البيض والسياسة.. تاريخ من الاحتجاجات
يعتبر الرشق بالبيض تقليدًا سياسيًا قديمًا للتعبير عن الاحتجاج، فما الذي يمكن أن يرمز لفساد السياسي ويهينه، أكثر من صفار لزج، يسيل على ملابسه؟
ويحفل التاريخ برشق البيض كنوع من الإشارة للفساد في ميادين عدة، إذ كان السجناء في العصور الوسطى يقفون بانتظام، ويرشقون بالبيض، وكان رواد مسرح عصر النهضة، في فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى في بريطانيا، يرمون البيض الفاسد على الممثلين للاعتراض على أدائهم السيئ، ويقال إن هذا الأمر هو ما مهد لاستخدام هذه الطريقة، في مسرح السياسة اليوم.
كما كانت الروائية البريطانية ماري آن إيفانس، التي نشرت أعمالها باسم “جورج إليوت”، على دراية كبيرة بهذه الممارسة عندما كتبت رواية “ميدلمارش” في ثلاثينيات القرن الـ 19، إذ أخضعت شخصية “السيد بروك” للمصير المهين، بجعله يُرشق بالبيض خلال خطابه الانتخابي.
وانتقل طقس الرشق بالبيض من المسرح والأدب إلى السياسة في العصر الحديث، وفيما يلي، مواقف استخدم فيها الرمي بالبيض كنوع من الاحتجاج السياسي:
الاحتجاج على عنصرية فرايزر أنينغ ضد المسلمين
تحول المراهق الأسترالي ويليام كونلي، من مجرد صبي يعيش في ريف ملبورن، إلى بطل على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهر في مقطع فيديو انتشر على الإنترنت يوم السبت، وهو يكسر بيضة على رأس فرايزر أنينغ، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كوينزلاند الأسترالية.
وكان أنينغ في منتصف مؤتمر صحافي، يلقي باللوم على هجرة المسلمين، في الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا يوم الجمعة، عندما كسر الشاب البيضة على رأسه محتجًا على عنصريته، مما جعل السيناتور يضربه بدوره بعنف على وجهه، كما احتجزته الشرطة، إلا أنها سرعان ما أفرجت عنه من دون توجيه اتهامات له.
ولاقى المراهق ثناء كبيرًا على الإنترنت، حيث وصفت تعليقات أنينغ بالمروعة، وأطلقت حملة لإقالته من مجلس الشيوخ الأسترالي، وفقًا لموقع “ديلي ميل”.
الاحتجاج على منع إيران عبور ناقلات الوقود لأفغانستان
شارك مئات الأفغان، بينهم نساء، برشق السفارة الإيرانية في كابول والقنصلية الإيرانية في هرات بالحجارة والبيض عدة مرات في عامي 2010 و2011، احتجاجًا على منع إيران عبور ناقلات الوقود عبر الحدود، مما تسبب بارتفاع أسعار وقود التدفئة في فصل الشتاء.
كما ندد المتظاهرون الغاضبون بمقتل أقاربهم، على أيدي حرس أمن الحدود الإيرانيين، ورددوا شعارات مثل: “الموت للحكومة الإيرانية”، وأحرقوا صورًا للرئيس الإيراني وقتها أحمدي نجاد، وفقًا لموقع “واشنطن بوست”.
احتجاج على أسعار البيض في أوروبا
عبر المزارعون الفرنسيون عام 2013، عن احتجاجهم على أسعار البيض المنخفضة، التي حددها الاتحاد الأوروبي، بتحطيم مئات الآلاف منه في الشوارع الرئيسية، وبالقرب من المتاجر، في منطقة “بريتاني”، التي تعتبر المعقل الرئيسي لتربية الدواجن في فرنسا.
وتكبد المزارعون خسائر فادحة بسبب تشديد المعايير الأوروبية بالتزامن مع تخمة في الإنتاج، وفقًا لموقع “يو إس إيه توداي”.
الاحتجاج على اتفاقية الغاز بين أوكرانيا وروسيا
اضطر بعض النواب في البرلمان الأوكراني عام 2010، لاستخدام المظلات بغية حماية رئيس البرلمان فولوديمير ليتفين، من وابل البيض الذي انهال عليه، وشوهد أحد الأعضاء وهو يحمل منديلًا لمسح الدم عن أنفه النازف، في حين مُزقت قمصان البعض وأُطلقت قنابل الدخان في المكان، بعد أن أقرت الأغلبية تمديد بقاء البحرية الروسية، في ميناء أوكراني حتى عام 2024.
وكان نواب بطالبون بإزالة قاعدة روسية في البحر الأسود، في شبه جزيرة القرم بمجرد انتهاء عقد الإيجار، لأنها تضر بمصالح أوكرانيا باعتقادهم، إلا أن البرلمان الأوكراني أقر، رغم الفوضى، تمديد بقاء تلك القاعدة 25 عامًا إضافية، وفقًا لموقع “تيليغراف”.