اقتصاد وأعمال

الكاش .. بين مطرقتين


مجدداً يرمي بنك السودان المركزي الكرة في ملعب البنوك، في شأن استمرار معاناة العملاء في سحب مدخراتهم في القطاع المصرفي، وحمل حديث لمحافظ البنك المركزي أمس تهديدًا بفرض عقوبات على البنوك غير الملتزمة بتغذية صرافاتها الآلية، فيما رهن مصدر مطلع بأحد المصارف استمرار تغذية الصرافات بقدر ما يرد للبنوك من أموال مخصصة لذات الغرض..

*تهديد متجدد

أمس الأول، توعد محافظ بنك السودان المركزي، د. محمد خير الزبير، مجدداً البنوك غير الملتزمة بتغذية الصرافات الآلية، وأكد الاستمرار في توقيع عقوبات على الصرافات الآلية غير الملتزمة، وأعلن انفراج أزمة الأوراق النقدية في مارس المقبل تزامناً مع طرح فئة الـ “500” جنيه الجديدة، مشيراً لضخ البنك المركزي مبالغ كبيرة من فئتي الـ “100” و”200″ جنيه التي تمت طباعتها مؤخراً، لمعالجة أزمة السيولة المستمرة منذ عدة أشهر.

*اختبار النجاح

سنعود للوراء قليلًا، لنتعرف على خطوات حل المشكلة، وهل تمت بنجاح أم لازمتها عقبات.. وهنا نستحضر توجيه رئيس الوزراء معتز موسى، قبل نحو 6 أسابيع بمعاقبة المصارف التجارية الممتنعة عن تغذية الصرافات الآلية لأكثر من 24 ساعة بفرض عقوبات مالية، وهو السؤال الذي يؤكد بجلاء مواجهة سياسات الحكومة لعقبات حالت دون تمكنها من تنفيذ تعهداتها بمد المصارف بالأموال، وإلا لما عجزت البنوك عن تغذية الصرافات الآلية.

وخلال ذات التوقيت تعهد بنك السودان المركزي عبر منشور رسمي صادر عن الإدارة العامة للعمليات المصرفية باستعداده لمقابلة طلبات المصارف بالعاصمة والولايات، وأكد المركزي تسليم المصارف كامل احتياجها لتعبئة الصرافات الآلية، وأشار إلى أنه تم إرسال الإرساليات النقدية إلى فروع بنك السودان المركزي بالولايات لمقابلة طلبات المصارف بالولايات، والاستمرار في تغذية الصرافات الآلية طوال الفترة القادمة ومراقبة أداء الصرافات الآليه عبر نظام التحكم الإلكتروني طوال اليوم.

*فشل التعهدات

حسناً.. هناك ما تسبب في عدم تطبيق تلك التعهدات، وهنا يكشف مصدر بأحد البنوك التجارية، في حديث لـ “الصيحة”، عن عمل جميع صرافات البنك بشكل معتاد موضحًا أن الأرجح هو عدم تغذية الصرافات بعد نفاد الأموال الموجودة فيها، وهو الرأي الأكثر مقبولية لجهة أن توقف الصرافات كان يوم الجمعة وتواصل حتى مساء أمس

يضيف المصدر- أن أحد المطالبات الرئيسية التي دفعت بها المصارف للبنك المركزي تتمثل في “استمرارية تسليم الأموال” التي بدورها تمكن البنك من تغذية صرافاته، مشيرًا أن الخلل بطبيعته غير مُساءَل عنه البنك صاحب الصرافة، بقدر ما هي مسؤولية البنك المركزي الذي لم يمكن المصارف من الأموال اللازمة لتغذية الصرافات، قاطعًا بأن ورود أي مبلغ للمصرف يعني تلقائيًّا تمكين العميل من الحصول عليه سواء عبر منافذ البنك وأفرعه أو عبر الصرافات الآلية، وأما العجز- بحسب المصدر- يرجع للأسباب سابقة الذكر “عدم مد البنك المركزي للبنوك بالمال.”

*الحاجة للوقت

الخبير المصرفي وعميد كلية الدراسات المالية والمصرفية، د. خالد الفويل، قال إن إجراءات الحكومة لمعالجة أزمة السيولة تحتاج لمزيد من الوقت، فهي حاليًّا برأيه غير قادرة على ذلك مشيرًا إلى أن التحسن يكون تدريجيًّا وحل مشكلة تراجع العملة ومعالجة أي اختلال لضمان عدم العودة للوضع السابق، موضحًا أن الحل يتمثل في تطبيق حزمة كلية من السياسات الاقتصادية، لأن الأزمة ترجع لاقتصاد كلي، ورهن نجاح المصارف في تلبية مطالبات العملاء باستعادة ثقتها فيهم أولًا وجذب المدخرات والودائع للمصارف.

*مطالب البنوك

تتمثل أبرز مطالب البنوك في استمرار التغذية بشكل دوري حتى لا تحدث فجوة علاوة على إعادة ثقة العملاء وجذب أموالهم المدخرة خارج المصارف وهي كتلة نقدية كبيرة وجذب الودائع للبنوك. وشهد الشهر الماضي قيام البنوك بتغذية الصرافات الآلية بمبلغ 22 مليار جنيه مما أدى لتشغيل 84% من الصرافات الآلية الموجودة بالخرطوم توجد بها نقود وتواصل عملها دون انقطاع، ولكن ذلك لم ينه مشكلة شح السيولة كليًّا، حيث ما تزال البنوك تصرف للعميل مبلغ ألفي جنيه حال كان حسابه بنفس الفرع، وألف جنيه للحسابات بفروع أخرى.

أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزيرة، د. إيناس إبراهيم تشير إلى أن المسؤولية تقع على عاتق البنك المركزي وليس المصارف، موضحاً أن تزويد البنوك بالمال هو الذي يمكنها من تغذية الصرافات، وقالت إن الأمر مرهون باستمرار البنك المركزي بمد المصارف بالنقد بشكل مستمر دون انقطاع، بالإضافة لقدرة القطاع المصرفي على استعادة ثقة العملاء بما يؤدي لتزايد طلبات الإيداع دون خوف من الحصول على الأموال عند الحاجة.

صحيفة الصيحة.


تعليق واحد

  1. مع دور الحكومة الرئيسي فان الدور الاهم هو دور القطاع الخاص لان ٨٠٪ من السيولة تخصه فاذا كان القطاع الخاص لا يودع في البنوك ويسحب كل ارصدته فمن اين تاتي البنوك بالنقد ؟ هنالك لعبة مكشوفة يغيب عنها الاعلام وهي شراء الشيكات او البيع الاجل مقابل النقد بفروقات او ما يسمي الكسر يتم تعويضها بشراء الدولار وتحويله الي دبي لرفع قيمته وهذه افكار شيطانية مستوردة بعناية وترتيب متقن لشل الاقتصاد وانهيار الدولة وللاسف الشديد وخبرءنا يرددون عبارة ان النقود لدي البنك المركزي واعلامنا مشارك برمي الكرة في ملعب الحكومة فقط … لا نعرف لماذا يسكت الاعلام عن هذه الحقائق ؟ هل للجهل ام الخوف ام التواطؤ ؟