معتز في حديث بالأرقام مُربَّع الأزمة والبَيع بالكَسِر
بعد مرور نحو (100) يوم على وصوله إلى منصبيه الأهم في التشكيل الحكومي، أطل معتز موسى لأول مرة أمس، مُوَظِّفاً مقدرته على الفذلكة التاريخية والإسهاب في الشرح لقرابة الـ3 ساعات، ما تعانيه حكومته إزاء (الكاش) (الخبز) (الوقود) و(الأدوية).. معتز أورد الأزمة وسعى لتشخيصها.
وراثة أزمة.. (رب السيل)
رئيس الوزراء معتز موسى اعتبر الأزمة التي تعاني منها البلاد حالياً، أزمة مرحلة منذ سبعينيات القرن الماضي، بفعل تراكم القروض وفوائدها حتى بلغت المديونية نحو (56) مليار دولار بواقع (6) ملايين دولار في اليوم. مُنوِّهاً إلى أنه على الرغم من أن الحكومات السابقة، وظفت الكثير من تلك القروض في مشروعات قومية كبيرة وبنية تحتية، بيد أنها أثرت على الاقتصاد السوداني، قاطعاً أنه إن لم تتم معالجات جذرية فإن المشكلة ستظل قائمة مثلها و(درب السيل).
موسى أكد أن حصر الصادر السوداني في (7) سلع أضرَّ بالاقتصاد في وقت توجد فيه أكثر من (100) سلعة يجب توظيفها لإحداث التنوع في الصادر، مشيراً إلى أن سنوات التسعنيات كانت أفضل سنوات الاقتصاد السوداني الذي اعتمد على المنتجات السودانية بدون بترول محققاً نمواً مقدَّراً في الناتج القومي الإجمالي، لذا واجه الاقتصاد مشكلة كبيرة لدى خروج النفط في 2011م.
معتز والصحافة
رئيس الوزراء وزير المالية معتز موسى كشف عن أنه يقرأ كل ما يكتب في الإعلام، وأنه أحياناً يناقش بعض الكتاب فيما يكتبون، منوهاً إلى أنه فخور بالصحافيين وأنه كان ينتمي لهذه لشريحة يوماً.
الصحافيون تباروا في طرح الأسئلة الموضوعية والواقعية التي تغطي حال الاقتصاد المأزوم، وعلى ما قاله الرجل عن رباعي الأزمات، فضلاً عن مشكلات أخرى تهدد الاقتصاد السوداني، إلا أن معتز تعمد الإجابة بشكل إجمالي عمداً، ومع ذلك وبحسب متابعات (السوداني) فإن معتز يجيد الإصغاء، متحاشياً الإجابة على البعض.
(لا حل للأزمة الاقتصادية ما لم تكن هناك تسويات سياسية وتنازلات مُرَّة).. فرضية طرحها أحد الصحفيين، ليجيب معتز بأنه لا يدري ما هي التنازلات المرة الواجب تقديمها، مشيراً إلى وجود مفاوضات تجري مع من يعترفون بالدولة، وأضاف: سبق وأن تفاوضنا مع مالك عقار الذي قاتل من أجل أن يحكم أهله وعندما منح هذا تمرد على الدولة وهو يقود عربتها ويضع علم السودان، ناقلاً نصيحة أحد السفراء له بأن يقدموا تنازلات، واستدرك: لكنه لم يقل ما هي تلك التنازلات يعني (نسلم).
وكشف معتز عن اعتمادهم كدولة على تقرير المراجع القومي مؤكداً الالتزام بما جاء في تقريره باعتباره المرجعية الأساسية لعملهم في الجهاز التنفيذي من خلال العمل على معالجة الأخطاء. وأبان معتز أن ثمة ترتيبات تجري مع قوى الحوار الوطني للتوافق على من يدير مفوضية الفساد، متوقعاً أن يتم إعلانها قريباً.
نافيا ما تم تداوله عن خلاف مع جهة تنفيذي اخرى في معرض رده على ما رشح عن خلاف بينه ومدير جهاز الأمن والمخابرات، ما دفعه للاستقالة، قاطعاً بأنه لم يحدث أن استقال ليتراجع لجهة أنه متفائل وقناعته أنه لا توجد مشكلة عصية على حل. منوهاً إلى أنه لا وجود للخلاف وإنما نقاش حيوي تفرضه قضايا البلاد.
وأقر معتز بأن البعض ينتظر أن تسقط الحكومة من نفسها، منوهاً إلى أنه سبق وأن التقى قوش وقال له: (تعال نتشاكل).
رئيس الوزراء قطع بأنهم لم يتلقوا أي قروض من البنك الدولي أو صندوق النقد، وأنهم يديرون الاقتصاد طوال السنوات الماضية بمواردهم. قاطعاً بأن سياسة التمكين أصبحت تاريخاً وأنه لم يكن تمكيناً بل حراسة، مؤكداً بعدم وجود قوائم يرسلونها إلى مفوضية الاختيار للخدمة المدنية ليلاً.
وحول بذخ الوزراء في ظل الأزمة، كشف معتز عن بدء حكومته في جمع عربات اللاندكروز، كاشفاً عن أنهم وجدوا (854) عربة، منوهاً إلى أنهم في مجلس الوزراء -بدأوا بشخصه ووزير مجلس الوزراء- بتسليم ثلاث عربات لا ندكرورز ليتم تحويلها لإسعافات لولايات دارفور، وأضاف: هناك وزراء أولاد ناس وأغنياء ويمتلكون سيارات حديثة جداً.
