اقتصاد وأعمال

“50” ألف جوال يومياً لمخابز الخرطوم حصص الدقيق.. هل تغلق (الزيادة) منافذ الأزمة؟


أعلن اتحاد المخابز بالخرطوم زيادة حصة الولاية من الدقيق إلى (50) ألف جوال، بدلاً عن الحصة السابقة البالغة “43” ألف جوال، في وقت أكد فيه انحسار أزمة الخبز بصورة كبيرة، وبحسب ما نقله المركز المركز السوداني للخدمات الصحفية، عن رئيس الاتحاد “يحيى موسى” قال إن المطاحن ملتزمة بتوفير وانسياب الدقيق للمخابز بالصورة المطلوبة، مشيراً إلى أن المطاحن تقوم بتوفير (47- 50) ألف جوال دقيق يومياً لولاية الخرطوم، مؤكداً توفر الدقيق بالمخابز وانحسار الصفوف بها، وأوضح “موسى” أن دعم الحكومة لسلعة الدقيق أسهم في استمرار عمل المخابز وتوفير الخبز. وأتى التطبيق الفعلي لزيادة حصة الولاية من الدقيق بعد شهرين من تأكيد الاتحاد على لسان أمينه العام جبارة الباشا، في ديسمبر الماضي أن إمداد المخابز بالخرطوم سيرتفع إلى “50” ألف جوال يومياً بصورة دائمة لمقابلة الفجوة التي يصفها الاتحاد بـ “المحدودة”.

تواضع إنتاج

وأجبرت الأزمة الطاحنة التي عانتها البلاد في توفير الخبز للمواطن في إبقاء موازنة العام 2019 على دعم القمح، حيث كان الاتجاه السائد للحكومة رفع الدعم تدريجياً، ولكن ما حدث بالفعل نقيض ذلك، حيث زاد دعم جوال الدقيق بنسبة تفوق “600%” حيث مبلغ الدعم الأساسي “100” جنيه لكل جوال تم رفعها إلى “250” جنيهاً ثم إلى “350” ثم مؤخرًا إلى “600” جنيه لكل جوال رغم تشكيك البعض في صحة مبالغ الدعم الحالية.

رغم ارتفاع حجم إمداد المخابز من الدقيق من جهة، وزيادة الحكومة المستمر لدعم الجوال من جهة أخرى، إلا أن الوضع لم يحل جذرياً، وما يزال السودان معرضاً لمخاطر نقص القمح والدقيق، بسبب تواضع الإنتاج المحلي الذي لا يتجاوز “17%” من حجم الاستهلاك، مع تزايد الاستهلاك إلى مليوني طن سنويًا.

تشديد الرقابة

وطبقت حكومة ولاية الخرطوم سياسات جديدة تشمل تكوين آلية إدارية على مستوى المحليات لمتابعة التوزيع المنطقي والعادل للدقيق حتى يصل للمواطن خبزاً فقط، وذلك بعد رفع الحكومة دعمها لجوال الدقيق، ونادت سلطات الولاية بتصنيف المخابز من حيث إنتاجها للخبز وتقييدها بالمعايير المتعارف عليها، كما حث اللجان الشعبية على إحكام السيطرة على التوزيع حسب الكثافة السكانية للمنطقة.

ويقلل وكيل توزيع دقيق بإحدى محليات الخرطوم، تحدث لـ “الصيحة” ـ مفضلاً حجب هويته ـ من فاعلية زيادة حجم الدقيق دون التشديد في معايير الرقابة، مرجعًا سبب الشح لتغير وعدم ثبات سياسات استيراد الدقيق والقمح، موضحًا أن قرار وزير المالية السابق ووزير الصناعة الذي تم بموجبه وقف استيراد الدقيق كان له نصيب كبير من الأزمة الحالية، لافتاً إلى أن استيراد الدقيق جاهزاً كان يمكن البلاد من الخروج من أي أزمة تتعلق بالخبز، ولكن بعد وقف الاستيراد والاعتماد على القمح والطحن المحلي برزت مشكلات لم تفلح جهود الحكومة في معالجتها حتى الآن.

معالجات سابقة

بالعودة إلى الوراء قليلاً، نجد أن تكرار أزمة الخبز دعا الحكومة إلى أن تتخذ من السياسات ما جعلها تسحب حوالي 50% من صلاحيات المطاحن التي كانت تشرف على استيراد وتوزيع الدقيق على المخابز بوقفها استيراد الدقيق، معتمدة فيها على سياسة استيراد القمح، وقررت حصر استيراد القمح على المخزون الاستراتيجي فقط، على ـن يتم توزيع الدقيق على المخابز مناصفة بينه والمطاحن، وأثمرت تلك السياسة توفير حصص المخابز من الدقيق ووفرة في الخبز فى ظل ازدياد عدد المخابز ما جعل أصحابها يشكون من سياسة تصديق الحكومة لمخابز جديدة، الأمر الذي جعلها تعمل بنسبة 30% من طاقتها.

اختلال السياسات

وعانت صناعة الخبز منذ مطلع العام الحالي من صعوبات جاءت نتيجة لتقلب السياسات الحكومية، فبعدما كان دقيق الخبز مدعوماً كلياً من الحكومة، رفعت موازنة 2018 هذا التوجه فارتفع سعر الجوال من 240 جنيهاً إلى 500 جنيه، وباتت قطعة خبز واحدة بجنيه، وضاعف اتجاه الحكومة لتعويم العملة الوطنية من المحنة فارتفع السعر الرسمي للدولار من حدود 16 جنيهات إلى 28 جنيهاً، قبل أن تجهز آلية صناع السوق على 66% من قيمة العملة بمساواة السعر الرسمي بالموازي، وهذه السياسات أدت لاحقًا لارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية فارتفعت مدخلات إنتاج الخبز من الخميرة والمحسنات لما يقارب 200% من سعرها السابق مما أرغم الحكومة على زيادة دعم الخبز من 100 إلى 250 جنيهاً ثم إلى 350 جنيهاً ثم أخيرًا إلى 600 جنيه للجوال.

صحيفة الصيحة.