رأي ومقالات

الطاهر حسن التوم: ‘‘الضل‘‘ الوقف ما زاد!


● يصر البعض على تضييع الفرص الاستثنائية وفي إنتاج معارك “طواحين الهواء” التى لا تنتج إلا الفشل و”ذهاب الريح”، وتبديد الأمل!
● هل هناك ما هو أكثر إيلاما من إعادة تكرار الخيبة، واستيلاد فشلنا التاريخي في تأسيس دولة مستقرة ومزدهرة، تكفل بحجم مواردها الضخمة لإنسانها حياة كريمة وآمنة.
● الذين لم يعيشوا أو يقرأوا الماضي القريب عليهم أن يدركوا أن تغيير الأنظمة وإقالة الحكام ليس فعلا خارقا أو أمرا استثنائيا في حد ذاته لنحبس أنفسنا في تمجيده.. لقد قام هذا الشعب في ٢١ أكتوبر وفي السادس من أبريل بتغيير نظامين عبر هبة شعبية، وقدم الشهداء في مسير التغيير هذا، وأزال مناصري النظامين من كراسي الوزارات ودفع ببعضهم للسجون بعد محاكمات مشهودة.

● الغاية من أي تغيير في تقديري هي صناعة المستقبل… مستقبل عجزنا عن ميلاده بعد ثورتي أكتوبر وأبريل، فعدنا مجددا لإنتاج الدائرة الخبيثة ما بين انقلاب وانتفاضة!!
● السؤال الذي كنت أتوقع من نخبنا السياسية ومن مثقفينا ومن إعلاميينا أن يقوموا بطرحه بقوة خدمة للوعي العام .. هو ماذا بعد سقوط الإنقاذ؟ كيف يمكن أن ينتج التغيير في ديسمبر فرصة جديدة تضع البلاد المأزومة في مسار جديد يضمن استدامة الديمقراطية وتغيير واقع الناس ويجنبنا الفشل مجددا؟!

● إن بلادنا مواجهة بواقع اقتصادي حاد بدأ أثره بعد انفصال الجنوب يفت في قدرة الدولة على الاستجابة لمطالب الناس.. حاولت الإنقاذ الإفلات منه عبر برامج اقتصادية ثلاثية وخماسية فما نجحت، ثم اعتمدت على دعم الخارج العربي فما استطاعت استدامته لا سيما بعد الانقسام الخليجي ومطلوباته السياسية… وما استطاعت كذلك أن تفلت من العقوبات الأمريكية، رغم أنها جربت كل أشكال الدواء المر…وما استطاعت كذلك على الصعيد السياسي في ترسيخ سلام مستدام يضمن وقف الاحتراب وإيقاف نزيفه الاقتصادي… وما استطاعت كذلك رغم حوارها الوطني الذي تداعت له معظم القوى الحزبية في خلق حالة رضا عام تجاه المشاركة في السلطة..
● كل هذا وغيره من محاولات تمت من فصيل متماسك وخبير بفنون الحكم، وبقيادة مركزية وقوية، ورغم ذلك لم ينجح في معالجة مشكلاته.
● والمطلوب الآن ممن جاء إلى الحكم أن يعمد إلى حل وتفكيك ما صعب وعسر على سابقيه، في ظل ذات الظروف الصعبة مع خلافات بائنة وسط التيار السياسي الحاكم الآن، وتعنت الحركات المسلحة، وتثاقل خطى الغرب في الدعم، ومناورات الأمريكي في رفع العقوبات، ووقوف الخليج الداعم في ذات محطة الدعم الأولى لا يتجاوزها.

● من الجيد أن التغيير الذي تم في المنطقة وتحديدا في مصر وليبيا واليمن وتونس يعطينا مقاربات جيدة لمن يريد الاعتبار بمناهج الآخرين في التعامل مع مرحلة ما بعد التحولات السياسية..
● درس تونس موضع السلامة والتقدير مقارنة بالعراق وليبيا ومصر واليمن كان الباعث فيه على النجاح بعد توفيق الله هو وجود قيادة سياسية جعلت الوطن وتحدياته أكبر من غبائن الماضي ومراراته… فهل إلى مثل هذه القيادة في بلادنا من سبيل؟ وهل تستطيع أن تدفع ثمن مواقف الوعي هذه مع تنمر الوسائط واتهامات الغلاة ومزايدة مستجدي السياسة؟!..

الطاهر حسن التوم
حال البلد


‫4 تعليقات

  1. والله أصمتوا أنتم .. هذا كلام في منتهى الفهم والرقي .. ودعوة للسودانيين كافة ولمن في سدة الحكم أن يتعاملوا بوعي مع الفرصة التي سنحت لهم الآن ويعملوا على خروج السودان من أزماته ويهيئوا الأرضية لقيام انتخابات حرة ونزيهة تكون لبنة لحكم ديمقراطي راسخ يتداول فيه أبناء السودان دورات حكم بلادهم.

  2. هل هناك ما هو أكثر إيلاما من إعادة تكرار الخيبة، واستيلاد فشلنا التاريخي في تأسيس دولة مستقرة ومزدهرة، تكفل بحجم مواردها الضخمة لإنسانها حياة كريمة وآمنة.) اقتباس

    سيستمر الفشل لان مسلسل لعبة الكراسي لن يتوقف ( تقتلع من السلطة اليوم وغدا اقتلعه منك )

    سيستمر الفشل طالما لن يتناسى القائمون على السلطة (اليوم ) وقوى الحرية والتغيير وتجمع المعنيين على الانتقام والتشفي من الكيزان وكل من يخالفهم .
    وسيتمر الفشل إذا لم يتولد لدى جميع الشعب الرغبة القوية في التسامح والعفو
    سيستمر الفشل …. إذا لم نتعظ ونستلهم التجربة الرواندية في العفو العام والمصالحة ونسيان مرارات الماضي
    سيظل موارد السودان المادية والبشرية الضخمة حبيسة في غياهب الأرض و في دواخلنا

    * سيظل الفشل جاثماً …. إذا لم تتغير عقليتنا