قاطعاً بإيفائهم بالانتخابات كاستحقاق دستوري وحق للمواطن مثل حقه في الأكل والشرب، وأضاف: إذا لم ننفذه سيظل السؤال لماذا لم تقم انتخابات، مؤكداً صمود موازنته لأنها قائمة على اقتصاد حقيقي.
مربع الأزمة.. تفاصيل رؤية حكومية
حول أزمة شح أوراق النقد، وصفها معتز بأنها مشكلة حقيقية ويجب الحديث عنها رغماً عن أنها غير معهودة في اقتصاد الدول، لافتاً إلى أن النمو الاقتصادي ينمو بوتيرة متسارعة وفقاً لمؤشرات الاقتصاد المسجل في كشوفات الضرائب وأنه يصل إلى “80” مليار دولار. منوهاً إلى أن ذروة أزمة النقد بدأت في العام المنصرم وما صاحبها من تداعيات واجهت قطاع البنوك السودانية ما أدى إلى سحب المودعيين لأموالهم من البنوك الأمر الذي يعني تعسرها، مشيراً إلى أن المتعاملين مع البنوك في السودان لا يتجاوزون الـ6% فقط، وأضاف: وما تبقى ليست لهم علاقة بالبنوك.
وأعلن معتز عن ترتيبات جارية مع قطاع الاتصالات لتقنين التحويلات، مشيراً إلى أن كلفة إنشاء نقطة بيع “300” دولار ما يؤدى إلى إحجام المواطن من إنشاء نقاط بيع، موضحاً أن البنك المركزي بصدد طرح “100” نقطة بيع يتم التعامل معها دون أي خصومات، منوهاً إلى أن هذه الخدمات تستهدف الــ6% أما 94% من المواطنين سيتم تقديم معالجات لهم.
وأشار موسى إلى أن سبب مشكلة شح النقد هو المضاربات التي حدثت في الجنيه السوداني وبيع الكاش، موضحاً أنهم وضعوا خطة كاملة لحسم هذا الأمر.
وقطع موسى بأنه كلما اتسعت الفجوة بين السعر المدعوم والسعر الحر كلما كثر التحايل، مؤكداً أن الدولة ما تزال تقدم دعماً للخبز يصل إلى 35 مليون جنيه في اليوم، ومع ذلك يدفع المواطن ضعف السعر للرغيفة بواقع “2” جنيه وغير مطابقة للوزن”80″ جرام. لافتاً إلى وجود دعم آخر تقدمه للوقود يصل إلى 10% للشاحنات التي ترحل القمح من بورتسودان، فضلاً عن دعم الغاز، وأضاف: رغم كل ذلك لا يتوفر الخبز ويعاني المواطنون، لذلك لابد من وضع معالجة جذرية لهذه المشكلة بدعم الإنتاج بزيادة زراعة القمح.
وأكد معتز أن رفع الدعم فيه مخاطر على المواطن لكن في المقابل بقاؤه فيه مخاطر على الوطن، وأضاف: رفع الدعم ليست معركتنا الآن بل يجب مناقشة الناس لأننا لسنا دولة (حيارى).
الوقود.. دموع على خد وطن
أما حول أزمة الوقود، كشف معتز عن دعم حكومته لـ6 أصناف من الوقود بما في ذلك وقود الطائرات، واصفاً ما تقوم به الحكومة حالياً هو (بيع كسر عديل). موضحاً شراءهم ناقلة النفط بـ”40″ مليون دولار في الأسبوع وعائد بيعه “4” ملايين دولار، وأضاف: إذا أردنا أن نستمر في ذلك لابد أن ننتج “الماس” ونبيعه لنغطي الكلفة، وأردف: أي تاجر في الكسر الآن في سجن الهدى. قاطعاً أنه بهذه الطريقة لن يبنوا وطناً.
ونقل معتز عن غرفة النقل امتلاكها نحو 14 ألف شاحنة وانهم يستهلكون نحو 65% من الجازولين، موضحا أنهم يستوردون خمسة شحنات ونصف متنوعة أسبوعياً وأن ما يتم استخدامه “2” ونصف فقط أما “3” يتم تهريبها بكلفة تقدر بـ”80″ مليون دولار تذهب منها “8” ملايين دولار لغير المستحقين، وأضاف “أما البنزين فهو لا يستخدم في مركبات النقل العامة أو الشاحنات. أما وقود الطائرات فنحن نبيعه بربع القيمة للطائرات التي تتزود بالوقود من السودان”، وأضاف “الدرب الذي نسير فيه لن يوصلنا إلى الإمام” وأردف: الموضوع وطن وليس مباراة تنتهي بمهزوم ومنتصر.
ووصف معتز أزمة الدواء بأنها بسيطة، ولفت إلى لقاءات مكثفة بينه وغرفة مستوردي الأدوية حيث قدمت مقترحات سوف يتم الإعلان علنها وتنفيذها في غضون شهر ومعالجات أبرزها توطين صناعة الدواء بالداخل، منوهاً إلى التوقيع يوم 25 ديسمبر الجاري على اتفاق مع غرفة مستوردي الأدوية.
عمد الرجل لتحميل أزمة شح النقد إلى المضاربات وتجار العملة وأضاف أنه على الرغم من وجود هذا النشاط في العالم أجمع الآن ولكنه مقنن ويتم على الملأ، ودعا موسى التجار لفتح صرافات مجاناً وأن يديروا نشاطهم في العلن ونصحهم بتقوى الله في الوطن والمواطن، وأضاف أنهم أبناء السودان، وإذا لم يلتزموا بذلك فلابد من إجراءات وضوابط.
صحيفة السوداني.