الأخبار

ظل فيسبوك يفتك بالسودانيين .. فسحة للحرية والقمع أيضاً

لأسباب تتعلق بالسلطة التي حصل عليها “مجتمع فيسبوك”، رفضت مسؤولة حكومية سودانية، تسلمت وظيفتها حديثاً في المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الإدلاء بأي تصريحات للصحافة.

وقالت المسؤولة التي طلبت عدم ذكر اسمها أو الإشارة إليها، لـ”العربية.نت”، إنها تفضل الانهماك في مسؤوليتها الجديدة بعيدا عن الظهور الإعلامي الذي يعرضها “لإزعاج فيسبوك”، على حد قولها.

وإذا كانت الثورات القديمة مدينة في نجاحها للقطارات و”ورق الروينو”، فإن السودانين مدينون في ثورتهم التي اشتعلت في ديسمبر من العام الماضي للتكنولوجيا الحديثة، وصفحات فيسبوك وتويتر التي ساعدت الشارع السوداني على أن يكون أكثر فاعلية في فضح ومقاومة النظام السابق.

إذا كانت ثورة أكتوبر 1964 في السودان مهدت الطريق لوصول فاطمة أحمد إبراهيم (1932- 2017) إلى البرلمان باعتبارها أول امرأة…
طموح السودانيات لم يستكن.. عين “الكنداكة” على المناصفة السودان

وفي حين يطمع كثير من النشطاء في جعل فيسبوك أكثر حرية للمساعدة على مراقبة الحكومة، ومنبرا لإبداء الآراء في المجال السياسي، فضلا عن توسيع المجال العمومي واختبار الديمقراطية، كما يقول الصحافي السوداني راشد عبد الوهاب الذي تحدث لـ”العربية.نت”، أحس بعض المسؤولين على ما يبدو بثقل هذا “الظل”.

ففضاء فيسبوك الكاسح في السودان لم يتوقف عند حدود إبداء الرأي والمشاعر، خاصة بعد نجاح الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير المتحالف مع الإخوان المسلمين، حيث تحول فيسبوك إلى مكان قمعي ومخيف بالنسبة إلى الأفراد الطامحين للالتحاق بوظائف عامة في حكومة الثورة.
انتقادات حادة لمرشحي حمدوك

وتعرض كثير من المرشحين لتولي الوزارات في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للانتقادات الحادة في فيسبوك، وكانوا عرضة للتشهير وتشويه السمعة من قبل خصومهم.

ومن واقع أن كل صاحب حساب على فيسبوك يعتبر صحافيا محتملاً فإن الفضاء فيه يتيح فرصة كبيرة لنشر المعلومات الخاطئة والإشاعات المدمرة، كما رأى راشد عبد الوهاب. وأضاف: “بالنسبة للشارع السوداني المفعم بمشاعر الثورة والانتصار، يمثل فيسبوك أداة مجربة لتحقيق الانتصار، وفي ظل هذه الخاصية أصبح مستودعا لكم هائل من المعلومات غير المدققة التي يمكن صناعتها لتصفية الحسابات مع الخصوم، خاصة السياسيين والشخصيات العامة”.

حرب شعواء..ضد مدني عباس

وبالتوازي، كان القيادي بقوى الحرية والتغيير، مدني عباس مدني، وقبل أن تتم تسميته وزيرا للصناعة والتجارة، قد واجه في الأسابيع الماضية اتهامات متعددة على فيسبوك، فحواها أنه تصرف بشكل خاطئ أثناء إدارته لمنظمة ممولة تعمل في مجال التنمية بالسودان.

فقد اتهم بتبديد أكثر من 80 ألف دولار حصل عليها من منظمة خارجية لإقامة مشاريع تنموية في إقليم دارفور، غرب السودان. وقال المتهمون إن عباس مدني لم يقم بزيارة دارفور، فضلا عن أن يقيم فيها المشروعات الممولة.

وزيرة الشباب.. تحت المقصلة

كما كانت تدوينات وزيرة الشباب والرياضية، ولاء البوشي، التي كتبتها بحماس ثوري في الشهور الماضية، مصدر إحراج لها، ما اضطرها للاعتذار عقب توليها الوزارة.

وكانت البوشي كتبت تدوينات منددة بالتفاوض مع المجلس العسكري في أعقاب مجزرة فض الاعتصام التي جرت في الثالث من يونيو/ حزيران، كما هاجمت مكونات تخالف قوى الحرية والتغيير، إلى جانب مهاجمة حزب الأمة القومي الذي يتزعمه الصادق المهدي.

وإبان اندلاع الثورة، تحولت مجموعة (منبرشات) النسائية من مكان لمناقشة موضوعات موغلة في الخصوصية النسوية إلى مكان مرعب بالنسبة لأفراد جهاز الأمن وأنصار عمر البشير، حيث قامت المجموعة التي تضم مئات النساء، داخل وخارج السودان، بإظهار هوية أفراد جهاز الأمن وفضح ممارساتهم باستخدام الصورة، ما اضطرهم لوضع لثام أثناء فضهم للمظاهرات.
عناصر من الشرطة السودانية في أحد شوارع الخرطوم(أرشيفية)

يذكر أنه لا تتوفر معلومات دقيقة ومحدَّثة بعدد مستخدمي الإنترنت داخل السودان، لكن عددهم حوالي 12 مليونا في العام 2015، بحسب مؤشرات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السودانية، وهو عدد أقل بقليل من نصف عدد السكان المقدر تعدادهم بأكثر من 30 مليون نسمة.

ويشير الخبراء إلى أن العدد المعلن لمستخدمي الإنترنت مناسب لازدهار سوق الهواتف الذكية في السودان.

وفي هذا السياق، قال الباحث في مجال الدراسات الاجتماعية بهاء الدين محمد عثمان، إن اهتمام نصف هذا العدد فقط بحدث واحد وشخصية واحدة كفيل بإرعابه والتأثير عليه ما لم يكن محصنا نفسيا بما يكفي.

وأضاف لـ”العربية.نت”: “فيسبوك الآن أداة للاستقطاب السياسي وتكوين الرأي العام لكن بشكل مخيف وقامع”.

العربية نت