سياسية

مقصلة إيلا.. هل ينجو الاقتصاد من دولة الأفندية العميقة؟!!

بالقاضية انهال محمد طاهر إيلا منذ لحظة تعيينه رئيساً للوزراء على مؤسسات ظل الكثيرون ينظرون إليها باعتبارها (فوق السلطة). ووفقاً لهذا التصنيف الشعبي شبه المطلق، ظل كثير من الشباب يتحاشون التقدم المسبق للالتحاق بوظائفها المرموقة بعد أن ترسخ في أذهانهم لسنوات أنها حصن حصين وحكر محتكر للإسلاميين ومنسوبيهم. المؤسسات التي تشهد مراجعة أو تلك التي في الطريق وإن اختلف الناس حول أهميتها الحيوية لشرايين الاقتصاد، إلا أنهم يتفقون على أنها تفتقد لديناميكية مطلوبة، ما جعل والي شمال كردفان السابق أحمد هارون يشبهها بدولة الأفندية العميقة، وهو ذات الوصف الذي قال به وزير المالية الأسبق د.بدر الدين محمود.

قاضية إيلا

وبغض النظر عن صحة تلك الاعتقادات أو عدمها، فإن ما أقدم عليه محمد طاهر إيلا من إجراءات وقرارات قضت بحل بعض المؤسسات وإقالة آخرين من مواقعهم، ما هي إلا ترجمة عملية لخطاب رئيس الجمهورية المشير عمر البشير للأمة السودانية في 22 فبراير الماضي التي أعلن فيها عن مراجعة شاملة لمؤسسات وهياكل الدولة.
بجرأة خلفت كثيرا من الجدل والاحتجاج قرر رئيس الوزراء حل أهم وأكبر مؤسسات مالية حكومية بالبلاد في سياق ثورته الإصلاحية مستهدفا المؤسسة السودانية للنفط وهي مؤسسة عملاقة تمتلك أصول عينية ومالية ضخمة، ثم أصدر قراراً بحل شركة السكر السودانية، ثم أعفى بقرار أخير الأمين العام بالجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي وحل مجلس إدارته وهي المؤسسة التي يرى خبراء اقتصاد أنها أضخم وأغنى مؤسسة مالية بالبلاد وتمتلك استثمارات ضخمة خاصة في مجال الأراضي والعقارات وتقوم باستثمار أموال المعاشيين والتأمين الاجتماعي.

أهدافٌ ومَرامٍ

كثيرٌ من المراقبين اعتبروا أن قرارات إيلا تهدف لإعادة القوة والفاعلية للأجهزة الحكومية والتخلص من المؤسسات الموازية بغرض السيطرة على موارد البلاد وإنهاء الازدواجية في المهام والقرارات بغرض زيادة الموارد وجذب الاستثمار وترشيد الصرف وزيادة الإنتاج وومكافحة الفساد وإيقاف الصرف خارج إطار الميزانية. فيما يرى آخرون أن الرجل طبق بشكل سريع خطاب رئيس الجمهورية خاصة في شق مراجعة مؤسسات وهياكل الدولة الذي مثل استجابة لإنفاذ مخرجات الحوار بجانب استجابة نسبية لمطالب المعارضة السياسية وتجمع المهنيين السودانيين، واعتبروا أن هذه الخطوات التي تهدف لحيادية مؤسسات الدولة الرسمية، ستسهم في تسريع خطوات الحل السياسي الشامل.

أثر القرارات

يقول وزير الدولة السابق بمجلس الوزراء طارق توفيق في تعليقه لـ(السوداني)، إن قرارات إيلا تعد تنفيذا واضحا لبرنامج إصلاح الدولة، وفق عمل مؤسسي يتم بموجب قوانين ولوائح يجب الالتزام بها.
وفضلاً عن أثرها المعنوي على الشارع العام، فإنها تصب في ولاية وزارة المالية على المال العام وتفتح الباب واسعاً أمام القطاع الخاص ليبرز دوره.
وشدد توفيق على ضرورة أن تصب القرارات في توظيف الموارد للتنمية والخدمات وفتح فرص عمل جديدة للشباب خاصة الاستثمارات الخاصة بالجهاز القومي للاستثمار والضمان الاجتماعي في إنشاء مخططات صناعية ودعم بنوك مثل التنمية الصناعية والزراعي، ومؤسسة التمويل الأصغر للشباب والمجتمع بما يدعم الاقتصاد الكلي للبلاد.

أهمية الدراسات

أما الخبير الإقتصادي د.محمد الناير أكد في حديثه لـ(السوداني) أن إيجابية قرارات رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا تكمن في أنها تؤدي لخفض الإنفاق العام في الدولة باعتبار أن كل الهيئات والمؤسسات التي طالتها القرارات الأخيرة، تحصل على رواتب مرتفعة جداً تختلف عن ذات الرواتب التي يحصل عليها من هم في الوزارة المعنية.
ويشير الناير إلى أن حل الهيئات ودمجها في المؤسسات يمكن الهيئات نفسها من خلال عامليها من القيام بذات الدور بالهيكل الخاص للوزارة وإزالة المفارقات في الأجور في القطاع العام بصورة كبيرة، ويعتقد أن القرارات والتعديلات الأخيرة أرست مفاهيم جديدة منها عدم وجود لبقاء الأشخاص لفترات طويلة في مواقعهم بالإضافة لمجالس الإدارات.
ويفترض الناير أن تكون قرارات رئيس الوزراء مسنودة بدراسة علمية وأن يكون لدى الدولة الإجراءات الخاصة بمقابلة ما سيترتب على تلك القرارات.

الخرطوم: عبد الباسط إدريس
صيحفة السوداني