سياسية

الحكومة السودانية تحقق في مقتل 19 متظاهراً… والصحافيون يعلنون إضراباً


بشارة جمعة أرور وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة

أعلنت الحكومة السودانية، أمس، فتح تحقيق في مقتل 19 شخصاً، وإصابة 406، خلال موجة الاحتجاجات الحالية، بينما أعلن صحافيون وأطباء وصيادلة سودانيون الدخول في إضرابات والمشاركة في الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح البلاد منذ 9 أيام. في هذه الأثناء، أعلن حزب شريك في الحكومة الانسحاب منها تضامناً مع مطالب الشعب.

وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، بشارة جمعة أرور، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن 19 شخصاً، بينهم شخصان من القوات النظامية، لقوا مصرعهم في الاحتجاجات فيما أصيب 406 أشخاص، ووعد بإجراء تحقيق رسمي، متهماً جهات خارجية وداخلية باستغلال المظاهرات السلمية، ومحاولة توظيفها لتحقيق أهداف سياسية، بالمبالغة في أعداد القتلى. وكانت منظمة العفو الدولية قد أعلنت أنها وثّقت 37 حالة قتل في الأيام الخمسة الأولى من احتجاجات السودان، برصاص القوات الحكومية.

ووصف المسؤول الحكومي المظاهرات بـ«السلمية»، قائلاً إن الشرطة حمت المتظاهرين، وإن الوفيات حدثت أثناء أعمال التخريب، وإن أعداد الجرحى والمصابين أثناء الاحتجاجات بلغت 187 من القوات النظامية، و219 من المواطنين، أغلبهم تماثلوا للشفاء، متهماً مرة أخرى جهات داخلية وخارجية باستغلال المظاهرات لتحقيق مكاسب سياسية. وبحسب الوزير، فإن بلاغات جنائية دونت ضد رئيس حركة تحرير السودان – دارفور، عبد الواحد محمد نور، وإن السلطات ستطلب تسليمه عبر الشرطة الدولية (الإنتربول)، وقد ضبطت السلطات 107 عناصر، معظمهم من حركة عبد الواحد، إضافة إلى 42 خلية خارجية تعمل في التقاط الصور والفيديوهات المفبركة وصناعة الشائعات.
وتعهَّد بإعادة فتح الجامعات والمدارس متى ما عادت الأوضاع في البلاد إلى الاستقرار، وقال إن أزمة الخبز والنقود والوقود ستُحل ابتداء من منتصف الشهر المقبل.

من جهة أخرى، ألقت سلطات الأمن القبض على عدد من الصحافيين المضربين تضامناً مع الاحتجاجات والمظاهرات من أمام صحيفة «التيار» المستقلة، واحتجزتهم قرابة الساعة، قبل أن تفرج عنهم لاحقاً، وهم: «شمايل النور، مها التلب، علي فارساب، محمد سلمان، عبد الله ود الشريف، عمار حسن، محمد أمين يس، عمار محمد آدم».

وقال صحافي من المفرج عنهم إن رجالاً بثياب مدنية أشهروا في وجوهم السلاح، واعتدوا على بعضهم بالضرب، قبل أن يقتادوهم على عربة نصف نقل إلى أحد مقرات جهاز الأمن، ليعتذر لهم الضباط ويبرروا الاعتقال بأنه ناتج عن «تقديرات ميدانية».

وشارك عشرات الصحافيين في إضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية، وبالتنسيق مع تجمع المهنيين السودانيين، وقال مسؤول في الشبكة إن الاستجابة للإضراب جاءت بنسبة تتراوح بين 50 و80 في المائة. وأعلنت شبكة الصحافيين، وهي تنظيم نقابي مستقل وموازٍ لاتحاد الصحافيين الحكومي، إضراباً عن العمل لمدة ثلاثة أيام على خلفية الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، الأسبوع الماضي، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وتضامناً مع دعوة «تجمع المهنيين السودانيين» الذي نظم احتجاجات أول من أمس وسط الخرطوم.
وقالت في تعميم لأعضائها من الصحافيين والمواطنين أول من أمس: «نعلن عن إضراب احتجاجاً على عنف السلطات ضد المتظاهرين اعتباراً من صباح الخميس 27 ديسمبر (كانون الأول) لمدة ثلاثة أيام».

وكان «تجمّع المهنيين السودانيين» قد دعا إلى المضي قدماً في المظاهرات، وبحسب بيان أصدره فإنه، واستناداً على نجاح مظاهرة الثلاثاء التي نظمها، دعا المواطنين لمواصلة التظاهر، وحث أعضاءه من المهنيين على الانخراط في الإضرابات.

وفي تطور آخر، تقدَّم وزير ولائي في حكومة الرئيس عمر البشير باستقالته التي أعلن فيها تضامنه مع المد الشعبي الذي تشهده البلاد. وذكر وزير الصحة والتنمية الاجتماعية في الولاية الشمالية عبد الرؤوف قرناص، وهي من الولايات التي شهدت احتجاجات عنيفة، الأسبوع الماضي، أنه استقال متضامناً مع ما سماه «المد الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي». ويمثل الوزير المستقيل أحد أحزاب الأمة التي انشقت عن الصادق المهدي، ويقود التيار المنشق ابن عمه مبارك الفاضل المهدي الذي كان قد شارك في حكومة الرئيس البشير أكثر من مرة، وحصل في المرة الأولى على منصب مساعد الرئيس، قبل أن يستقيل منه منذ سنوات، ثم عاد مشاركاً في الحوار الوطني، وشغل منصب وزير الاستثمار ونائب رئيس الوزراء في حكومة بكري حسن صالح، قبل تكليف معتز موسى برئاسة الوزارة.

وبحسب قيادي في الحزب، فإن استقالة الوزير هي إعلان من قيادة الحزب عن فض شراكته مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وخروج نهائي من الحكومة الحالية، والانتظام في صف المنادين بنظام بديل. وقال قرناص بحسب نص الاستقالة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، إن الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني»، لم يفِ بتعهداته التي شارك حزبه بناء عليها في الحكومة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني. وندد الوزير المستقيل بما سماه «ضيق وانسداد أفق الحلول للمشكلات الاقتصادية، والانفراد بالرأي دون إيلاء وجهات النظر المختلفة، من القوى المشاركة مع الحزب الحاكم في الحكومة، خصوصاً ما يتعلق بإدارة الاقتصاد، وحل الأزمة الخانقة التي ظلت ترزح تحت نيرها البلاد».

وأوضح الوزير أن موقفه يتسق مع موقف حزبه الذي يطالب بتأسيس نظام جديد، وهو ما ذكره رئيس الحزب مبارك الفضل المهدي، في رسالة نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، بأن حزبه سحب ممثله الوحيد في الجهاز التنفيذي، وأنه تقدم باستقالته استجابة لقرار حزبي، ودعماً لانتفاضة الشعب، معتبراً استقالة الوزير ضرباً لمثل يؤكد أن «الاستوزار» الهدف منه خدمة الشعب، ولا معنى للاستمرار فيه إذا لم يخدم هذه المصالح.

الخرطوم-صحيفة الشرق الأوسط