دراميتيكية إلى مأساة كشف ستارها الوزير راسما صورة وصفت بالقاتمة لوضع الدواء في البلاد.

ماذا قال الوزير؟

الوزير كشف عن انعدام (34) صنفاً من الأدوية المنقذة للحياة تماماً من الصيدليات، إضافة لـ(68) صنفاً على وشك النفاد، إضافة لمعلومات وحقائق وأرقام أخرى. وعلى الرغم من مضي (48) ساعة على حديث الوزير، إلا أنه أثار وما يزال يثير الكثير من ردود الأفعال، لتسيطر قتامة الصورة بشكل كبير على وسائل الإعلام المحلية ، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي.
البرلمان أسقط بالإجماع إجابة الوزير، وطلب رئيسه إبراهيم أحمد عمر استدعاء رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي لمساءلتهم عن ما أدلى به وزير الصحة من معلومات.. فهل ما أدلى به الوزير عن موقف الدواء بالبلاد هو كامل الحقيقة أم أن هناك أشياء أخرى؟!

أسئلة أخرى

ما أدلى به وزير الصحة الاتحادية د.محمد أبو زيد عبَّر في كثير من جوانبه عن الجزء المتعلق بالأدوية التي تأتي عبر الإمدادات الطبية بدولار مدعوم من الدولة، وهو ما فتح الباب لتساؤلات جديدة حول أدوية الشركات التي تستورد بدولار متذبذب من السوق الموازي رغم أنها توفر (70%) من الدواء بالصيدليات. الإجابة جاءت في ثنايا حديث الوزير بتوقف (33) شركة عن استيراد الدواء هذا العام، ما أثر على استقرار وتوفر نحو (100) صنف دوائي منعدم بالصيدليات. ويذهب رئيس شعبة الصيدليات السابق د.حمدي أبو حراز في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن الأصناف التي حدثت فيها نُدرة وانعدمت منذ بداية هذا العام تجاوزت الـ(400) صنفاً دوائياً، هذا فضلاً عن الأدوية المُنقذة للحياة والأدوية التي لها سنوات غير موجودة وفشلت حتى الإمدادات الطبية في إحداث الاكتفاء منها أهمها (أدوية الأمراض النفسية والعصبية ومرضى الصرع والشلل الرعاش).
ولفت أبو حراز إلى أن الأزمة التي أقرت بها وزارة الصحة بدأت منذ العام 2016م، حينما رفع بنك السوداني المركزي يده عن توفير دولار للشركات للاستيراد وتركها تصطلي بنار السوق الأسود الذي لا يستقر فيه السعر يومين على التوالي ويمضي نحو الصعود بلا كوابح.
ووصف أبو حراز أزمة الدواء بالحادة التي تهدد الأمن القومي الصحي بالبلاد، مشيراً إلى أن الحل أمر واحد لا ثاني له وهو أن تضطلع الدولة بدورها في توفير ميزانيات للدواء ودولار للشركات للاستيراد وضمان وصوله للمواطن بأسعار مناسبة.

المُنقذة للحياة

الصندوق القومي للإمدادات الطبية هو الجهة الوحيدة بالسودان التي يُسمح لها بتوريد مُعظم الأدوية المنقذة للحياة، لكن يبدو أن مهمته استعصت رغم أن دولار استيراد أدوية الإمدادات توفره الدولة بسعر ثابت. وبحسب إفادات وزير الصحة محمد أبو زيد مصطفى أمام البرلمان أمس، وصل عدد الأدوية المنعدمة من الأصناف المنقذة للحياة لـ(34) صنفاً، هذا فضلاً عن (68) صنفاً دوائياً منقذاً للحياة على وشك النفاد ولا تكفي حاجة البلاد إلا لشهرين فقط، وعدد (27) صنفاً قال إن مخزونها سينفد خلال شهر واحد إن لم يتم استيراد أصناف منها في هذه المدة.

حديث الوزير طبقا اعتبره الصيدلي د.عبد الرحيم الهجا في حديثه لـ(السوداني) أمس، بمثابة دق لناقوس الخطر وإنذار للدولة بالتدخل ومنع حدوث الفجوة في هذه الأصناف التي على وشك الانقطاع التي حددها الوزير بشهرين كأقصى حد ممكن. وأكد الهجا أنه طالما أن وزارة الصحة بأعلى مستوياتها اعترفت بالخلل ووجود الأزمة، إذن فالكرة في ملعب الدولة التي يجب أن تتحرك مباشرة عبر وزارة المالية بحل مديونيات الدواء وتوفير دولار مدعوم وثابت للشركات حتى يستقر الوضع ونضمن الإمداد دون انقطاع، وأضاف: أكثر من (70%) من الأدوية تأتي عبر الشركات لذلك أي عراقيل تواجهها في الاستيراد تنعكس مباشرة على سوق الدواء.

صوت البرلمان

رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر لم يُخْفِ مفاجأته مما استمع إليه بشأن الدواء على لسان وزير الصحة، وقرر عاجلاً استدعاء رئيس مجلس الوزراء وزير المالية معتز موسى ومحافظ بنك السودان المركزي بجانب وزير الصحة والإمدادات الطبية لمزيد من الإيضاح حول انعدام عدد مُقدر من الأدوية وكيفية الخروج من الأزمة إضافة للحلول العاجلة والاستراتيجية للحيلولة دون تكرار الأزمة أو تفاقمها، واختتم عمر بقوله: “هذه مشكلة كبيرة جداً وأمر خطير”.

الخرطوم: تسنيم عبد السيد
صحيفة السوداني.